بقلم رضا موافي: نظرة على البرلمان المصري

رضا موافي
رضا موافي

لا يحتاج الأمر إلى حنكة سياسية لنلحظ ذلك الوهن الذي يبدو عليه أداء نواب برلمان مصر في دورتي الانعقاد الأوليين، وليس من الصعب أيضا توقع استمرار الأداء بهذا الضعف والانصياع للتعليمات الحكومية طوال مدة بقاءه،  فتركيبة المجلس تحمل في طياتها عوامل ضعفه.


 لم يحدث هذا بمحض الصدفة ولكنها تركيبة أتت كنتيجة حتمية للقانون الذي أجريت على أساسه الإنتخابات، فنظام الثلث للقوائم والثلثان للفردي مع فتح باب الترشح كمستقل سواء فردياً أو على القوائم يؤدي لا محالة إلى إنتاج برلماناً لا يستطيع اي حزب مهما بلغت قوته أن يحقق فيه أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة ليتحقق ما أراده واضعوا الدستور بإنشاء نظام يحقق التوازن بين صلاحيات الرئيس وصلاحيات المجلس.

استحوذت قائمة في حب مصر على كل المقاعد المخصصة للقوائم لتستحوذ بذلك على ثلث المجلس مما يجعلها نواة لتكوين أغلبية، لكنها أغلبية غير متجانسة لا فكرياً ولا أيديولوجياً ولا سياسياً، أما الثلثان المخصصان للفردي فقد تقاسمتهم الأحزاب والتيارات والشخصيات العامة وأصحاب الأموال والنفوذ والعصبيات والقبليات وهي بذلك تشكيلة ابداً لا تستطيع تكوين أغلبية من داخلها إذاً لا أغلبية تستطيع أن تقود داخل المجلس أو تشكل حكومة أو تكون صوتاّ للشعب في مواجهة السلطة التنفيذية لتحقيق التوازن المنشود.

 بمرور الوقت تتضح ملامح البرلمان ونوابه تم تشكيل ائتلاف دعم مصر ليكون الكتلة الأكبر داخل المجلس لكنه ائتلاف لا يتبنى رؤية أو استراتيجية ولا تعرف له اهدافاً سوى أنه بات يمثل سيف النظام وذهبه تحت قبة البرلمان.

 بالتدقيق نجد أن لا أمل في التحول الإيجابي لأداء المجلس طالما ظل النظام مسيطراً على ائتلاف دعم مصر بهذا الشكل لتمرير كل ما يريد من قوانين وإجهاض كل محاولة لتبني رؤية مختلفة عن رؤية النظام.

 في الجانب الآخر، يظهر الوفد أحد أعرق الأحزاب المصرية، وبالنظر إلى أداء كتلته البرلمانية نجد أنها الأقرب إلى السعي نحو مستقبل أفضل لمصر برؤية متوازنة بين ما هو متاح وما هو ضروري، لكن قلة عدد نواب الوفد لم يمكنه من وضع بصمة واضحة على أداء المجلس بشكل عام الظاهرة البارزة الأخرى هي تكتل 25-30 الذي يعبر بشكل أكبر من غيره عن رأي الشارع المصري فترى نوابه في معظم الأحيان يتخذون مواقف تبدو منحازة للمواطن وتصريحات تناسب الذوق الشعبي بغض النظر عن كون تلك المواقف تراعي مصالح الدولة أو لا وهذا ما يسمى في العلوم السياسية الديماغوجية اي تملق الجماهير.

 اذا اردنا توصيف الكتل الأهم في المجلس فسنجد الناتج كالاتي: ائتلاف دعم مصر يمثل صوت النظام الوفد يمثل الصوت الوطني 25-30 يمثل صوت الجماهير ولا يُعتقد أن تتغير التركيبة لا في القريب أو البعيد في ظل عدم وجود إرادة حقيقية لدى النظام المصري لاتخاذ طريق صحيح في سبيل توازن السلطات.