بقلم د. محمد الجمل: اللوبي المصري او العربي في امريكا وأسباب فشله وما هي مقومات نجاحه
خاص سياسي
كي ينجح اي لوبي في امريكا او أية دولة اخري يجب ان يكون هناك استراتيجية واضحة موحدة لمجموعة الضغط وان نحسن ونتقن فن التواصل المستديم مع الصحافة والكونجرس والشركات التجارية والنقابات المختلفة وايضا مع مراكز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاستراتيجية. يوجد الان مؤسسات خدمية اجتماعية وليس لها اي نشاط سياسي والربط بينهما غير موجود حاليا ولكن وجوده مطلوب.
وقبل ان نخوض في هذا الحديث فعلينا أولا ان نعي ما هو اللوبي ولماذا فشل اللوبي العربي في عمله لتحقيق أهدافه:
فاللوبي هو جماعات ضغط وتحالف أفراد وجماعات بهدف التأثير وتوجيه السياسة الامريكية نحو هدف معين سبق تحديده وتم الالتفاف حوله وان يكون هذا ايضا لا يتعارض مع مصالح دولة المهجر وفي هذه الحالة امريكا وان يكون ايضا في صالح اللوبي (تقاطع مصالح).
وهناك لوبيات كثيرة في امريكا وهذا حق دستوري والأمثلة كثيره في هذا المجال فنذكر اللوبي الهندي الذي كان له دوره في الاتفاق النووي بين الهند وأمريكا واللوبي الكوبي الذي أدي الي إلغاء المقاطعة الاقتصادية لنظام كاسترو لعدة سنوات واللوبي اليوناني الذي حقق لها معونة عسكرية بقيمة 70٪ من كل معونة تعطيه امريكا لتركيا. والغني عن الذكر اللوبي الاسرائيلي والذي له تأثير قوي لصالح اسرائيل والذي تمكن مؤخراً من وضع حد لتدخل اوباما في مسالة المستوطنات.
اذن لماذا نجح الآخرون ولم ننجح مثلهم؟ لماذا فشل اللوبي المصري والعربي؟ لماذا لم نأخذ بأسباب النجاح ونتبع استراتيجية شاملة وموحده؟ لماذا لا نستطيع الالتفاف على هدف استراتيجي مهم والالتفاف حول أهمية مصور وموقعها في قلب العالم؟
كيف نعرف الإجابة على هذه الأسئلة فعلينا ان نكون صرحاء مع أنفسنا لنعرف كيف تصل الي النجاح ونأخذ من الفشل دروسا وعظات.
هناك أسباب كثيرة للفشل نذكر منها:
1. عدم فهم اللوبي من قبل المصريين او العرب الأمريكان لان مفهوم اللوبي يختلف في امريكا عنه في مصر او البلدان العربية. في امريكا يعتمد اللوبي على اُسلوب المواجهة ولكن في مصر يعتمد على الأسلوب التوافقي
2. من اهم الوسائل الذي يجب ان يستخدمها اللوبي هي المشاركة الفعالة في الانتخابات الامريكية على المستوي المحلي وعلى مستوي الولاية وعلى المستوي الفيدرالي بما فيها الانتخابات الرئاسية. وهذا يتطلب أمرين: التبرع بالمال والجهد والاشتراك في الحملات الانتخابية. وحيث اننا في مصر والبلدان العربية لا نعتمد على أموال المتبرعين وعليه فاللوبي المصري والعربي ليست لديه التفوق المادي والتنظيم الذي تملكه جماعات الضغط الأخرى وهذا من أسباب فشل اللوبي المصري او العربي
3. كان معظم أوائل أفواج المهاجرين المصريون والعرب قد انصهروا مع المجتمع الامريكي بحكم التزاوج والتصاهر ولم يهتموا بالقضايا العربية حتى جاء عام 1917حيث اعترضوا علي وعد بلفور وبدات تجمعهم القضية الفلسطينية. وفي عام 1972 وبعد نكسة 1967 تم انشاء الرابطة الوطنية للأمريكان لتحسن صورة البلاد العربية وواجهوا عمليات عنصرية ضد العرب ومنها كشف فضيحة عبد الكريم الشهيرة ولكن كان كل هذا في إطار محدود لقلة التنظيم او عدمه
4. انقسام الجالية المصرية سياسيا وثقافيا ودينيا وانقسام الجالية العربية ايضا وهذا كان واضحا وجليا اثناء حرب الخليج الأولي حيث انقسمت الجالية بين مؤيد ومعارض. وابان احداث11 سبتمبر 2001 وما نتج عنها من تمييز عنصري ضد الأمريكان الذين هم من أصول عربيه دفع الجالية علي التركيز علي تمكين الجالية داخل امريكا بدلا من التركيز علي قضايا الوطن الام او السياسة الخارجية او حتي القضية الفلسطينية.
