بقلم د. محمد فؤاد: إنهم يخدعون الرئيس !!
خاص سياسي
طالعنا امس الاول خبر "عاجل" تحت عنوان إجراءات الإصلاح الاقتصادي خفضت عجز الموازنة 50%.
و في متن الخبر الذي تناقلته المواقع و الفضائيات قال السيد عمرو الجارحي، وزير المالية، إن الإجراءات الإصلاحية نجحت في خفض العجز "الأولي" للموازنة العامة بنسبة 50%، مشيرا إلى أن خفض عجز الموازنة للعام المالي المقبل لن يمس مخصصات برنامج الحماية الاجتماعية.
و قال الوزير إن العجز الأولي في الموازنة تراجع إلى 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر، مقابل 2.1% خلال نفس الفترة من العام الماضي.
و لنا هنا وقفة في هذا المصطلح الذي استحدثته دوائر المالية العامة مؤخرا لاعطاء القيادة السياسية الاحساس بان الوضع المالي تحت السيطرة و سنفد في السطور القادمة لماذا لا يجب ان نعتبر انخفاض العجز الاولى مدعاة للفخار و التباهي.
اولا: العجز الأولي هو الفرق بين الإنفاق الحكومي الحالي وإجمالي الإيرادات بكل أنوع الضرائب و لا يتضمن الانفاق هنا تكلفة الدين. فمثلا بينما اشار "الجارحي" إن المصروفات زادت بحوالي 10% فقط خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، أشار أيضا إلى أن هناك بندا واحدا زادت نفقاته خلال نفس الفترة بنسبة 135%، وهو فوائد الدين. و هو نفس البند الذي لا يحتسب داخل مؤشر العجز الأولي!
ثانيا: سجل العجز الأولي تراجع كنسبة من الناتج المحلي، لأن الإيرادات من المتوقع أن تزيد حصيلتها بشكل كبير مع زيادة الضرائب في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة في خفض مخصصات الدعم وعدم زيادة الأجور.
ثالثا: بالنظر للموازنة المقترحة للعام المالي 2017 / 2018 فقد سجلت قيمة فوائد خدمة الدين العام فى موازنة العام الجديد نحو381 مليار جنيه، مقارنة بـ 292 مليار جنيه فى العام المالى الحالى، بزيادة 89 مليار جنيه،حيث ارتفعت فوائد خدمة الدين الخارجى من 7،6 مليار جنيه إلى 25،5 مليار جنيه، وزادت فوائد الدين المحلى من 284 مليار جنيه إلى 355 مليار جنيه، كنتيجة لزيادة اقتراض الحكومة سواء من السوق المحلي أو من الجهات الخارجية. و بهذا يسجل بند خدمة الدين أعلى بنود الموازنة العامة الجديدة، متفوقا لأول مرة على الأجور والدعم.
رابعا: محاولة تحسين مؤشرات الاقتدار المالى كالعجز الاولي عن طريق نمو المصروفات أقل من نمو الإيرادات هو عملية مؤقتة وحالية فقط بينما يظل الدين التزام حالي وعاجل ومستقبلي ايضا لاجيال قادمة. وفي هذا السياق تظل نسبة نمو الدين العام أكبر من متوسط أسعار الفائدة وهو ما يؤثر على قدرة الدولة على سداد الدين العام واستدامة وضع الديون.
وبناء على ما تقدم، فان محاولة اللعب على الالفاظ وتسويق الحوكمة المالية في بنود الانفاق كانها المؤشر الاهم الدال على تقدم اوضاع المالية وبالتابعية الاقتصاد بشكل عام هو امر يرقى الى التحايل على القيادة السياسية والشعب على حد سواء.
فالتركيز على العجز الاولي يتجاهل انه بالامكان تحقيق فائض اولي عن طريق اغفال مؤشرات العدالة الاجتماعية وتقليص الانفاق العام ويتجاهل المستويات الغير مسبوقة للدين العام على حد سواء.