بقلم د. محمد نبيل: الإعلام صناعة وطنية

مع تقدم وسائل التواصل الاعلامي و التزايد المطرد في القنوات الفضائية و كذا استحداث وسائل التواصل الاجتماعي.  اصبح تشكيل العقل الجمعي والفكر المجتمعي وتوجيهه الي اتجاه معين لقضية ما عملية بسيطة تمتلك أدواتها وتسيطر علي أتجاهاتها آلات إعلامية ضخمة تمتلك من الامكانيات الفنية والتقنية والموارد البشرية ما يجعلها تفرض استراتيجيتها ورؤيتها علي المشاهد. والذي أصبح في عالمنا الان لا يكون رأيه إلا بما يشاهده أمامه من الصورة والخبر والتحليل. دون ان يكون المشاهد له رأيه الخاص المبني عن قرائته الخاصة او بحثه عن الحقيقة في مصادر مستقلة.


واحيانا تستخدم نظرية نصف الحقيقة تكفي وهي نظرية مقنعة جدا في عرض الاحداث. فيكفي جدا نقل حدث حقيقي متجزأ ليتم تركيب الجزء الباقي له بطريقة تتفق مع التوجه الاستراتيجي لتكوين رأي عن الحدث.

وهذه المنظومة هي عبارة عن صناعة متكاملة بل وتجارة رابحة تستهدف دائما جذب المشاهد، وتوجيهه ورفع نسب المشاهدة التي تستجلب معها الجزء التجاري بإعلانته التجارية التي ارباحها تضخ السيوله لاستمرار هذ الصناعة، وان كان وجود تلك الصناعة غير مؤثر في حالة البرامج الترفيهية بصفة عامة. الا انه يتضخم اثرها في المجتمع في حالة التصدي لقضايا وطنية او سياسية و اقتصادية تهم المواطن نفسه. فالتمهيد لقرارات معينة او قياس إتجاه الرأي العام نحوها بل، واحيانا تفسير بعض المواقف السياسية والأقتصادية  تفسيرا موجها. أصبح يمر من خلال منظومة الأعلام، فالمشاهد الموجه لا يكون رأيه إلا من خلال برامج معينة تقدم له القضية وتحليلها المقنع حتي وإن كان بنظرية نصف الحقيقة تكفي.

وهناك من العوامل التي تزيد من أثر تلك الصناعة من مجتمع لأخر، ففي مجتمعنا مثلا يقضي أفراده مرحله كبيرة من حياتهم الأولي في منظومة التعليم ما قبل الجامعي والجامعي ليتعلموا بطريقة واحده ألا وهي أن يكون متلقيا لا باحثا. 

و يؤكد هذه الفكرة ازدياد بيزنس الكورسات حتي في التعليم الجامعي، مما خلق فردا تعود ان يكون متلقيا دائما في مرحله تكوين فكره الاولي و هو الذي لن يرهق نفسه ليتحول الي باحث يدقق في ما يتلقاه فيما بعد، و هذا ما يزيد من أثر منظومة الأعلام في التوجيه.  

كما يساعد في أهميتها أيضا فكرة الديموقراطية وتداول الرأي و الرأي الأخر وأهمية الدعم الشعبي لأي أتجاه سياسي أو أقتصادي يتم اجرائه من متخذي القرار. وفي الحقيقة أن المنتج التعليمي لمنظومة التعليم خلق مجموعة من المتلقيين، وكان لابد له من موجه اخر ما بعد خروجه من التعليم بدرجاته ولا يوجد أفضل من إعلام مرأي ومسموع ليقوم بهذا الدور. 

و مما سبق يتأكد دائما دور التوجيه، وأنه لابد من وجوده و بهذه الفرضية لا يمكن أن يترك المجال في الأعلام بصفة عامة ايضا بدون استراتيجية وطنية تستطيع أن تخلق رأيأ عاماً يدعم قضايا الوطن.وذلك بإستحداث ميثاق الشرف الأعلامي في مؤتمر وطني خاص  لكل العاملين بالأعلام. ميثاقا لا يضع القيود ولا يفرض أسواراً علي الحقيقة، ولكن يشرح الثوابت الوطنية وأولويات المرحلة الفارقه التي تمر بها مصر مابين نظام رحل وأخر يواجه التحديات الداخلية المتراكمة والأقليمية المتغيرة، والتي تؤثر علي متخذي القرار داخلياً وخارجياً.