بقلم مجدي سرحان: «فزاعة» التطبيع

نقول: إن غربان الإعلام «المُمَوَّل» تركيًّا وإيرانيًّا.. تروِّج حديثًا كاذبًا ومغرضًا حول فكرة تأسيس التحالف العسكرى والاستراتيجى الذى يسمونه مجازاً باسم «الناتو العربى».. ويزعمون أن هذا التحالف «يؤسس لعملية إشهار تطبيع عربى إسرائيلي».. حيث يبدأ تكوينه بأربع دول.. هى مصر والسعودية والإمارات والأردن.. ثم تنضم إسرائيل ودول عربية أخرى إليه بعد ذلك.


كما يربطون بين هذه الفكرة وبين ظروف انعقاد القمة العربية فى الأردن وما ظهر خلالها من تحولات فى مواقف بعض الدول العربية من المسألة السورية تحديداً.. وأبرزها عودة الوئام المصرى السعودى بلقاء الرئيس السيسى والملك سلمان.. وكذلك ما سبق أن يلى هذه القمة من تحركات دبلوماسية مكثفة على مستوى قادة الدول المعنية بالتحالف.. ومن بينها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الحالية لواشنطن.

•• وهذه
ليست المرة الأولى التى يعلو فيها نعيق هذه الغربان حول تلك المسألة..  وللأسف يوجد بينهم كتاب وسياسيون عرب.. فالثابت تاريخيا هو أن تلك الأبواق الإعلامية دائما ما كانت تنشط كلما جرى حديث عن تحالفات عسكرية عربية أمريكية.. أو عربية عربية بتنسيق غربى.. وتلجأ إلى اللعب بهذه الورقة أو «الفزاعة» المتمثلة فى محاولة وصم هذه التحالفات بأنها تهدف لخدمة المصالح والمخططات الإسرائيلية للتطبيع مع الدول العربية دون تمسك هذه الدول التقليدى بشرط حل القضية الفلسطينية أولا.

وللعلم.. فإن فكرة التحالف العسكرى العربى ليست وليدة لحظة.. ولا يمكن اختزالها مطلقا فى إطار مشروع الأفكار الأمريكية التى تطرحها إدارة ترامب كنوع من «المقاربة الإقليمية» لحلحلة الأوضاع المتأزمة بالمنطقة.. وخاصة فيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب ومواجهة تزايد النفوذ الإيرانى الشيعى.

•• التحالف العربى
فكرة برزت أساسا منذ تأسيس جامعة الدول العربية.. إلا أن العرب فشلوا دائما فى تفعيلها.. أو وضعها فى إطار التنفيذ.. رغم كثرة ما طرح فى هذا الخصوص من أفكار.. كان آخرها وأبرزها الدعوة إلى تأسيس «القوة العربية المشتركة» التى أطلقها الرئيس السيسى فى مؤتمر شرم الشيخ.. وقطعت شوطا لا بأس به من أجل تفعيلها.. ثم تجمدت بعد الإعلان السعودى المفاجئ عن تأسيس ما يسمى «الائتلاف العسكرى الإسلامى لمواجهة الإرهاب» عام 2015.. وكان ذلك لأسباب نعلمها ولا مجال هنا لإعادة ذكرها.
ومن ذلك أيضا.. ما تم الترويج له من أفكار لتأسيس «منظمة اتفاقية الخليج والبحر الأحمر» العام الماضى 2016.. كنواة للتعاون العسكرى من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.. وأيضًا أثيرت الشكوك حول الدور الأمريكى والإسرائيلى فى هذه المنظمة.

 •• والغريب
أن هذه الأبواق المأجورة المتلاعبة بفزاعة «التطبيع العربى الإسرائيلى».. تدرك جيدا أن هناك تأكيدات من الإدارة الأمريكية نفسها بأن دور واشنطن.. أو إسرائيل أيضا.. فى مثل هذا التحالف المقترح «لا يمكن أن يتعدى حدود المشاركة فى تقديم المعلومات الاستخبارية.. وليس التدريب أو الدفع بقوات على الأرض».. كما تؤكد العديد من الأبحاث التى تناولت هذا التحالف صعوبة جمعه بين إسرائيل والدول السنية فى الشرق الأوسط فى الوقت الحالى.. نظرا لأن هذه الدول ليست فى حاجة لذلك من جانب.. كما أنه لن يتحقق ما لم يكن فى إطار تسوية شاملة وحقيقية للقضية الفلسطينية باعتبارها لب الصراع العربى الاسرائيلى.. تلك القضية التى يجمع العرب الآن.. وفى مقدمتهم الفلسطينيون أنفسهم.. على أن المبدأ المرجعى للتفاوض حولها هو «حل الدولتين».. بما يعنى الاعتراف بالدولة الاسرائيلية والتفاوض معها مباشرة.. وهو ما يعنى أيضا أن ورقة التطبيع مع إسرائيل لم تعد فزاعة حقيقية لهذه الدول.