بقلم د. محمد الجمل: الإرهاب والتطرف وما دورنا في مكافحته

د. محمد الجمل .. رئيس اتحاد مصر بالخارج
د. محمد الجمل .. رئيس اتحاد مصر بالخارج

بداية أقول انه يجب علينا كمسلمين ان نحرص كل الحرص علي تقوية اواصر الود والبر والمحبة بيننا وبين اخواننا المسيحيين وهذا ماعلمنا رسولنا الكريم وامتثالا لقول الحق في قرانه الكريم في سورة الممتحنة (الآية 8): " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم .." وكما نعلم ان البر هو اسمي درجات الود والمحبة والذي يحفظ عادة للوالدين. وهنا نقول في البداية ان الاعتداء علي اي مسيحي هو اعتداء علينا جميعا وأي اعتداء علي كنيسة او اي من دور العبادة هو امر لا يقره ديننا وهو اعتداء علينا وعلي الانسانية. علينا ان نحلل ما حدث من جرايم شنعاء في طنطا والإسكندرية ولا نستبعد اي من احتمالات المؤامرة علينا جميعا. علينا مكافحة الاٍرهاب والتطرف داخل مصر وخارجها ليس فقط بالكلام والبيانات ولكن بالفعل والعمل.
 
وقبل هذا فعلينا ان نعي تماما ان ما حدث في 19 ابريل هذا العام ليس بجديد وان اختلفت الأساليب . فالإرهاب والتطرف ليس بحديث .
 
فقد لمسه المصريون قبل وبعد ثورة 1952. وتجلي في 1943 حين تأسس الجهاز السري لجماعة الاخوان والذين بداوا سلسلة من الاغتيالات والذي كان أوائل ضحيتها هو القاضي احمد خازندار الذي قتل بسبب شدة الحكم الذي اصدره ضد احد أفراد التنظيم. وايضاً في 1948 هذا التنظيم كان مسؤولا عن إشعال النيران في بيوت ومحلات اليهود في القاهرة والذي بسببه تم حل جماعة الاخوان. وفور هذا تم اغتيال رئيس الوراء محمد فهمي النقراشي لحله هذه الجماعة. وللاسف بعدها مباشرة قتل النقراشي علي أيدي احد أفراد الجماعة الإرهابية وهو طالب الطب البيطري عبد المجيد احمد حسن.
 
وبعد الثورة في 1954 كانت محاولة اغتيال الزعيم عبد الناصر في الاسكندرية وتوالت هذه العمليات الإرهابية الي السبعينات وكان أشهرها الاعتداء علي الكلية الفنية العسكرية في 1974 بقيادة صالح سرية وإعلان مولد الدولة الاسلامية وبعدها جمعية التكفير والهجرة في يوليو 1973 تحت قيادة شكري مصطفي.
 
 هذه الجماعة المجرمة اختطفت وقتلت الوزير محمد الذهبي وبعده في 1980 قتلوا حسن ابو باشا والنبوي اسماعيل وكانوا وزراء للداخلية.
 
وتوالت الأحداث وجاء عمر عبد الرحمن شيخ جمعية الجهاد الاسلامي بفتواه الباطلة ليحلل دم الإخوة المسيحيين والاعتداء علي ممتلكاتهم وهذا يخالف تعاليم الدين الاسلامي وكل الأديان.
 
وفي اكتوبر 1981 خطط تنظيم الجهاد ونفذ اغتيال الرئيس محمد انور السادات . 
 
وبذات ما تسمي بالجمعيات الاسلامية كالقاعدة وجند الله وغيرهما استخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة وتقنية الريموت كونترول واستخدام السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة في أعمالهم الإرهابية.
 
في يناير 2011 حدث انفجار سيارة مفخخة حول كنيسة القديسين بالإسكندرية والذي راح ضحيتها 21 قتلي و 43 جرحي وكان الجاني (احمد لطفي ابراهيم محمد) قد تم تجنيده من قبل قايد جمعية ارهابية في غزة (محمد عبد الهادي).
 
وفي 11 ديسمبر 2016 لم تسلم كاتدرائية العباسية الشهيرة من هذه الاعمال الإرهابية والذي راح ضحيتها في هذا الوقت اكثر من 27 واغلبهم من النساء والأطفال وهذا مرة اخري ضد كل تعاليم الاسلام وتعاليم اي دين اخر.
 
وفِي هذا الشهر وفِي هذا العام 19 ابريل 2017 كان هناك حوادث طنطا والإسكندرية.  ذهب ارهابي مجرم الي كنيسة سان جورج بطنطا وقتل وجرح ابرياء كانوا يعبدون ربهم كما ينبغي لهم وذهب ارهابي اخر الي الكنيسة المرقسية بالإسكندرية ليفجر نفسه ويحصد نفوسا بشرية من الأبرياء وفيهم النساء والأطفال والذي راح ضحيه  هذين الحادثين العشرات من القتلى الأبرياء وكثير من الجرحى. وهنا نقدم اخلص التعازي لأسر الشهداء وندعو للجرحى بالشفاء العاجل بإذن الله. 
 
مما تقدم نري ان هؤلاء الارهابيون يستخدمون الدين والدين منهم برآء. هم يريدون التخلص من قادة الشعب المصري علي مر السنين سواء كان عبد الناصر او السادات او مبارك او السيسي وفِي هذا يريدون النيل من وحدتنا الوطنية وتفكيك نسيجنا المصري واضعاف الثقة في اقتصادنا القومي. هؤلاء هم أعداء مصر في الداخل والخارج .
 
