بقلم د. يوسف أبراهيم: الانطلاق نحو الهاوية !!

جاء يوليو محملاً بجرعة جديدة من القرارات المريرة، يتجرعها المواطن رغم أنفه، أبت الحكومة إلا أن تحتفل بذكرى 30 يونية في أسوء صورة، وامام سيل السباب واللعنات والدعوات بأن يعتق الله رقاب المواطنين من قيد تلك الحكومة وأن تذهب بغير رجعه، يبرز السؤال: ألم يكن أمام الحكومة سبيل آخر لتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة غير رفع أسعار المحروقات؟ ألم نسمع عبر ثلاث سنوات، عن كم الاكتشافات البترولية وحقول الغاز؟ أين انتاج تلك الحقول؟ ألم يقدم الرئيس وعوداً متتالية "بكرة تشوفوا مصر"، "استحملوني بس ستة أشهر"، وتحمل الشعب الشهور والسنوات العجاف، ولم نرى في مصر غير الازمات الاقتصادية، الازمة تلو الأخرى، ازمة سعر الصرف، ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وغيرها، ومع بداية كل ازمة، تأتيك تصريحات مستفزه من النواب والحكومة "احمدوا ربنا اننا مش زي سوريا والعراق" وهذا هو جل طموحاتهم، أن مصر ليست كسوريا والعراق!!، وعندها نصمت، كي لا نطلق عبارات تخدش الحياء العام. 


لماذا لم تُفعل منظومة كروت البنزين؟ الملايين التي أنفقت على تلك المنظومة دون تفعيل، أليست أهدار للمال العام؟ ألم يكن أجدر بالحكومة أن تفعل تلك المنظومة، فيصل الدعم لمن يستحقه، وفي الوقت ذاته تحافظ على معدل التضخم؟ لماذا تصر الحكومة على الإنفاق على المشاريع القومية كالطرق والمدن الجديدة، ومحطات الكهرباء، من حصيلة الضرائب وعبء الديون، ألم يكن أجدر بالحكومة أن تمول تلك المشاريع عن طريق الرسوم المفروضة على المنتفعين ومستخدمي تلك المشاريع، لقد قامت الحكومة بتمويل انشاء "قناة السويس الجديدة" بعيداً عن الموازنة العامة، لماذا لا يعمم هذا النموذج في باقي المشاريع القومية؟ وهل من المنطقي أن تحصل ضرائب من المقيمين في الصعيد، لإنشاء طرق وعاصمة إدارية في الدلتا، هم لن ينتفعوا بها؟ الحكومة تُقبل على رفع أسعار المنتجات البترولية وفواتير الكهرباء وفواتير المياه من أجل تخفيض العجز، في الوقت الذي تتسبب فيه بإجراءاتها غير الرشيدة في زيادة هذا العجز. 

مع كل اجراء تتخذه الحكومة نحو مزيد من خفض الدعم للحد من عجز الموازنة العامة للدولة، تتصرف الحكومة طبقاً لأفكار تقليدية لا تراعى الحالة المصرية بتعقداتها وثرائها، والتي تستطيع إلهام الاقتصاديين بأفكار اقتصادية جديدة، تتلائم مع ما تعانيه مصر من مشكلات وازمات، ولكن الحكومة لا تُعطي الفرصة لأحد، قُدمت لها العديد من الرؤى والأفكار، ولكنها القتها عرض الحائط، تجاهلت الجميع، تصر على أن تنطلق بمصر نحو الهاوية. 
يتحمل الرئيس المسئولية كامله، والسهام الموجهة للحكومة، هي نفسها التي ستصيب الرئيس، والرئيس لا يرى ولا يستمع لأحد، الغضب يزداد، الخوف لن يمنع الناس من الضجر والعنف، قبل الخامس والعشرين من يناير صرح مبارك أن مصر ليست تونس، بما يوحى بالسيطرة التامة للقبضة الأمنية، ولكن القضة الأمنية هي أول من تهاوى، سقطت القبضة الأمنية وسقط مبارك.