بقلم سمير عطا الله: هل عملت في الصحافة المصرية؟

كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية.
كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية.

يغمرني الدكتور مصطفى الفقي في زاويته في «المصري اليوم» بكرم لا يمكن تكراره هنا، ونبل لا يمكن تجاهله. لكنه في معرض الإشادة بالزاوية يكرر أن معرفتي في شؤون مصر سببها فترة عملي في الصحافة المصرية، ومع كبار الصحافيين المصريين. وبما أن الدكتور مصطفى مرجع يعود إليه السياسيون والدبلوماسيون والصحافيون، لا بد من إيضاح هذه النقطة، وهي أنني، بكل أسف، لم أعمل في الصحافة المصرية، وبكل اعتزاز «عملت» مع صحافيين مصريين. ولها قصة تروى.


عندما عملت في «الأنباء» الكويتية، كان العالم العربي لا يزال يعزل مصر برمّتها بسبب قرار اتخذه رئيسها، ومن دون استشارة حتى حكومته. وقلت يومها للأستاذين فيصل وعهدي المرزوق إن في الكويت جالية مصرية بالآلاف. والمصري لا يستطيع العيش من دون جريدة حتى لو وصلت متأخرة، فلماذا لا نزيد حجم أخبار مصر ونستكتب، على الأقل، من ليسوا محسوبين هنا أو هناك. ورحبا بالفكرة.

وفي هذه الأثناء، جاء يزورني من «القبس» الزميل يحيى حمزة، الذي أراه للمرة الأولى. وأعرب عن رغبته في الانضمام إلى «الأنباء». وكان جوابي أن القواعد المهنية تمنع ذلك، فقال إن قراره متخذ بصرف النظر.

يعيش السر في صحافة الكويت المدة التي يعيشها في الصحافة اللبنانية. وما أن خرج يحيى من المبنى حتى انهالت علي النصائح: انتبه، هذا «إخوانجي».

 وانتبه، إنه عصبي. وانتبه... وكانت فترة العامين التي عملت خلالها مع يحيى حمزة، أجمل فترة مهنية عرفتها في حياتي. كان في إمكانك أن تعتمد على خلقه ومعرفته وموضوعيته ودقته، في كل شيء. وكان أول من يأتي إلى المكتب، وآخر من يذهب. ولم أسمعه مرة يشكو أحداً، أو يتذمر من أحد. وإذا أرغم على ذلك، وضع الشكوى في صيغة نكتة مصرية تحببك بالمشكو منه أكثر مما تثير غضبك.

وربما من أجل أن يتحمل كل مشاق المهنة بابتسامة، كان يحيى يستورد سجائر «كنت» من الوكيل مباشرة. وكنت أنا قد تركت هذه الحريقة منذ قليل، ولم أعد أطيق أن أرى صديقاً تلتهمه بنيرانها ورمادها. وكانت هذه نقطة الخلاف الوحيدة مع ذلك الصحافي الذهبي.

وفاتحت يحيى بأننا نريد «تقوية» مكتب مصر، وأن نستعين ببعض كتّابها. وتولى هو الاتصال بفتحي غانم ولطفي الخولي، واتصلت أنا بكامل زهيري. ورأى الكتّاب المصريون في تلك الأجواء المحتقنة نافذة عربية فسيحة. وحاولت إقناع الدكتور مصطفى محمود بكتابة مقال خاص ولو شهرياً، فاعتذر بسبب مشاريعه الخاصة.
إلى اللقاء...