"بوتن" اقترح نفس قرار "ترامب" بشأن القدس من قبل
خاص سياسي - جهاد السقا
"ترامب" ليس الوحيد الذي يعتقد أن عملية السلام في الشرق الأوسط قد تتحقق بمنح القدس لإسرائيل. فقبله صرح "بوتن" في ابريل الماضي على لسان وزارة خارجيته أن موسكو تعبر عن قلقها حيال النزاع الفلسطيني الإسرائيلي حيث توقفت المفاوضات السياسية بين البلدين لمدة تصل إلى ثلاث سنوات والوضع في مزيد من التدهور.
وألمحت حينها حكومة "بوتن" أن شرق القدس سيكون عاصمة الدولة الفلسطينية الجديدة كما أكددت أن غرب القدس سيكون عاصمة إسرائيل."
والفرق بين "بوتن" وترامب" أن موقف الأول أقوى فقد كان تصريحه أقوى من خطاب "ترامب" الذي جاء فقط تأكيدًا لموقف الولايات المتحدة باعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
فإعلان روسيا كان واضحًا وصريحا: ان على الدولتين مشاركة المدينة المقدسة بينهما. وفي الحقيقة أن تلك الفكرة جاءت بشكل ضمني في خطاب "ترامب". فعلى الرغم من أن "ترامب" تحدث عن القدس بأكملها إلا أنه أضاف بشكل مبهم أن إسرائيل ستأخذ جزء من المدينة فقط تلك هي كلماته: " حدود معينة للسيادة الإسرائيلية في القدس" سيتم التفاوض عليها. فالمعني واحد ولكن ما يختلف هو الطريقة التي قيل بها.
وربما السبب وراء ذلك هو محاولة "ترامب" إخفاء ما يريد قوله فعلا من ضرورة تقسيم المدينة بين البلدين خوفًا على مشاعر الدولة الإسرائيلية ولكن روسيا لا تهتم لذلك فهي قد تسببت بالفعل بالعديد من المشاكل لإسرائيل عبر السنين. فرغم ان روسيا ترغب في تحسين العلاقة مع إسرائيل إلا أنه ليس هناك ما تخسره من التصريح المباشر بتقسيم القدس.
والأهم أن الاثنين لهما نفس الرأي سواء كان ذلك مخططا أو مصادفة. فكلاهما يرى ان المفاوضات تجمدت لفترة طويلة بعد أن وصلت لأشدها في عام 2000. فبعد 17 عامًا من رفض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لقرار إقامة دولتين فأصبح الطريق الوحيد لتجديد المفاوضات هو بالشد والجذب.
فبعد كل تلك السنوات تبين ان الحل الأمثل للنزاع العربي الإسرائيلي هو الحل الذي رفضه ياسر عرفات وهو إقامة دولتين منفصلتين فلم تستطع الانتفاضات أو المظاهرات أو دعم الرأي العام الأوروبي أو الأمريكي أن تضعف الموقف الإسرائيلي. فبالعكس تستمر إسرائيل في بناء المستعمرات حتى في ظل الامتعاض الدوالي كما تزداد سيطرتها على المناطق المستعمرة قوة.
فتصريح "بوتن" جاء بشكل ودي: تعل وفاوض وسيكون بإمكانك الحصول على فلسطين فقط إذا تغاضيت عن فكرة محو إسرائيل من الوجود
أما عن تصريح "ترامب" فكان كأنه يقول من الأفضل أن تعاود المفاوضات لأن إسرائيل تزداد قوة وليس ضعفًا. وتلك حقيقة فمنذ حوالي ثمانية أشهر لم تكن هناك دولة في العالم تعترف أن القدس ولا حتى جزءً منها هي عاصمة إسرائيل. والآن دولتين من أكبر دول العالم تعترف بذلك فإسرائيل حقيقة وإذا أراد الفلسطينيون الحصول على دولة لهم ذات سيادة بذاتها فعليهم تقبل إسرائيل فتلك حقيقة لم يستطع عرفات الاعتراف بها.
ولكن هل أضر قرار "ترامب" بالقضية الفلسطينية؟ فالحقيقة ان "ترامب" لم يخدم القضية بأي شكل ولم يجيء قراره كدعوة لتجديد المفاوضات بين الطرفين وخاصة أن قبل بضعة أيام من قراره نشر على تويتر مقاطع فيديو معادية للإسلام كما كان يعمل على تنفيذ قرار حظر دخول المسلمين لأمريكا. لذا لم يؤخذ قرار "ترامب" على أنه محاولة لإحياء المفاوضات فكل الشرق الأوسط على دراسة بموقف "ترامب" الواضح من تصرفاته المعادية للمسلمين.