مقال بقلم د/ ياسر حسان: فرق بين أن نحترم الدستور وبين أن نصنع دستوراًِ لتحترمه
التقيت بالأستاذ ياسر رزق مرتين قبل ثورة ٢٥ يناير وقت أزمة جريدة الدستور، كان عضواً في نقابة الصحفيين ملئ بالنشاط والحيوية وروح المعارضة.. لا أعرف ماذا تغير فيه وماذا غيرت الدنيا فيه.. لكن بالتأكيد مقاله في جريدة الأخبار عن تعديل الدستور فيه كم من المبالغات والثناءات تدعو للغثيان.. خرج المقال للأسف بعد أيام من تصريح دبلوماسية امريكية واوروبية تؤكد أن أولى خطوات ممارسة الديمقراطية في مصر هو احترام الدستور.. تغيير واسع في الدستور لابد أن يكون نابعاً من ممارسة حقيقة، وهذا الدستور لم يسعفه الوقت ولا الممارسة للحكم عليه. وهناك فارق بين أن نحترم الدستور الموجود، وبين أن نصنع دستوراِ نحترمه.
السياسة من أسفل هى التوجه الذي يسير عليه العالم الآن، الخطط والبرامج في العالم المعاصر هي ملك للدول وليست لأشخاص.. هناك مقولة للصحافي الأميركي كريستيان كارل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط تقول "لا يوجد في عالمنا اليوم قادة يملكون رؤى ثاقبة واسعة، وذلك يعود إلى طبيعة العالم الذي نعيش فيه.. عالمنا بات أكثر تعقيدا".. والسبب أن السياسة الدولية أصبحت معقدة ويحكمها عشرات الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية، كسرت كل الحدود الثقافية والجغرافية بين الدول، وأصبح العالم الان متصل متداخل مع بعضه البعض، تجاوز مقال ياسر رزق كل هذا التغيرات في المعادلة الدولية واختزل كل خطط وبرامج مصر في شخص الرئيس السيسي بل أعتبر السيسي نفسه برنامج الدولة.
مصر لن تعود للخلف، لقد خرج المصريون من ثورتين، والسيسي نفسه ولد من رحم ثورة، ونغمة "لابد أن يكمل ما بدأه" لم تعد مقبولة للضمير والعقل الإنساني، أخشى من تغيير غير مدروس للدستور في توقيته وفي نصوصه فهو أكبر خطر علي مصر ومكتسبات ثورة ٣٠ يوينو.