بقلم خالد علوان: الثقافة العربية بين الآمال والآلام
داخل هذه التجربة الثقافية التي نعاني تحولاتها ونتأثر بانكساراتها وإخفاق المشروع الحضاري الثقافي العربي للمجتمع، يجعلني أتساءل عن معنى التقدم وأبحث عن كيفية الخروج من النفق المظلم الذي تعيش فيه حاليا الثقافة العربية.
وقد رافق هذه الثقافة التغيرات الإقليمية المتصارعة على الأرض العربية نمو متصاعد لجماعات التطرف المسلحة التي استغلت حالات الفوضى والعنف لكي تمتد وتنتشر بعدما صنعت لنفسها قيمة دولية كبيرة في بلداننا العربية.
وما نراه اليوم من تردٍ وشرذمة في أوضاع الأمة العربية وما نشاهده من حروب داخلية ومجازر هي في واقع الأمر نتيجة من نتائج هذا الغياب المدوي للدور الثقافي الذي كان من الممكن أن تقوم به الثقافة العربية، فقبل خمسة عقود تحررت البلاد العربية من قبضة الاستعمار واشتعلت قلوب الملايين بأحلام الوحدة.
وقد وصل المد القومي ذروته ويتردد صداه في كل بلدان العالم، وبناءً عليه فقد استطاعت الثقافة العربية في تلك الأوقات أن تمارس حضورها الفاعل في أوساط الطّبقات الاجتماعية وأن تتحول إلى رمز صلب من رموز المواجهة على الرغم من أدواتها البسيطة في هذا الوقت، فلم تكن الوسائل أكثر تقدما كما هوة اليوم في ظل التقدم العلمي الهائل الذي وصلت إليه البلدان العربية، فالآن أصبح العالم قرية صغيرة لنعيش اليوم عصر السموات المفتوحة وانتشار التعليم على نطاق واسع وازدهار حركة النشر والترجمة، فمع كل هذا التقدم لا نجد أثرا لهذه الثقافة.
على العكس من ذلك، فإننا نجد هناك نتائج مخيبة للآمال تتمثل في انتشار عدد كبير من الظواهر السلبية التي لم تكن موجودة في الماضي، فالصراعات المنتشرة في أكثر من بلد عربي أو الحروب الأهلية إذا جاز التعبير ما هي إلا نتاج الثقافة العربية التي تم تشويه جوهرها ثقافة تخرج من بين طياتها الحروب والدمار بين أبناء البلد الواحد.
والآن بعد انقضاء القرن العشرين وبدأت الألفية الثالثة وقد انهار المشروع الثقافي العربي ووصل إلى حالة عظيمة من الإرباك والفوضى، وقد انعكست آثار هذا على مختلف النواحي في الحياة العربية.
على صعيد المثقفين العرب، نجد الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، فهم على الرغم من أعمالهم الإبداعية وروابطهم الثقافية التي أنشأوها لم يستطيعوا أن يصنعوا تغييرات، فهذه الثقافة التي كانت تكتظ بالشعراء والروائيين والمثقفين.
في الوقت نفسه أصبحت الآن شبه خالية من المفكرين والمثقفين الكبار، فأصبحت ثقافة يسهل نبذها والقفز عليها وتوجيهها إلى سلاح يفتك بأهلها، وما يزيد حجم المرارة وصف الحاضر العربي الذي أصبح غارقة في الانقسامات فلا توافق عربي على أي أزمة ولا رؤية عربية مشتركة لمستقبل المنطقة في ضوء المتغيرات الجارية في المنطقة.