هل تخفي روسيا حادثة نووية؟
خاص سياسي - جهاد السقا
عندما تسببت حادثة في انصهار مفاعل نووي في بنسلفانيا في صباح يوم 28 مارس عام 1979 لم يحصل الجمهور إلا على معلومات ناقصة ومتناقضة حتى أن المسؤولين في لجنة الولايات المتحدة لتنظيم الشؤون النووية أصيبوا بالارتباك بسبب تلك الأخبار وصرح رئيس اللجنة بعد الحادث بيومين أنه وحاكم بنسلفانيا كانوا مثل "شخصان مصابان بالعمى لا يعرفون شيئا ولا يعرفون أي قرار يجب اتخاذه." وعندما وقعت كارثة تشيرنوبل النووية في الاتحاد السوفييتي عام 1986 عمل المسؤولون على إخفاء التفاصيل حتى وصلت السحب المحملة بالأشعة النووية من أوكرانيا وحتى السويد.
بسبب كل تلك الأحداث يكون من الطبيعي أن تثار الشكوك حول وجود حوادث نووية في أي مكان في العالم. مؤخرا تم اكتشاف تصاعد في النشاط النووي في الجو فوق بعض المناطق في أوروبا. لم يصرح أي شخص عن سبب هذا النشاط ويبدوا أن الأمر لا يحمل أي خطورة على صحة البشر. في البداية أنكرت روسيا الأمر ثم اعترفت بوجود تصاعد في المؤشرات الخاصة بالنشاط النووي قرب محطة كبيرة تعمل على إعادة معالجة الوقود النووي. مما يثير القلق.
في نهاية سبتمبر الماضي وبداية أكتوبر اكتشفت السلطات الفرنسية المسؤولة عن مراقبة الجو وجود النظير الكيميائي روثينيوم 106 وهو منتج ثانوي ينتج عن المعالجة النووية في الجو وهو عنصر لا يوجد بشكل طبيعي في الهواء. كما اكتشفت ألمانيا نفس الشيء بالإضافة إلى العديد من الدول الأوروبية الأخرى مثل رومانيا التي اكتشفت ان الهواء عندها محملًا بأعلى المستويات مقارنة بالدول الأخرى. وبعد مناقشة الأمر مع المنظمات التقنية في أوروبا وبعد إجراء عمليات محاكاة ونماذج صرحت فرنسا أن عمليات المحاكاة توضح أن مصدر هذا النشاط النووي هو جنوب روسيا وهذا الترجيح الأقرب للصحة.
ثم أعلنت فرنسا أن إطلاق تلك العناصر النووية قد حدث في آخر سبتمبر وتشير الكميات أنها قد تكون نتيجة حادث وحدة معالجة نووي ولكنه ليس حادثة انفجار مفاعل نووي لأن مثل تلك الحوادث تؤدي إلى إطلاق العديد من النظار للعناصر الكيميائية. إن النشاط الحالي الموجود في الجو يدل على حادثة وقعت في محطة معالجة نووية لان إعادة معالجة الوقود النووي تطلب تكسيره إلى نظائر مفردة. ولكن انكرت روسيا ان تكون الحادثة وقعت عندها وصرحت في أكتوبر الماضي أن مستوى الإشعاع حول محطاتها هو المستوى الطبيعي ولكن يبدوا أن هذا غير حقيقي.
فقد اعترفت روسيا في نوفمبر أنها اكتشفت تصاعد للإشعاع بمستوى كبير في محطتين لقياس حالة الجو حيث وصلت مستويات الروثنيوم 106 الى 440 ضعف مستوياتها الشهر الماضي. ولكن انكرت وقوع أي حادث في تلك المنطقة.
في الماضي عندما وقعت حادثة تشيرنوبل تم كشف أكاذيب المسؤولين أمام الشعب السوفيتي مما دعا ميخائيل جارباتشوف لإطلاق إصلاحات جلاسنوست أو "الصراحة. حدث هذا قبل ثلاثة عقود. اليوم هل يفضل "بوتن" إخفاء الأمر؟ يجب عليه أن يعلن إذا كان حدث بالفعل في بلاده.