نيويورك تايمز: السعودية تلجأ لسياسة الشيكات لتغطية اغتيال خاشقجي

نيويورك تايمز: السعودية تلجأ لسياسة الشيكات لتغطية اغتيال خاشقجي
نيويورك تايمز: السعودية تلجأ لسياسة الشيكات لتغطية اغتيال خاشقجي

قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن السعودية بدأت بعملية دفع مبالغ ضخمة للعديد من الدول، من أجل التغطية على مقتل الصحفي جمال خاشقجي، داخل مبنى قنصليتها في إسطنبول.


وبحسب محمد بزي، أستاذ الصحافة في جامعة نيويورك، فإنه وفي الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري، وبينما رفضت العديد من كبريات الشركات العالمية المشاركة بمؤتمر الاستثمار الذي عقد في الرياض برعاية ولي العهد محمد بن سلمان، كان رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان حاضراً.

وعقد اجتماعاً مع مسؤولين سعوديين تمخض عن وعود سعودية بتقديم معونات لباكستان، تصل إلى 6 مليارات دولار، علماً بأن خان سبق أن زار السعودية في سبتمبر الماضي بحثاً عن الدعم المالي، غير أنه خرج خالي الوفاض.

ويضيف الكاتب أنه مع صعود بن سلمان إلى السلطة، اتبع السعوديون سياسة خارجية أكثر عدوانية وعسكرية، ولكنهم تراجعوا أيضاً عن تكتيك شحذ الولاءات عبر المال، كما كانوا سابقاً، مستفيدين من ثروتهم الطائلة.

لكن وفي خضم الضجة الدولية حول مقتل خاشقجي، ضغطت الرياض على زعماء حكومات إسلامية تعتمد على الدعم السعودي، لتأييدها، فأعلنت الإمارات حليفة السعودية في حرب اليمن عن تأييد الرياض، وكذلك البحرين التي تعتمد بشكل كامل عليها، بالإضافة إلى حكومات دول أخرى، مثل مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والحكومة اليمنية.

وعندما اعترفت السعودية بأن عملاؤها قتلوا خاشقجي داخل القنصلية بعد أسابيع من الإنكار، أعرب بيان لوزارة خارجيتها عن تقديره لمواقف البلدان التي فضلت الانتظار إلى حين بيان الحقائق وتجنبت المضاربات والادعاءات التي لا أساس لها من الصحة.

بالإضافة لسياسة دفع المال، تسيطر السعودية على إمبراطورية إعلامية ضخمة تعمل من أجل تلميع صورتها الخارجية وتهاجم منتقديها.

ويمول القادة السعوديون منافسيهم من أجل الوقوف بوجه الخصوم السياسيين لإفشالهم، وخاصة أولئك الذين يرفضون السير بموازاة الخط السياسي للسعودية.

وتنفق السعودية عشرات الملايين من الدولارات لتمويل وسائل إعلام ومراكز أبحاث وجامعات ومؤسسات ثقافية بارزة، بحسب ما يقول الكاتب.

إن استعمال دبلوماسية الشيكات والتهديد بحجب الاستثمار والتجارة، كما يرى الكاتب، لم يعد سلاح السعودية بوجه خصومها في العالمين العربي والإسلامي، فلقد أوقف بن سلمان صفقات تجارية واقتصادية مع ألمانيا وكندا رداً على انتقادات وجهت للرياض، بسبب الحرب في اليمن أو اعتقال النشطاء السعوديين.

حتى الدول التي لم تعرب عن تضامنها مع السعودية في قضية خاشقجي، فإنها التزمت الصمت، خشية من إثارة غضب حكام السعودية، في حين دعت دولة مثل إندونيسيا التي لها علاقات تجارية واسعة مع المملكة إلى إجراء تحقيق شامل، في تكرار لخطاب الرياض.

غير أن جارتها ماليزيا، كانت أكثر صراحة، حيث انتقد رئيس وزراءها مهاتير محمد، السعودية، قائلاً: "نحن أيضاً لدينا أناس لا نحبهم، ولكننا لا نقتلهم"، في أوضح انتقاد للمملكة من زعيم دولة إسلامية، في وقت كانت الرياض حليف رئيسي لسلفه نجيب عبد الرزاق.

ويقول الكاتب، إن عبد الرزاق تلقى في العام 2015 هدية من السعودية غير معلومة السبب، تبلغ قيمتها 681 مليون دولار، حيث نزل المبلغ في حسابه الشخصي.

ويؤكد الكاتب أن أغلب الدول التي أصدرت بيان تأييد للسعودية ورفض للهجة الدولية المتصاعدة ضدها على خلفية مقتل خاشقجي، هي دول تتلقى بطريقة أو بأخرى مساعدات من المملكة، وتخشى أن تقوم الرياض بوقف تلك المساعدات والهبات.

ليس هذا فحسب، يقول الكاتب، فالسعوديون يسيطرون على المدن الإسلامية المقدسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهي تستخدم نفوذها لمكافاة الأصدقاء وتهميش الأعداء بالعالم الإسلامي، حيث تقوم بتقديم سمات الحج للعديد من السياسيين والحلفاء في دول العالم.

وفي عهد الملك سلمان وابنه محمد، سارعت السعودية لمعاقبة الدول التي تعتبر أنها فشلت في أداء دورها بالصراع مع إيران، كما حصل مع لبنان.

 فلقد حجبت السعودية المساعدات عن بيروت في أوائل العام 2016، بعد أن أهملت الأخيرة إصدار بيان تدين فيه عملية اقتحام قنصليتها في طهران، وألغت الرياض وقتها مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار مقدمة للجيش اللبناني والقوات الأمنية.

وفي الأزمة الحالية، يقول الكاتب "طالب بن سلمان، رئيس وزراء لبنان بموقف واضح، حيث كان سعد الحريري في ضيافته لحضور المؤتمر الاستثماري الذي عقد بالرياض مؤخراً، بعد أن سبق لولي العهد أن احتجز الحريري أثناء زيارة في نوفمبر الماضي، وأجبره على تقديم الاستقالة من هناك".

ويختم الكاتب مقاله بالقول، إن حلفاء السعودية وأعدائها يدركون خطر وصول بن سلمان إلى العرش وحكم السعودية، فلقد أظهر أنه متهور وقاسي، وسيكافئ من يقف إلى جانبه.