استمع لآخر كلمات خاشقجي .. محمد بن سلمان قلب نظام الحكم لمصلحته
حصل "الخليج أونلاين" على تسجيل صوتي للصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، ظهر بعد اغتياله في الثاني من أكتوبر الجاري، يتحدث فيه عن أسرار الحكم في بلاده وكيف استطاع ولي العهد محمد بن سلمان إحكام قبضته على السلطة.
وفي التسجيل، قارن الإعلامي الراحل بين وضع الأسرة المالكة في زمن الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود ثم في عهد أولاده من بعده، ووضعها بعد تولي بن سلمان ولاية العهد.
-قلب الحكم لمصلحته
وقال خاشقجي: "إن محمد بن سلمان استطاع أن يُجري تغيير جميلاً جداً، فمنذ وفاة الملك عبد العزيز حتى 2015 كان هناك شراكة أو حكم أفقي في أولاده حسب الأكبر سناً"، مشيراً إلى أن "المناصب التي يتولاها إخوة الملك كالوزارات يكون فيها لديهم صلاحيات واسعة، الأمر الذي ربما أدى لإهدار أموال عامة".
وأضاف: "في الماضي إذا كان هناك نزاع بين قبيلتين نراهم يتخاصمون عند ديوان الملك وديوان الإمارة والداخلية، وتتشابك القضايا مع بعضها، ويأتي توجيه من أكثر من مكان، ويصبح أمير المنطقة لا يعرف لمن يستمع، بسبب النظام الأفقي الذي كان سائداً".
وتابع: أنه "في العام 2015 انتهى الحكم عند آخر الأبناء الأقوياء لعبدالعزيز وهو الملك سلمان، وكانت فرصة تاريخية اغتنمها نجله محمد، وهي أقدار الله التي وفرت له المساحة التي يتقدم فيها، إلى جانب مهاراته في المناورة ليصل إلى ما وصل إليه".
وبين الصحفي الراحل أن طبيعة الحكم الأفقية انتهت بصعود بن سلمان وأصبح الحكم مركزياً عمودياً، و"لا يوجد مركز قوة بالمملكة إلا هو".
كما أوضح أنه "في السابق كان من لديه حاجة يذهب إلى (ديوان الملك، ديوان الإمارة، وزارة الداخلية، ديوان ولي العهد) أما اليوم فلا يوجد لديك عنوان تذهب له إلا الديوان الملكي، فهناك مركزية هائلة غير مسبوقة".
وبين أن محمد بن سلمان "تعمد أن لا يكرر النظام الأفقي، إذ كان بإمكانه أن يكرره بإحضار اثنين من إخوته، ويضع واحد في وزارة الدفاع والثاني في الداخلية، وآخر مستشار، ولكنه أراد أن يراه الناس لوحده، وحتى عند دخوله لاجتماع يكون لوحده ولا يتساوى مع أحد".
وتابع خاشقجي أنه حتى في وسائل التواصل الاجتماعي "تجدون صورة يستخدمها أنصار الأمير (بن سلمان)، وهو لديه جيش إلكتروني، وفيها صورة له يقف أمام خريطة ويشرح لجده الملك عبد العزيز عنها والجد ينظر بإعجاب، الرمز واضح، وهو أنا امتداد لك، أنا مثلك".
-أسرة مسكينة
وعاد الصحفي الراحل بالزمن إلي تولي الملك عبد العزيز للحكم، وقال: إن "القصة الكلاسيكية أنه عرض على والده الأمير عبد الرحمن الفيصل آل سعود الحكم هي غير صحيحة، ولكنه بعد أن استقبله وأكرمه قال له إنه دوري، أنا أخذت الحكم بالقوة، أنا فتحت الرياض".
ووصف خاشقجي حال أسرة آل سعود قبل الملك عبد العزيز بأنها "كانت مسكينة ولاجئة في الكويت ثم في قطر"، واصفاً إياه "بأنه بالفعل بنى السعودية الحديثة، ونحن نطلق عليه المؤسس".
