بقلم د.محمد رضا: نحو قواعد موحدة لمسائل الأحوال الشخصية للمسلمين

خاص سياسي
منذ صدور قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين المتلاحقة وهى متفرقة ومشتته بين العديد من النصوص الواردة بعدة قوانين والتى تحكم المسائل الموضوعية والاجرائية فى الاحوال الشخصية، وقد حان وقت جمع شتاتها، فمنذ أمد طويل ومعظم الفقهاء واساتذة الشريعة الاسلامية وكبار قضاة الاحوال الشخصية فى مصر ينادون بأهمية وجود قانون موحد للتقاضى فى مسائل الاحوال الشخصية للولاية على النفس.
وذلك لأن هذه النصوص القانونية موزعة بين عدد من القوانين المتلاحقة التى مازالت مطبقة وسارى العمل بها الى وقتنا هذا، وذلك بدء من قانون 25 لسنة 1920 والمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 مرورا بالتعديلات التى اجريت على هذين القانوني، بالقانون 100 لسنة 1985، فالقانون 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض اوضاع واجراءات التقاضى، اعقب ذلك قانون انشاء محاكم الاسرة بالقانون 10 لسنة 2004.
بالتالى فهذا التشتت والتفكك وعدم ربط هذه القوانين فى إطار قانوني موحد منظم لقوانين الاحوال الشخصية فى مصر كان له مثالب عديدة وبالغ الاثر السلبى فى السنوات الماضية، كما يمثل ذلك صعوبة بالغة للمخاطبين باحكام هذه القوانين لعدم قدرتهم على مطالعة هذه النصوص بسهولة ويسر كى يعرف كل شخص حقوقه وواجباته، بعكس الحال فى مقترح حزب الوفد الذى قمت باعداده ومرور بمراحل عديدة من الدراسة على مدار اشهر وصولا الى سن قانون موحد للأحوال الشخصية للمسلمين فسيسهل على الجميع مطالعته واستيعابه ليعرف كل ذى حقه وقبل ان يعرف حقه سيعى واجباته والتزاماته جيدا.
ليس ذلك فحسب بل ان الاستمرار فى العمل بنصوص قانونية مطبقة منذ عام 1920 تشكك المخاطبين بأحكامها فى مدى مواكبتها للتطورات الإجتماعية وملاءمتها لهذا الزمن الذى نحيا فيه، بما طرأ عليه من تغيرات عديدة.
هذا بخلاف كم القصور والجمود والسلبيات التى كشف عنه تطبيق هذه النصوص القانونية المطبقة حاليا فى الواقع العملى.
والتى كان لها اثر بالغ السوء على الحياة الاجتماعية فى مصر، و لا نبالغ إن قلنا أن بعض النصوص القانونية المطبقة حاليا قد اثرت بالسلب على مئات الالاف من أفراد مجتمعنا.
مما تعالت معه أصوات لدى جموع كبيرة من المخاطبين بأحكام هذه القوانين بضرورة إلغاء وتنقيح وتعديل بعض النصوص القانونية التى تنظم مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين فى مصر بوجه عام وخاصة مواد الولاية على النفس وذلك كى تتلائم مع هذا الزمان.
كما أن العديد من الاحكام الاجرائية التى تطبق على إجراءات التقاضى حاليا فى مسائل الاحوال الشخصية اصبحت بحالتها الراهنة - ونظرا لقصورها - غير قادرة على المساهمة فى تحقيق التماسك الاسرى المنشود وتجنيب الاسرة التى فقدت تماسكها مزالق التمزق او الانهيار الكامل، وهو ما يشكل عاملا من عوامل التوتر الاجتماعى الذى آن الوقت للتصدى له ومعالجة أسبابه تحقيقا للاستقرار الاجتماعى المنشود.
هذا ولا يغنى عن البيان الاشارة أن هناك العديد من النصوص القانونية الموضوعية المطبقة حاليا منها ما هو غير متوازن بين الرجل والمراة.
كما نجد أن العديد من هذه النصوص كان لها تاثير جلل على المجتمع باثره وأبسط مثال على هذا القواعد المنظمة للرؤية فى مكان عام وخلو نصوص الاحوال الشخصية المعمول بها فى مصر الان من النص على الاستضافة.
لذا فكل ذلك دعانى الى تقديم مقترحى الموحد لتعديل قوانين الاحوال الشخصية وذلك لتبنيه داخل مجلس النواب.
فقد حاولت بقدر المستطاع منذ سنوات التركيز فى مسالة ما تتطلبه قوانين الاحوال الشخصية من تعديلات ليتحقق معها أقصى درجات العدل بين كافة أفراد المجتمع، وذلك لإعطاء كل ذى حق حقه بما يعود بالخير والصلاح على مجتمعنا.
فقد رايت ان البداية الجادة تكون فى البدء بتحليل نصوص مواد الاحوال الشخصية الخاصة بمسائل الولاية على النفس.
مع القاء الضوء على ما يستوجب تدخلا تشريعيا بضرورة تعديله وذلك لاعتبارات الملاءمة والمواءمة وذلك تحقيقا للصالح العام للمجتمع، مع وضع اطار قانونى وتصور لكيف يكون هذا التعديل.
وقد تضمنت نصوص مقترح القانون استبدال لفظ "استضافة" بلفظ "اصطحاب"، وفقا للمصطلح الفقهي والشرعي والذي بني على اساس أن الاباء لا يجوز أن يستضيفوا أبنائهم لانهم أصحاب حق في الاشتراك في رعايتهم وتربيتهم ونشأتهم وجاءت نصوص الاصطحاب بضوابط وشروط تضمن عودة الطفل لحاضنته بعد انتهاء زمن الاستضافة.
هذا واذا تعذر تنفيذ الاصطحاب – الاستضافة – فقد نص القانون على أن الرؤية لا تقل عن خمس ساعات مرة كل أسبوع ومنح القانون للطرفين الحق بطلب المنع من السفر للطفل كما فرض القانون عقوبات على من بيده الطفل حال امتناعة عن تنفيذ حكم أو قرار سواء كان حاضن أو مصطحب أو صاحب حق في رؤية من الطرفين.
ونص المشروع على أنه يثبت الحق فى الحضانة للأم وفى حالة وفاة أحد الأبوين تنتقل إلى الطرف الآخر مباشرة وينتهى حق الحضانة ببلوغ الطفل سن التاسعة، ومنح القاضي السلطة التقديرية في إختيار صاحب الحق في الحضانه حال سقوطها عن الام لأي من اسباب السقوط ليختار الأفضل وفقا لمصلحة الطفل الفضلى بحسب ما يثبت أمامه من بين الأب وأم الأم وأم الأب.
كما وضع المشروع نسب محددة للنفقات للحد من التقديرات الجزافية وضمانا لحقوق الطفل والمرأة وفرض عقوبة الحبس على من يمتنع عن توثيق الطلاق حفاظا على حقوق الطفل والمرأة.
واستحدث القانون مادة أكد فيها ضرورة تشكيل "إدارة شرطة الأسرة المتخصصة" لضمان تنفيذ القانون والرقابة عليه، هذا وقد نظم المقترح دعاوي النسب بشكل أكثر تفصيلا وتنظيما واستحدث المشروع أيضا فصلا خاصا بالخطبة وتنظيم حالات النزاع الخاصة بها كما نظم الحق في الولاية التعليمية والتأكيد على حق الأبوين في مباشرة أبنائهم تعليميا كما أدخل القانون القضاء المستعجل للفصل في بعض الأمور العاجلة التي يعد التأخر في الفصل فيها قد يترتب عليه وضع أكثر سوءا.