بقلم محمد أمين : على فين؟ .. على مكتب الرئيس
أول ملف على مكتب الرئيس السيسى، بعد عودته من زيارة واشنطن، هو ملف السلطة القضائية، وقد تكون المشكلة الأولى مكرر هى زيادة الأسعار، لدرجة لم تعد تتحملها الطبقة الوسطى فى المجتمع، فما بالك بالفئات الفقيرة؟.. وقد اعتبرتُ الملف الأول «صدام السلطات» أو ملف السلطة القضائية، لأنها مشكلة فى العضم نفسه، وبالتالى كان التدخل الرئاسى واجبًا، لتلافى أزمة طاحنة ليس وقتها!
وبالتأكيد كل مشكلة لها حل، إن أردنا الحل.. وهناك عدة سيناريوهات لاحتواء الأزمة.. ويأتى على رأسها، حفظ مشروع تعديل السلطة القضائية، ويا دار ما دخلك شر.. استمرار مشروع القانون يعنى الصدام لا محالة بين السلطات.. وأظن أن الذين فكروا فيه بعيدًا عن القضاة، ودون استطلاع رأيهم، كانوا لا يقدرون الأمر.. ولذلك أرجو أن يبادر الرئيس بنزع فتيل الأزمة فورًا، باعتباره الحكم بين السلطات!
وكنت أتصور أن لجوء القضاة إلى مؤسسة الرئاسة، كان يعنى أنهم يضيئون لمبة حمراء.. وكان يعنى أن هناك أزمة، وبالتالى كان ينبغى أن تأخذ أولوية قصوى للنظر فيها دون تأجيلها، قبل أن تشتعل كما حدث، ثم نكتشف صدور بيانات وبيانات مضادة وتهديد بجمعية عمومية، على غرار ما جرى فى عهد مرسى بخصوص عزل النائب العام عبدالمجيد محمود، وتعيين نائب عام «ملاكى» إخوانى!
وقد كنا فى غنى عن هذا كله.. وهناك نواب يقولون إن ما حدث خطر.. ويقولون إن الحل هو وضع المشروع فى الدرج.. والمفاجأة أن هؤلاء النواب محسوبون على الدولة، ويعبرون عن مواقفها فى أمور كثيرة.. وبناء عليه فهى «استشارة مجانية» للدولة، من جانب نواب ليسوا من المعارضة، وقد تكون الاستشارة مؤشرًا قويًا أن هناك مشكلة يجب تداركها.. فهل تنتبه «الرئاسة» لهذه الإشارات الصديقة؟!
السؤال: لماذا نتدخل فى القانون؟.. ولماذا نريد تعيين رؤساء الهيئات القضائية؟.. هل نريد تعيين رئيس المجلس الأعلى للقضاء؟.. هل نريد تعيين النائب العام، ليكون نائب عام سلطة؟.. مثل مشايخ السلطة وكتّاب السلطة.. لماذا نفعل؟.. هل هو مطلب القضاة مثلًا؟.. أم أنه مطلب السلطة التنفيذية؟.. فلماذا تتدخل السلطة التشريعية؟.. لماذا لا ترجع إلى القضاة؟.. من هو الذى «نفصّل» له هذا «القانون المشبوه»؟!
أسئلة أخرى: لماذا نفتعل أزمات فى وقت لا ينبغى ان نضيف زيتًا جديدًا على النار؟.. هل هو صراع سلطات؟.. هل إقحام الرئيس فى ملف من هذا النوع مفيد؟.. هل يعطون ورقة للرئيس فى الأزمة؟.. إذن ما هو المكسب من ورائها؟.. لو كان ما حدث بلا وعى فهو مشكلة، ولو كان عن قصد فهو مشكلة كبرى.. نحن نحتاج لكل الأطراف فى مرحلة بناء.. «القانون المشبوه» يمزق وحدة وتماسك الأمة فى وقت خطير!
للأسف، دخل البرلمان فى صدام مع الصحافة، وأيضًا مع المجتمع المدنى.. وأخيرًا دخل فى صدام مع القضاة.. معناه أن برلمان عبدالعال ليس مجلس شعب، ولكنه مجلس سلطة.. ومن أسف أنه يشعل النار ولا يطفئها.. فهل يتدخل الرئيس؟.. وهل قانون الهيئات القضائية أول ملف على مكتب الرئيس بعد العودة؟