هذا من ناحية المصريين والعرب الأمريكان والآن يجب إلقاء الضوء على الدول والحكومات العربية بما فيها مصر فنري من أسباب الفشل ايضا ما يلي:
5. لا توجد استراتيجية موحده او جامعة بين أبناء الجالية كي يلتفوا حولها ويساندونها فمثلا اللوبي اليهودي لديهم هذه الاستراتيجية وهو موضوع اسرائيل بأنها دولة ديمقراطية وجامعة لليهود وطبعا ينبثق من هذه الفكرة الجامعة أفكار اخري مثل حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها وموضوع المستوطنات وهكذا. هذه الاستراتيجية ليست عندنا ولا يوجد تنسيق استراتيجي بين الدولة وبين ابئها في امريكا
6. عدم وجود استراتيجية عربية موحده لان كل دولة تبني علاقاتها مع امريكا بشكل احادي ويبدو عدم وجود تنسيق او توجه مشترك فكل دولة تحاول ممارسة الضغط بطريقة مستقلة ومؤقتة حسب الحاجة. وممارسات الضغط تتم بطريقة تكتيكية ولقضايا ضيقة مثل المعونة الامريكية وليس لبناء فكرة او صورة مستدامة. حتى التوظيف في معظم الأحيان يكون لهدف محدد وفترة محدودة. وهذا لانعدام وجود استراتيجية شاملة وواضحة توجه نشاط اللوبي. وبما ان الضغط يكون لمسائل محدودة ومؤقتة فالأفكار والموضوعات التي تطرح من خلال اللوبي لا تكون في الغالب متناسقة وهذا يفشل عمل اللوبي.
7. هناك سبب اخر في فشل اللوبي المصري او العربي وهو الانبهار بأسماء لامعة كبيره (كما حدث في موضوع موانئ دبي) بينما الضغط لا يتطلب مثل هذه الأسماء اللامعة بقدر ما يتطلب التثقيف والتعليم وبناء علاقات طويلة المدي وهناك نجاح مثلا في موضوع شراء السعودية لمقاتلات أواكس ايام ريجان حيث تواصل الامير بندر مع الشركات المصنعة (بوينج) ومع النقابات العمالية.
8. الدول العربية ومصر تعتمد على علاقاتها مع امريكا علي القنوات الرسمية وليس علي اللوبي ويتركون موظفي القنوات الرسمية لمجرد تأمين لقاءات مع بعض صناع القرار وليس الضغط عليهم مثل ما يستطيع اللوبي فعله
وَمِمَّا سبق يتضح ان للجالية في امريكا دور وعلي الدولة ايضا دور هام وعليهما التنسيق فيما بينهما في إعداد استراتيجية موحده وجامعة لمعظم طوائف الجالية. هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى التنسيق والعمل على التواصل المثمر والفعال مع الصحافة والكونجرس والنقابات والشركات وكافة المؤسسات الهامة وبطريقة دائمة وليست مؤقته
ومن المهم توزيع الأدوار بين الجالية من ناحية وبين الدولة من ناحية اخري والتركيز علي جلب الفائدة للوطن الام وجلب فوائد مباشرة ايضا لأبناء الجالية ولمجالسهم وأنديتهم ومدارسهم. علينا ان نعلم ان صورتنا في امريكا مرتبطة بصورة وطننا الام. فتحسين صورة مصر يؤدي الي دعم الجالية المصرية في امريكا والعكس صحيح. علينا في الداخل والخارج العمل على خلق رابط بين بين مؤسسات الخدمات الاجتماعية وبين منظماتنا السياسية والاقتصادية لتحقيق استراتيجيتنا الشاملة من اجل وطننا الام ومصرنا العزيزة وعلينا خلق الآليات اللازمة والضرورية نحو خلق فكرة واستراتيجية للوبي مصري عربي فعال ودائم والله الموفق والمستعان