الحرب بين "إسرائيل" وإيران .. أين وكيف ومتى؟
يزداد خوف "إسرائيل" يوماً بعد آخر من خطر إيراني يُحدق بحدودها الشمالية؛ من جهة "حزب الله" اللبناني، والمجموعات الإيرانية التي تُقاتل في سوريا، إلى جانب نظام الأسد، منذ 7 سنوات.
وتحاول دولة الاحتلال وضع حدٍّ للخطر في خضمّ غارات إسرائيلية على سوريا، ما دفع "تل أبيب" إلى استباق الخطوة والذهاب باتجاه حرب التصريحات وسياسة الضربات الخاطفة في سوريا.
ولعل ما يؤكد ذلك هو الغارة التي نفّذتها طائرات إسرائيلية من طزار "إف 15" على مدينة حماة، في مايو 2018، واستهدفت أسلحة وصواريخ أرسلتها طهران إلى نظام الأسد.
الغارة أدت إلى سقوط 25 إيرانياً في سوريا بين قتيل وجريح، وقد وضعها مراقبون في دائرة المواجهة القديمة المتجددة بين الغريمين إيران و"إسرائيل".
وتصاعدت موجة القصف الإسرائيلي، خلال الأشهر الأخيرة، في ظل الحديث عن وجود قوات إيرانية تقاتل إلى جانب نظام الأسد في المناطق الحدودية بين سوريا و"إسرائيل".
وفي آخر تطور، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية موقعاً يتبع لـ"فيلق القدس" الإيراني، فجر اليوم الاثنين (21 يناير)، ما أدّى إلى أعداد متضاربة من القتلى بين 4 و11، حسب مصادر مختلفة.
وذكر الناطق باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، على "تويتر"، أنه جرى استهداف مواقع تابعة لإيران في سوريا، دون أن يقدّم تفاصيل أو يحدد المنطقة أو المناطق التي تم قصفها.
وحذّر الجيش في نفس البيان النظامَ السوري من محاولة استهداف "إسرائيل" رداً على هذا القصف، والذي يُعدّ الثاني من نوعه خلال أقل من 24 ساعة.
وبعد ساعات قليلة، أعلن وزير الاستخبارات والنقل الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، دخول بلاده "مواجهة علنية ومفتوحة" مع إيران، "ولن تسمح لها بتثبيت وجودها في سوريا".
كاتس أكد في حديث لإذاعة جيش الاحتلال أن "إسرائيل مستعدّة لتأجيج هذه المواجهة عندما يتطلّب الأمر ذلك"، ولم يستبعد أن تبذل بلاده جهوداً أكبر لمنع انتشار النفوذ الإيراني في سوريا.
وأضاف: "لقد تغيّرت سياستنا وباتت مواجهة مفتوحة مع إيران، وعندما نحتاج لتشديد هذه المواجهة فسنقوم بذلك"، بحسب ما نشرت وكالة " إنترفاكس" الروسية.
وأشار وزير الاستخبارات الإسرائيلي إلى أن "الهجوم على مواقع إيرانية كان إشارة واضحة لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس (الإيراني)".
وزعم أن منتجعاً للتزلّج في القسم الشمالي من هضبة الجولان تعرّض لقصف بصاروخ أُطلق من الأراضي السورية، معقباً بالقول: "كل من يهاجمنا سيدفع الثمن غالياً".
وقد سبق هذا التطوّر بأشهر قليلة حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول مجموعة "أسرار" كشفها ضمن هجومه على ملف إيران النووي.
هذا الأمر اعتبره مراقبون ذريعة تدعم موقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي آنذاك، وحدث ما حدث فعلاً بعد أسابيع قليلة.
وكان نتنياهو قدّم، مطلع مايو الماضي، ما أسماها أدلة على امتلاك إيران برنامجاً نووياً سرياً لتصنيع صواريخ نووية، قائلاً: "لدينا أدلة على وجود برنامج تسلّح نووي إيراني سري".
وتصاعُد الضربات الإسرائيلية تزامناً مع تركز القوات الإيرانية في المناطق الحدودية بين دمشق و"تل أبيب" يُعيد إلى الواجهة الحديث عن مواجهة قد تتصاعد أكثر خلال الأشهر المقبلة.