هم لا يريدون الخير لمصر وللمصريين. اعتقد انهم  جزء من مؤامرة دولية تريد تفتيت اوطاننا وتقسيم شعوبنا. لا يريدون الخير للمسلمين ولا للأقباط . في كل عملياتهم كما سبق سرده كانوا ومازالوا  يستهدفون التفرقة بين المصريين مسلمين واقباطا ويريدون النيل من الاقتصاد واضعاف مصر.


بالأمس واليوم استهدفوا كنائسنا ولا يستبعد أبدا ان يستهدفوا مساجدنا غدا فاحترسوا لانهم يريدون إشعال الحرب الطائفية  ولن ينجحوا في هذا أبدا بإذن الله.

 إذن فمن وراء هذه الحوادث الإرهابية ؟.
هل من ورائها جهات داخليه ؟. ام جهات خارجية ؟. ام الاثنين معا؟. 
هذه أسئلة ملحة ويحب الإجابة عليها وبسرعة ونري ان نترك الإجابة للأجهزة الأمنية ؟. 
 
هل فشلت الدولة في مكافحة الاٍرهاب والتطرف؟. ام فشل الازهر في نشر  الاسلام الحق والمعتدل؟. هل فشلت الأجهزة الأمنية في حماية أبناء مصر المسيحيين ؟ ماذا حدث ؟.
 
وهنا أقول ان الاٍرهاب والتطرف يحب مكافحته ليس بدولة واحدة وبمفردها ولا بجب ان نلوم الازهر الشريف وولا يحب ان نلغيه او نقلص دوره بل نساعد في اصلاحه وتقويته.
 
لا يجب ان نلوم رجال الأمن بل نزودهم بما يحتاجونه من تدرين وعدد وعتاد
 
السؤال ما يزال يلح : ماذا نفعل الان كي نودي واجبنا لحماية المواطنين وممتلكاتهم ( المصريين المسلمين والأقباط )؟ ماذا نفعل كي نحمي دور العبادة مساجدا وكنائسا كي يتمكن المواطن من عبادة ربه فيها في أمن واطمئنان وسلام؟. مادور المواطن المصري؟ وما دور القيادة السياسية؟. ما دور الازهر والكنيسة؟. وما دور رجال الأمن؟. كلنا في مركب واحد لكن كل واحد فينا له دور في مكافحة الاٍرهاب والتطرف. وهنا اقترح الآتي:
 
اولا: علي القيادة السياسية ان تعمل ما يلزم بكل الأساليب لفضح هذه العمليات الإرهابية وان تنادي بمكافحة الاٍرهاب دوليا واقليميا وعلي كل المستويات وطلب دعم مادي وإعلامي وبوليسي لمكافحة الاٍرهاب والتطرف. علي القيادة السياسية بان تساعد الازهر الشريف بدوره التاريخي ليكون مرة اخري منبرا لنشر وتعميق تعاليم الدين الاسلامي السمح واتمني ان يكون مستقلا عن الحكومة ولو بعد حين. وعلي الدولة ان  تجعل من أولوياتها (وعلي راس القائمة) توفير فرص التدريب المناسبة لرجال الأمن وتوفير المعدات والعتاد الحديث لهم  واستخدام أحدث التقنيات المتاحة وبما فيها تكنولوجيا المعلومات اللازمة لمكافحة الاٍرهاب والتطرف     
 
ثانيا: علي قيادة الازهر الشريف ان تقوم بواجبها وتأخذ الأمور بزمامها وتطهر مؤسسة الازهر من المتطرفين وتقاوم تجارة الدين في مصر وخارج مصر. وان يكون التركيز علي نشر تعاليم الاسلام السمحة والمعتدلة. واقترح انشاء قناة تلفزيونية فضائية  خاصة بالأزهر الشريف ومواقع علي الانترنت وغيرها 
 
ثالثا : علي القيادات المسيحية ايضا القيام  بتطهير صفوفها من المتطرفين والاستمرار في الدور التاريخي والوطني الذي لعبته الكنيسة عبر التاريخ والمشهود له بالوطنية والاستمرار في التركيز علي تعاليم المسيحية السمحة والحب والمودة . 
 
رابعا:  علي اخواني واخواتي المواطنين  المصريين (  الأقباط والمسلمين وغيرهم ) بان نقف معا كمواطنين سواء في الحقوق والواجبات ضد كل المتآمرين ضد وطننا وهم كثيرون ولهم ألوان واشكال مختلفة وكثيرة.
 
 علينا ان نعرف انهم يريدون ضرب بَعضُنَا البعض ويريدون تفرقتنا ولن يستطيعون. علي كل منا ان بكون يقظا واذا رأي شيئا او شخصا مثيرا للشك والريبة بان يبلغه للسلطات المختصة وهذا ما يفعله المواطنون الواعون في الدول المتقدمة
 
خامسا وأخيرا :اقترح تطبيق تجربتنا في أمريكا بإنشاء مجلس وطني ممكن تسميته " مجلس البر والمحبة " وبكون له تواجد في القري والمراكز والمحافظات  وايضاً فِي أماكن تجمعات المصريين في الخارج وان يكون هناك هيئة عليا للإرشاد والتنسيق واقترح ان تكون تحت الإشراف المشترك والمباشر من الازهر والكنيسة.
 
علينا ان نجتاز هذه المرحلة الصعبة وسنجتازها بنجاح  بإذن الله