في عالم التسويق .. كيف تعرض الصفقات كفرص لابد أن تنتهز؟

قبل حوالي مائة عام من الآن، حيث لم تكن هناك طائرات أو أجهزة راديو، وفي عام 1912، عندما كان "ثيودور روزفلت" في منتصف حملته الانتخابية، كان السبيل الوحيد لحشد الناخبين هو الانطلاق في قطار عبر كافة أمريكا لإلقاء الخطب، ثم ترك مئات النسخ من الخطاب لتذكير الناس بما قيل.


وفي القطار، كانت تعبأ عربة كاملة بثلاثة ملايين نسخة مطبوعة من الخطاب، وتحمل كل نسخة منها صورة روزفلت على الغلاف، وبينما كان الفريق يتفحصها رأى شخصا ما خطا صغيرا مطبوعا تحت الصورة يقول "حقوق الطبع والنشر - استوديوهات موفات، شيكاغو".

وارتأوا أنه من الأفضل مراجعة كافة الصور للتأكد من خلوها من حقوق الطبع والنشر، لكنهم وجدوا أن كافة النسخ تحمل حقوق الطبع.

وعندما استعلموا عن تكلفة استخدام الصورة المحمية بحقوق الطبع والنشر، وجدوا أنها ستكلفهم دولارا مقابل كل نسخة، ما يعني 3 ملايين دولار أي ما يعادل 70 مليون دولار في وقتنا الحالي.

وبالطبع لم يكن لديهم هذا الحجم من الأموال، ولن يمكنهم أيضا تخريب كامل الحملة الانتخابية من خلال عدم ترك الكتيبات وراءهم.

وقرروا أن يكتشفوا بتكتم كيف يمكن للمصور أن يقتنع بعقد صفقة معهم، لمساعدتهم في الخروج من هذا المأزق من خلال السماح لهم باستخدام الصور مقابل أقل قدر من المال، لكنهم وجدوا أن ذلك لن يمكن أن يحدث لأن المصور لديه سمعة كونه حريص جدا على المال، بل ولا يتهاون حول هذا الموضوع.

لذلك اتجهوا لرئيس حملة روزفلت، "جورج بيركنز" " George Perkins"، الذي كان شريكا في "جي بي مورجان" " JP Morgan" وكان معتادا على التفاوض خلال الصفقات الصعبة مع العملاء.

ومن خلال عمله هذا أدرك أن الصفقات تعتمد على طريقة العرض والتقديم، وأن الخدعة في تقديم الصفقة على أنها فرصة.

وعليه أرسل برقية للمصور يقول له فيها: "نحن نخطط لتوزيع ملايين المنشورات التي تحمل صورة "ثيودور روزفلت" على الغلاف، وستكون دعاية كبيرة للاستوديو الذي يقع اختيارنا على صورته. فكم ستدفع لنا لاستخدام صورتك؟ ونرجو الرد سريعا".

ورد المصور فورا بأنه إنه سيقدم 250 دولارا، أي ما يعادل 6 آلاف دولار من أموال اليوم.

ورد عليه "بيركنز" بأن عرضه مقبول.

وفرح المصور بهذا الرد، فقد حصل على ثلاثة ملايين صورة موزعة على الصعيد الوطني وتحمل اسمه مقابل 250 دولارا فقط.

وفي المقابل حصلت حملة "روزفلت" على حقوق استخدام الصورة مجانا.

كل ذلك لأن "بيركنز" لم يطلب من المصور معروفا، ولم يخبره بأنهم بالفعل طبعوا جميع المنشورات، وهم مضطرون الآن لدفع كل ما يريد، كما أنه لم يكذب أيضا، فقط ألتف حول حولها، وقيمه ونظر إليه من جانب المصور. وقدم الصفقة على أنها فرصة.