مقال بقلم د/ ياسر حسان: "أبو شقة".. وسياسة "الزريبة"

الدكتور ياسر حسان اقتصادي وقيادي بحزب الوفد المصري
الدكتور ياسر حسان اقتصادي وقيادي بحزب الوفد المصري

يعيش الوفد منذ يوم ٣٠ مارس عام ٢٠١٨ وضع سياسياً وتنظيمياً صعباً.. تحولت السياسة داخل "بيت الأمة" والذي شهدت اروقته اهم أحداث مصر في الخمسين سنة السابقة الي ما يسمى "سياسة الزريبة"، كنت اري المشهد بوضوح وربما لم يراه غيري، فقررت الابتعاد طالما وجد "أبو شقة"، وهو أمر أحسبه من حسنات عملي في السياسة..


مالم يتوقعه غيري أن "الزريبة" لم تكن مجرد كلمة أخطئ الرجل في نطقها، ولم يكن يعني بها وصف "لمكان" عاش هو نفسه بين جنباته، بل هي وصف لفلسفته في أدارة المكان، وسياسة عمله مع أشخاص هذا المكان.. "أبو شقة" يتعامل مع المكان كزريبة ومع الأشخاص كسكان في هذه الزريبة، يهدد من يشاء ويفصل من يشاء، لا يحترم حصانة المناصب سواء أكانت منتخبه او معينه، وفرض سياسة "الجزية" لأول مرة في تاريخ الوفد الدفع مقابل المنصب.

ما حدث في جريدة الوفد ضد سلفه في رئاسة الحزب سابقة خطيرة تحدث لأول مرة في تاريخ الجريدة العتيدة.. لكنها ليست السابقة الأولي في تاريخ "أبو شقة" الذي لا تعرفونه، فقد سبق وقام بالوشاية ضدي وضد النائب محمد فؤاد عند وزير الداخلية السابق، ونصفنا وقتها وزير الداخلية الحالي وأجهزة وزارته التي تعلم الفاصل بين السياسي الوطني وبين مدعي السياسة.

​"أبو شقة" الذي توقعته.. رجل يعشق نفسه، كان دائما حريص على رئاسة الوفد ولو ليوم واحد، ولم أفهم هل رئاسة الوفد ليوم واحد او لسنوات مديدة ستغير من ميزان حسناته أمام الله، ما الذي يجعل الرجل حريص علي تولي رئاسة الوفد، يقول انه يرفض كل المناصب ولا يطمح فيها، لكن الحقيقة أن الرجل الذي يبلغ الثمانين من العمر هو أكثر رجال السياسة في مصر من حيث عدد المناصب، بل أن الرجل يطمح في منصب جديد وهو رئاسة مجلس الشيوخ، ولا تعدو أن تكون رئاسة الوفد سوي طريق سهل لهذا لمنصب يضاف الى سلة المناصب التي ينعم بها.

"أبو شقة" الذي توقعته.. والذي يصاحب اسمه ألقاب مثل الجليل، القيمة والقامة وكلها ألقاب لا علاقة لها بالعمل السياسي.. اكتشفت تكنولوجيا المعلومات الحديثة أنه ينسب لنفسه افكار غيره، فكتاباته ليست وليدة أفكاره ومنسوخة بالكامل من مقالات لآخرين بالكلمة وحتى بالأخطاء، والسؤال ما الذي يجعلني اصدق تاريخ هذا الرجل؟، وما الذي يجعلني اعتقد ان قصصه وكتبه بل وحتى دفوع قضاياه هي وليدة أفكاره؟ وما يثير دهشتي ان معظم هذه المقالات لا علاقة لها بالسياسة ولا تقدم سوى معلومات عامة تصلح للنشر في صحيفة مدرسة، كأن الرجل ليس سياسياً ولا يريد أن يكون سياسياً، رغم ان الظروف قادته لرئاسة أقدم الاحزاب السياسية في مصر.

"أبو شقة" الذي توقعته.. رجل بخيل على الوفد، استفاد من الوفد بالتعيين مرتين في برلمان مصر دون ان يتبرع بشيء، وأصبح نائباً لرئيس الوفد وسكرتيرا عاماً للحزب دون ان يتبرع بشيء، لم يقف مع الوفد في كل أزماته. ترشح بلا برنامج ودون خبرة إدارية او اقتصادية، سابقة فلا تتوقعوا انه سيصلح شيء في الوفد أو في جريدتها، ولا تتوقعوا أنه سيتبرع بمال أو سيبني فكراً أو سيجعل من الزريبة منبراً لليبرالية.. لقد أقحم "أبو شقة" الوفد وجريدتها في مشاكل جانبية في ثمانية شهور فقط هي مدة رئاسته تفوق في حجمها المشاكل التي التي عاشها الوفد في مدة ثمانية إعوام كاملة وهي فترة رئاسة سلفه..

"أبو شقة" الذي توقعته.. لا يتحمل الخلاف السياسي او الفكري، يخزن بداخله كل احقاده وغضبه ولا ينسي ابدا، حتى تأتيه فرصة الانتقام، ولا تلوموا من حوله، فالمشكلة في الرجل نفسه وليست في غيره، لا بد ان تتقبل وجهة نظر "آبو شقة" وأن تمحو عقلك حتى لو كانت وجهة نظره خاطئة.. في "سياسة الزريبة" عليك ان تقتنع أن ٥٥ عضو تساوي ٥٠ عضو، وأن الانتخابات نزيهة حتي لو تعارضت الأرقام التي أعلنها هو نفسه مع بعضها البعض، لأن القاعدة أن "أبو شقة" فقط هو الذي يفهم ويحلل ويستنتج نصوص اللائحة.. عند "ابو شقة" تعترض ثم يرفض استلام اعتراضك ويطلب أن ترسل هذا الاعتراض رسمياً عن طريق القضاء، وعندما تفعل يقوم بفصلك دون تحقيق ودون اعتبار لمواد اللائحة.

ليس هناك أحد فوق النقد، وتستطيع أن تكون شجاعاً وأن تكتب مقالاً "أو أن يكتب لك مقالاً" لتعبر فيه عن رأيك حول "البدوي" أو غيره، لكن أن تقحم جريدة الوفد في مهاجمة زميل أمر مرفوض وسابقة سيئة داخل الوفد.. لقد أخطأ "أبو شقة" فيما فعله، وأخطأ قبله رئيس الحزب السابق عندما ساعد في صنعه سياسياً داخل وخارج الوفد، لم يقرأ "البدوي" السيد "أبو شقة" جيداً، وأعتقد انه لم يقرآ جيداً كثيراً ممن حوله وممن دعمهم على حساب أخرين.

سيعود كل الوفديين يوماً ما وسوف يعاد الاحتفال بمئوية الوفد الحقيقة مرة اخرى.. أما بالنسبة لي فسوف أعود بعد أن يرحل "أبو شقة"، أو قد لا اعود إذا لم يكتب الله لي عمراً.. لكن الأكيد ان "أبو شقة سيرحل عن الوفد يوما ما، تاركاً أرثاً ضخماً من المشاكل والانقسامات، وتاريخاً من الجمود السياسي، فلا هو عارض ولا هو أيد، وحالة من الفراغ الكامل داخل جدران بيت الأمة وسط عالم مشحون بالأحداث السياسية.. قلت سابقاً وما زلت أعتقد أن رئاسة "أبو شقة" للوفد هي أسوأ ما حدث للوفد منذ عودته للحياة السياسية.. هذه قناعتي ووجهة نظري للأمور وانا حر فيما أراه......