هل أنهي "ترامب" عملية السلام باعترافه بالقدس عاصمة إسرائيل؟
خاص سياسي - جهاد السقا
تلقى "ترامب" العديد من التحذيرات بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل فقد صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لن يقبل بهذا القرار قائلا أن هذا سيكون بمثابة القضاء على عملية السلام في الشرق الأوسط وتداولت الأخبار العربية الأنباء حور التأثير المدمر لهذا القرار على النزاع العربي الإسرائيلي. ولكن هل أضر فعلا هذا القرار بعملية السلام؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتأكد ما إذا كانت القدس هي نفسها المنطقة المسماة في العبرية ب "أورشاليم". ففي أرض الواقع يبدوا أن القدس تختلف بشكل ما عن "اورشاليم" بمعنى أن إذا كان قرار "ترامب" هو بالاعتراف أن القدس عاصة لإسرائيل فربما كان فعل ذلك بمنح فلسطين شيئًا في المقابل ولكن ما يقصده هو جزء من القدس التي تعرفها العرب وليس بأكملها. ففي دراسة أجريت عام 2000 تبين أن كلا من الإسرائيليين والفلسطينين ينظرون إلى القدس بمنظور مختلف. فكلا الطرفين يهتمون فقط بالمناطق التي تهمهم من القدس وتبين ان الطرفين يهتمون بمناطق مختلفة بالمدينة فقال 92 بالمائة من الفلسطينيين أن ما يهمهم في القدس هي الأحياء الفلسطينية التي تقع شرق المدينة أما عن غربها التي تحتوي على أحياء اليهود ب 44 بالمائة فقط من الفلسطينيين أبدوا اهتمامهم بها بينما عبر 37 بالمائة من الفلسطينيين عن عدم اهتمامهم بتلك المناطق إطلاقا.
أما عن الجانب الإسرائيلي ف 95 بالمائة ما يهمهم في شرق القدس هي الأحياء اليهودية التي تم بناؤها حديثًا أما عن القري العربية هناك فعبر 42 بالمائة من الإسرائيليين عن عدم اعتبارها جزء من أورشاليم فهي لا تعنيهم بشيء. وبخصوص المدينة القديمة ف 59 بالمائة من الفلسطينيين عبروا عن عدم اهتمامهم بالحي اليهودي هناك فبالنسبة لهم هذا جزء ليس له أهمية في المدينة و40 بالمائة من الإسرائيليين يرون أن الأحياء التي تخص العرب بالقدس لا تعنيهم في شيء.
وتبين أن ما يهم الطرفين حقًا هي الأماكن المقدسة هناك وهم جبل المعبد والحرم الشريف حيث يوجد معبد سليمان والمسجد الأقصى وقبة الصخرة. وتلك الأماكن تمثل 1 بالمائة فقط من القدس. وهنا يكمن الخطأ الذي ارتكبه "ترامب" فكان عليه أن يشير تحديدًا إلى الموقع الذي سوف تتخذه إسرائيل عاصمة لها فقد صرح "نحن لا نقر تحديدًا بالشكل النهائي للعاصمة بما في ذلك حدود السيادة الإسرائيلية في القدس." كان ينبغي أن يقولها بشكل مختلف كأن يقول " نحن نعترف بأن جزء من القدس، المنطقة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل منذ 1949، هي منطقة تخضع للسيادة الإسرائيلية ولهذا سوف ننقل سفارتنا هناك. ونستمر في اعتبار المناطق الأخرى بما في ذلك المدينة التاريخية القديمة منطقة نزاع يمكن للطرفين حل الخلاف بشأنها بالتفاوض."
وعامة فالآمال بشأن السلام لم تنته حتما ولكن تظل القضية شائكة حول المناطق المقدسة وخاصة جبل المعبد فلن يتنازل أي من الطرفين عن سيادته هناك فالأمل الوحيد هو أن يتنازل كلاهما عن سيادته على تلك الأماكن وليعملوا باقتراح ملك الأردن السابق الملك حسين الذي أشار إلى ضرورة أن يوافق الطرفان على اعتبار جبل المعبد تحت سيطرة الله وحده.