بقلم د. يوسف أبراهيم: متى ينفعل الرئيس؟

سياسي وباحث اقتصادي
سياسي وباحث اقتصادي

انفعل الرئيس، تساءل "من أنت؟" اجاب الرجل "أنا عضو مجلس الشعب" أكمل الرئيس: "أنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه؟ لو سمحت ادرسوا المواضيع كويس. تلعثم الرجل! أفاض الرئيس، صمت الرجل، وصفق الحضور معترفين علمياً أو أمنياً صحة وجهة نظر الرئيس! لم يكن انفعال الرئيس لأن الرجل طالب تأجيل إجراءات رفع الدعم عن الطاقة ولا لأنه طالب بزيادة الحد الأدنى للأجور ليكون 3000 جنية، فمثل تلك المطالب تتردد كثيراً ونادرا ما يُرد عليها، ولكن انفعال الرئيس كان رفضاً لأن يُقال هذا الكلام في لقاء عام وامام صمت الجميع، يُفهم أنه موافقه على ما طرحه الرجل، فانفعل الرئيس، يمكنك أيضاً مشاهدة الفيديو مرة تلو الأخرى وتلاحظ لغة الجسد الخاصة برئيس الوزراء، اقدامه المهتزة تُعطي دلائل أخرى غير تلك التي أبداها الرئيس، كان يجب أن يرد على النائب، فحكومته هي التي ستتخذ إجراءات رفع الدعم عن الطاقة ومسئولة أيضاً عن تحديد الحد الأدنى للأجور. 


بنهاية يونية القادم تكون قد مرت ثلاث سنوات على الفترة الرئاسية الأولى للرئيس، إنجازات تحققت، شبكة الطرق، مدينة الأثاث، المدن الجديدة، تدشين العاصمة الإدارية، تدشين المليون فدان، التعهد بانتهاء كآفة المشروعات قبل يونية 2018،  كلها أشياء لا ينكرها عقل، ولكن عبئها كان ثقيلاً، تضخم الأسعار وتضخم الحكومة، زادت أسعار العديد من السلع بنسبة تزيد عن 100%، المواطن يتألم، يشتكي، حالة من الحنق والسخط تسيطر على الجميع بسبب الأسعار، فانخفض الدخل الحقيقي له، كمية السلع والخدمات التي يحصل عليها بدخلة النقدي، بالحد الأدنى للأجور الذي يحصل علية، كل الاسعار والمعدلات التي بُني عليها الحد الأدنى تغيرت، النائب طالب أن يكون الحد الأدنى للأجور 3000، زيادة الحد الأدنى ليس حلاً، هو فقط مسكن يتعاطاه المواطن لينسى ما تفعله به الأسعار، والرئيس يرى خطورة هذا على الحزانة العامة، مزيد من الأجور وتعويضات العاملين، يقابلها حتماً مزيداً من الديون، ونحن يجب أن نوقف سيل هذه الديون، الحكومة تقدم موازنه بها فائض أولى، ورغم ضعف نسبته إلى الناتج المحلي، إلا أنها تراه فرصة، لتنفس الصعداء، لكن المواطن لم يعد يستطيع تنفس الصعداء! 

طبقت مصر في التسعينات برنامج للإصلاح الاقتصادي، كان له اهداف عده، من أهمها ضبط معدل التضخم، لم يصل حينها لما وصل إليه اليوم، معدل التضخم أكثر من 30%، هو معدل خطير، كفيل بأن يجعل كل انجاز يحققه الرئيس سراب، في يناير الماضي صرح الرئيس بأن الأسعار ستنخفض خلال ستة أشهر، ولكن هذا لم يحدث، حتى بقاء الأسعار على حالها لم يحدث، من أوحى للرئيس بمثل هذا التصريح؟ هل الحكومة ورطت الرئيس؟  متى ينفعل الرئيس على الحكومة؟ متى يطالبها باتخاذ إجراءات تكبح جماح الأسعار؟  

تغير الرئيس، صار أكثر حدة، بات مثقلاً بهموم كثيرة، "كان الله في عونه" اختفت عبارات مثل "هذا الشعب لم يجد من يحنوا عليه" لتحل محلها " انا مسئول أمام الجميع أن تكون مصر دولة ذات شأن وقيمة" وجميعنا يريد هذا، ولكن نريد معه أن يكون للمواطن المصري في مصر شأن وقيمة.