وتابع قائلاً: "واضح أن بن سلمان يريد أن يعيد هذه الصورة، ولكنه يريد إعادتها عمودياً، الإشاعة القوية أنه ينوي أن يقيل أناساً كثيرين من الديوان الملكي، ويختصره على الملك وولي العهد وربما عدد صغير معهم".
وحول سياسات بن سلمان قال: "أعتقد شخصياً كمواطن سعودي أن إعادة بن سلمان لصياغة الأسرة المالكة فكرة جيدة وسيكون له تأثير اقتصادي وفي القوة، والذي يهمني أنا كمواطن أنه سوف يجعله يرانا".
وتابع: "أعتقد أن تصغير الأسرة المالكة شيء مفيد وسيكون له انعكاسات اقتصادية وسياسية، لأن الأمراء كونهم أمراء يحصلون على مزايا تفضيلية في العمل والرعاية".
وبين تنظيم الأسرة المالكة، قائلاً: "صاحب السمو الملكي هم أبناء وأحفاد عبد العزيز، صاحب السمو أبناء إخوة عبد العزيز وأبناء عمهم، بين هؤلاء وهؤلاء يصل عددهم إلى أكثر من 10 آلاف وقد يصل لـ20 ألفاً، والأرقام معروفة ولهم مخصصات مالية، وهناك نظام مكتوب، كما تتفاوت الأموال التي يأخذونها".
وأكد أن عدد الشركات التي يملكها الأمراء هائل جداً، ففي العام 1996 أو 1997، قال خاشقجي: إنه "حصل على كتاب من شخص باكستاني كان يعمل سكرتيراً بالسفارة اليابانية في جدة، ويبدو أنه أوكل له أن يسجل من الصحيفة الرسمية السعودية كل أسماء الشركات التي يملكها الأمراء وعددها هائل جداً".
-المواطن مركز ثان
وقارن الصحفي الراحل في التسجيل في حال المواطن السعودي قبل وبعد بن سلمان. وبين أنه في السابق كان "المواطن مركز ثاني، لذلك الدولة لا تراه" لكن في عهد بن سلمان لفت إلى أن الدولة باتت تراه كمصدر للدخل، لكن المواطنين بدؤوا يضجرون من ذلك.
وأشار ألى أنه "حتى الآن لا يوجد ضريبة على الدخل في السعودية ولكن السعودي يدفع رسوماً"، لكن اعتبر وجود نظام الضرائب يفيد المواطن السعودي والمملكة على المدى البعيد.
وأوضح خاشقجي: "عندما ندفع الضرائب وأعتقد أن هذا يوم آت لا محالة، ستتغير نمطية الحياة؛ ستبدأ الدولة بالاهتمام بإنتاجية الفرد، كما أن الشخص سيصبح لدى الدولة أكثر قيمة، تهتم بتعليمه ونجاحه في العمل؛ لأنه يدفع حصة من دخله إليها".
جدير بالذكر أن خاشقجي قتل في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، في الثاني من أكتوبر الجاري، بعد ذهابه لاستخراج بعض الأوراق الرسمية، وتبين أن عملية اغتياله كانت مدبرة ونفذها 18 سعودياً، ولم تشفع له مواقفه الداعمة لبلاده والمؤيدة لبعض القرارات التي اتخذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في إطار ما أسماها الإصلاحات لبلاده.
وحتى الآن لا تعرف أين جثة خاشقجي، ولا من أمر بتنفيذ عملية الاغتيال، في وقت تشير فيه أصابع الاتهام بشكل كبير إلى ولي العهد محمد بن سلمان، كما تبين أن منفذي الجريمة مقربون منه.
ولاقت قضية خاشقجي اهتماماً بالمحافل الدولية، وسط مطالبات بفتح تحقيقات دولية محايدة للتوصل إلى حقيقة الاغتيال ومحاسبة الفاعلين.