وثيقة حماس .. نضوج سياسي أم التفاف على الخلاف العربي مع الإخوان؟

مثلت الوثيقة السياسية الجديدة المقدمة من حركة حماس الفلسطينية تبدلا نوعيا على صعيد مواقف الحركة من الملف الفلسطيني والصراع مع إسرائيل، إذ أنها تقر للمرة الأولى بقبول فكرة قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967. الحركة كانت قد تعرضت للكثير من الضغوطات لتبديل شعارها التأسيسي القائم على ضرورة "تدمير دولة إسرائيل" واستخدام العنف كوسيلة لإعادة إحياء الدولة الفلسطينية.


ولكن الوثيقة من جهة أخرى لا تحمل أي تعديل على موقف الحركة لجهة الاعتراف بدولة إسرائيل التي تصفها بأنها "العدو الصهيوني"، وإن كانت الوثيقة قد سعت لرسم حدود ما بين الصراع السياسي والصراع الديني بفصلها ما بين مواجهة "المشروع الصهيوني" وبين الصدام مع اليهود كأتباع ديانة محددة.

وقال زعيم الحركة، خالد مشعل، في مؤتمر صحفي تحدث فيه عن الوثيقة بالقول: "حركة حماس لا تخوض صراعا ضد اليهود بسبب دينهم وإنما تخوض الصراع مع الصهاينة الذين يحتلون فلسطين". وقد شددت الوثيقة على أن قبولها لدولة ضمن حدود عام 1967 لا يعني التخلي عن "تحرير كامل فلسطين من البحر إلى النهر" إلى جانب الدفاع عن خيار العمل المسلح واعتباره حقا مشروعا.

الأمر الثاني اللافت في الوثيقة هو أنها أسقطت الإشارة إلى الجذور الإسلامية للحركة المتمثلة في تنظيم الإخوان المسلمين، في خطوة رأى مراقبون أنها قد تكون على صلة بمحاولة التقرب من دول عربية على رأسها مصر.

إسرائيل ترد على الوثيقة.
الحكومة الإسرائيلية رفضت الوثيقة الجديدة لحماس قائلة إنها مجرد مناورة، وعلق ديفيد كييس، الناطق باسم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بالقول: "حماس تحاول خداع العالم ولكنها لن تنجح.. قادة الحركة يدعون يوميا إلى إبادة جماعية لليهود وتدمير إسرائيل وهم يحفرون الأنفاق المستخدمة بعمليات إرهابية وقد أطلقوا آلاف الصواريخ على المدنيين الإسرائيليين. مدارس حماس ومساجدها تعلم الأولاد بأن اليهود هم قردة وخنازير.. هذه هي حماس الحقيقية."

عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد أشتيه، وهو أحد مستشاري رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، قال إن حركة حماس أظهرت في الوثيقة أنها "متخلفة بعقود فكريا"، مضيفا أن الحركة تناقش اليوم ما نفذته منظمة التحرير الفلسطينية قبل 43 عاما.

وتحدث أشتيه لـCNN قائلا: "هم يناقشون اليوم ما قمنا به منذ 43 عاما، فما الذي خلصوا إليه؟ خيار حل الدولتين. حركة حماس ستحاول تقديم نوع من أوراق الاعتماد للمجتمع الدولي بإظهار نفسها على أنها شريك."

هل بلغت حماس سن النضج؟
مصطفى البرغوثي، السياسي الفلسطيني المستقل والمعروف، وصف وثيقة حماس بأنها "دليل على نضج وتطور سياسي" مضيفا: "الوثيقة هي نتيجة لحوار سياسي يجري منذ فترة طويلة وهي أيضا تعكس الإحساس بضرورة التعامل مع المجتمع الدولي وإظهار الصورة الحقيقية للحركة."

وتابع البرغوثي: "هذه القضية قائمة منذ سنوات وأنا مسرور أن الحركة وصلت إلى مستوى من النضج قررت معه تطوير برنامجها السياسي.