مؤشرات المواجهة
المراقب في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، توماس فريدمان، وعدد من المحللين السياسيين والمراقبين للشأن الإسرائيلي، اعتبروا أن التطورات الأخيرة "تدل على بدء مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران".
ويوضح فريدمان في مقال له، أن الجولة الأولى من المواجهة كانت في فبراير الماضي، حين أعلنت "إسرائيل" إسقاط طائرة مسيرة إيرانية دخلت أجواءها، انطلقت من مطار "تيفور" السوري في محافظة حمص.
وآنذاك خرج نتنياهو بالقول: إن "الطائرة الإيرانية التي أسقطناها تحمل متفجّرات، وكانت موجّهة لتنفيذ هجوم على إسرائيل، وليست في مهمة استطلاع".
وبعدها بأسابيع قليلة شنّ الطيران الإسرائيلي هجوماً صاروخياً، في 9 أبريل الماضي، على قاعدة تيفور (T-4) السورية، الواقعة في محافظة حمص، ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً بينهم إيرانيون.
سلسلة الأحداث المتعاقبة هذه تنذر فعلياً باحتمال قرب مواجهة بين الطرفين، وتؤكدها معلومات مسربة لمسؤولين أمريكيين تفيد بأن "إسرائيل" تستعد لعمل عسكري يستهدف إيران.
وجاء في التصريحات التي نشرتها شبكة "إن بي سي" الأمريكية لهؤلاء المسؤولين، أن "تل أبيب" تسعى للحصول على دعم أمريكي لشن عملية عسكرية تستهدف إيران.
وأكّدوا أن الغارة الأخيرة على مدينة حماة شمالي سوريا نفذتها "إسرائيل"، لافتين إلى أن هذه الغارة "تمثل إشارة على حرب وشيكة بين إيران وإسرائيل".
ويمكن القول إن هذه هي المرة الأولى التي يتواجه الطرفان بطريقة مباشرة، في ظل "مشاورات أمنية" وتهديدات يرسلها نتنياهو بين حين وآخر، دون استبعاد أن تنفّذ "تل أبيب" غارات جديدة.
أرض المعركة
وإذا ما تصاعدت التوترات فعلياً بين الطرفين وانتهت بحرب حقيقية، فإن علامات استفهام كثيرة تدور حول شكل المواجهة وساحة المعركة المتوقعة، وهل يمكن أن يكون هناك قتال مباشر؟ أم ستكون في سوريا أو لبنان؟
ويمكن القول إن الحرب –إذا ما وقعت- لن تكون على شكل مواجهة حقيقية بين إيران و"إسرائيل"، بل إن الأمر سيقتصر على جعل أرض المعركة في سوريا.
ويمكن الاستناد في ذلك إلى تصريحات سابقة لنتنياهو، قال فيها: "إن إيران تعمل على تحويل سوريا إلى قاعدة عسكرية تتمركز فيها بغية استخدام دمشق وبيروت كجبهات حرب لإزالة إسرائيل من الوجود".
ويبدو أن "إسرائيل" تحاول إبقاء المعركة في سوريا للحد من نشاط طهران في بناء مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة، وهذا الأمر لن تسمح به إسرائيل، بحسب نتنياهو، الذي أكد عدم رغبته في خوض حرب مع طهران، وهو ما يضعف سيناريو المواجهة المباشرة.
هذا الأمر أكده المعلّق الإسرائيلي عوديد غرانوت، في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، قائلاً: "إن المواجهة العسكرية على الأراضي السورية لم تعد سيناريو خيالياً، وإنْ كان الطرفان لا يرغبان فيها، على الأقل في هذه اللحظة".
كما تحدثت تقارير ومراكز أبحاث إسرائيلية عن قلق إسرائيلي متزايد من "تنامي الدور الإيراني في سوريا"، ونقل طهران صواريخ متطورة ودقيقة من شأنها كسر التفوق العسكري الإسرائيلي.
وترى "إسرائيل" أن طهران تسعى إلى نشر منظومة صاروخية من الساحل اللبناني حتى جنوب سوريا، بحيث يصبح بمقدورها ضرب أي مكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الوقت الذي يرى فيه خبراء أن المواجهة بين الطرفين ستبقى محدودة، يؤكد آخرون أن احتمالات الحرب يمكن أن تكون حاضرة وقد تبدأ من لبنان وسوريا.