"تحويل البلاد إلى لبنان آخر".. تقرير يكشف خطة الميليشيات للسيطرة على العراق
حذر المحلل في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ماكس بوت، من الانسحاب الأميركي "الكامل" من من العراق، في وقت عرضت فيه الميليشيات الموالية لإيران تعليق الهجمات الصاروخية إذا قدمت بغداد جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأميركية من البلاد.
ومؤخرا أعلنت الولايات المتحدة خططا لخفض عدد القوات الأميركية في العراق من 5200 إلى 3000. وفي أواخر سبتمبر، هدد وزير الخارجية مايك بومبيو بغلق السفارة الأميركية بالكامل في بغداد إذا استمرت الهجمات التي تشنها القوات الإيرانية بالوكالة.
وقال بوت في تحليل على موقع مجلس العلاقات الخارجية، وهو معهد أبحاث مستقل مقره نيويورك، إنه "قد يكون من المنطقي بالنسبة للولايات المتحدة تقليص بعثتها الدبلوماسية في بغداد، وهي البعثة الأكبر في العالم"، بالنظر إلى استمرار الهجمات التي تشنها الميليشيات العراقية، المدعومة من إيران.
لكنه عاد ليقول إن هذا الانسحاب "من شأنه، في الواقع، أن يمنح إيران ما تريده بالضبط. بقاء القوات الأميركية في العراق يضمن مواجهة النفوذ الإيراني، الذي لا يزال موجودا رغم كل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على طهران".
وأضاف "تحاول إيران (لبننة) العراق، أي تحويل العراق إلى لبنان آخر، حيث تسمح بحكم حكومة موالية للغرب نظريا بينما تمارس الميليشيات، الموالية لها، القوة الحقيقية. في لبنان، هذه القوة هي حزب الله. أما في العراق فهذه القوة هي ميليشيات مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق".
واستعان بوت بتحليل سابق عن "خرائط نفوذ الميليشيات الإيرانية" للباحث العراقي الراحل هشام الهاشمي، فقد وجد الهاشمي أن "الاستيلاء التدريجي للميليشيات على الدولة، بحجة إعادة الإعمار والمصالحة بعد الحرب الأهلية، هو جزء من الحرب الطائفية، وجريمة منظمة".
وأكد أن الميليشيات "انتزعت سيطرة واسعة النطاق على جزء كبير من الاقتصاد العراقي: من جمارك المطارات، ومشاريع البناء، وحقول النفط، والصرف الصحي، والمياه، والطرق السريعة، والكليات، والممتلكات العامة والخاصة، والمواقع السياحية، والقصور الرئاسية. وابتزاز المطاعم والمقاهي وشاحنات البضائع والصيادين والمزارعين والعائلات النازحة".
وفي النهاية، دفع الهاشمي حياته ثمنا لبحوثه، ففي 6 يوليو الماضي، فقد اغتيل على يد مسلحين خارج منزله في بغداد "فيما يعتقد على نطاق واسع أنها عملية نفذتها قوات الحشد الشعبي"، حسبما يقول محلل مجلس العلاقات الخارجية.
وأوضح بوت أن "النتائج التي توصل إليها الباحث العراقي، والمذكورة أعلاه، نقلها صديقه، المحلل الأمني السوري الأميركي حسن حسن، الذي تحدث إلى الهاشمي قبل ساعتين من اغتياله".
كما حذر ماكس بوت من حظر عودة ما يعرف بتنظيم داعش إلى العراق، والذي كان سببا رئيسا في تشكيل ميليشيات الحشد الشعبي.
وقال: "منذ أن تم تدمير خلافة داعش المزعومة في العراق إلى حد كبير عام 2017، كان رؤساء الوزراء العراقيون يحاولون، دون نجاح يذكر، تقليص قوة الحشد الشعبي، ومعظمها ميليشيات شيعية، الذي كان سبب وجوده هو محاربة المتطرفين السنة".
وأضاف "كان آخر من حاول مصطفى الكاظمي" وهو رئيس سابق للمخابرات العراقية، تولى منصب رئيس الوزراء في مايو الماضي، بعد احتجاجات شعبية على الفساد والبطالة.
وأشار بوت إلى محاولة الكاظمي في أواخر يونيو، حينما أمر باعتقال 14 عضوا بميليشيا كتائب حزب الله. لكن بعد أن دخل مسلحون في شاحنات صغيرة إلى المنطقة الخضراء في بغداد، حيث مقر الحكومة، وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين، تم إطلاق سراح معظمهم، ثم تصويرهم وهم يحرقون الأعلام الأميركية ويدوسون على صور الكاظمي.
وخلص بوت إلى أنه "يجب على الولايات المتحدة أن تستمر في دعم الكاظمي، أكثر رئيس وزراء موال للغرب في العراق منذ سقوط صدام حسين"، على حد قوله.
وتابع "إنه (الكاظمي) أفضل رهان ليس فقط لكبح جماح وكلاء إيران، لكن أيضا لمنع عودة ظهور داعش، وهي منظمة إرهابية يُقال إن لديها عشرة آلاف مقاتل في العراق وسوريا واحتياطيات مالية لا تقل عن 100 مليون دولار".
ويرى المحلل بمجلس العلاقات الخارجية أن الهدفين مرتبطان ارتباطا وثيقا، موضحا "كلما زادت سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران على الدولة العراقية، زاد لجوء السنة العراقيين إلى الجماعات السنية المتطرفة مثل داعش من أجل الحماية. بالمقابل، كلما بدت الدولة العراقية غير طائفية، زاد احتمال أن يرفض السنة إهانات داعش".
ونصح بأن تواصل الولايات المتحدة الضغط من أجل دولة غير طائفية من خلال المساعدة في تدريب قوات الأمن العراقية، وتقديم المشورة للقادة العراقيين، والمساعدة الحاسمة في مجالات مثل الاستخبارات، والاستهداف، والخدمات اللوجستية.
ولفت إلى أنه "لا يمكن القيام بذلك إلا إذا حافظت الولايات المتحدة على وجود كبير على الأرض، ثلاثة آلاف جندي كحد أدنى، على الرغم من مخاطر الهجمات المدعومة من إيران".