بقلم د.جاب الله أبوعامود: ترامب يحرق السلام بتهويد مدينة السلام

د.جاب الله أبوعامود .. رئيس المنتدى القانوني وعضو اللجنة التشريعية والقانونية بحزب الوفد
د.جاب الله أبوعامود .. رئيس المنتدى القانوني وعضو اللجنة التشريعية والقانونية بحزب الوفد

ما فعله الرئيس الأمريكي من نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.. هو اعتراف فعلي من قِبل أمريكا بكون القدس عاصمة إسرائيل؛ فبموجب الاتفاقيات الدولية وقرارت مجلس الأمن أن تظل القدس لكل الأديان ولا يحق أن يمثل فيها لدولة بسفارة أو قنصلية، وقد جاء في خطاب ذلك الرئيس -غير المسئول- بالأمس: "حان الوقت للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل" ضارباً بكل المعاهدات والمواثيق الدولية عرض الحائط مؤججاً الصراع العربي الإسرائيلي، فمنذ وعد بلفور 1917 بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، واليهود يحتلون أرض فلسطين بغير حق "أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق"، وبعد مرور مائة عام 2017 يأتي ترامب ليؤكد ذلك باعتبار القدس عاصمة إسرائيل.. فما أشبه اليوم بالبارحة .


ويعد هذا الفعل تهديداً للسلام، ليس في المنطقة فحسب بل في العالم كله، وقد تناولت مصر في خطابها أمام الجلسة العامة للأمم المتحدة هذه القضية وحذرت من التهاون في التعامل معاها وأنها سبب رئيسي ومباشر لكثير من الأفكار المتطرفة، بل وأن مصداقية الأمم المتحدة ومجلس أمنها مرهون بهذه القضية، ولكن ترامب لم يصغي لذلك وأحرق كل الجهود في حل عادل للسلام مهدداً أمن وأمان المنطقة.

وهنا يجب أن نتذكر أنه في أعقاب زيارة الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" للكينيست بعد نصر أكتوبر 1973 وقعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل وكان أهم شروطها أن تنزع السلاح من المناطق الحدودية في سيناء ويعهد بها لقوات دولية للحماية، وهنا رفض الاتحاد السوفييتي أن يبعث مجلس الأمن قواته مستخدماً حق الفيتو فتخطت مصر ذلك بعقد اتفاق مع أمريكا لإنشاء قوات حفظ السلام الدولية لتقوم بهذا الدور حرصاً منها على السلام الذي كانت إسرائيل تتمنى إجهاضه .

وكذلك في يناير 2011، وخلال احتجاجات واسعة النطاق من جانب المصريين ضد حكومتهم، وافقت إسرائيل على السماح لمصر بنقل عدة مئات من الجنود إلى شبه جزيرة سيناء للمرة الأولى منذ توقيع معاهدة السلام بموافقة إسرائيل، ونقلت مصر كتيبتين، حوالي 800 جندي، إلى منطقة شرم الشيخ في أقصى جنوب سيناء، بعيدا عن إسرائيل.

وفي أغسطس 2012 وافقت إسرائيل على تمكين مصر من نشر قوات إضافية، بما في ذلك مروحيات هجومية في شمال سيناء لمحاربة المسلحين الذين نفذوا هجوماً على حرس الحدود المصري والذي أسفر عن مقتل 16 مجنداً في وقت لاحق من ذلك الشهر.

نقلت مصر أسلحة ثقيلة إضافية إلى المنطقة المجردة من السلاح دون موافقة إسرائيل في مخالفة لشروط معاهدة السلام، وقالت مصر إن نشر هذه القوات والأسلحة يتماشى مع الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع إسرائيل في عام 2011، وأفيد بأن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة التوسط في هذا النزاع، وبعد ذلك بقليل أفيد بأن وزير الدفاع المصري "عبد الفتاح السيسي" وقتها أكد لنظيره الإسرائيلي إيهود باراك أن مصر ملتزمة بالحفاظ على معاهدة كامب ديفيد للسلام لعام 1979 مع إسرائيل.

وفي يوليو 2013 بعد وقوع عدد من حوادث العنف في شبه جزيرة سيناء وافقت إسرائيل على نشر قوات مصرية إضافية، ومفاد ما سبق أننا نستطيع الوقوف أمام العالم لتبديد آمال الكيان الصهيوني، فمن ثم قد حان الأوان للضغط على أمريكا بطرح معاهده السلام على مجلس النواب المصري لإعادة النظر فيها إن لم تتراجع أمريكا عن فعلها وليتحمل ترامب عواقب ذلك.