بقلم زاهي حواس: تصريحات الوزير جهل أم مكايدة؟

كنت أتمنى أن يبتعد وزير الإعلام السودانى عن الآثار والتاريخ ولا يجعلهما أدوات للهجوم على مصر! لكنه للأسف لم يفعل وخرج علينا بتصريحات تؤكد أنه يحتاج إلى قراءة التاريخ من أى كتاب يدرسه تلاميذ المرحلة الإبتدائية بالسودان الشقيق! التصريحات المسيئة إلى أهراماتنا وتاريخنا تؤكد أن حضرة الوزير يبحث عن شهرة زائفة أو ربما ينفذ خطة مكايدة لمصر فى أغلب الظن لم ترسم بالسودان! لقد وصل حكم المصريين القدماء إلى ما بعد الشلال السادس والتقاء النيل الأبيض بالأزرق عند المنطقة التى تعرف اليوم بالخرطوم.


كان أجدادنا الفراعنة يعينون حكام الجنوب ويمنحونهم لقب أبناء فرعون، وظلت السودان جزءاً من الإمبراطورية المصرية، بل اعتبرت الامتداد الطبيعى للحدود المصرية الجنوبية.

وعندما قامت مملكة قوية فى الجنوب تسمى بالمملكة الكوشية اتخذت من نباتا عاصمة لها واستطاعت أن تمد نفوذها شمالا وتؤسس ما عرف فى التاريخ المصرى القديم بالأسرة الكوشية، أو الأسرة الخامسة والعشرين، ولم يستمر حكمها طويلاً.

ولا وجه للمقارنة بين الأهرامات المصرية التى بنيت فى الألف الثالثة قبل الميلاد وبين أهرامات مروى التى بدأ بناؤها فى القرن الثامن قبل الميلاد واستمر الكوشيون يبنون الأهرامات الطينية حتى القرن الثانى قبل الميلاد، فى حين كان الفراعنة العظام قد شيدوا أهراماتهم قبل أهرامات مروى الكوشية بألف وخمسمائة سنة.

ويبقى سؤال مهم: هل يجب تشويه الأهرامات المصرية لنقول إن أهرامات مروى عظيمة ومهمة؟! وهل سبق الحضارة المصرية الثابت الدامغ بكل الأدلة ينتقص من تاريخ وحضارة السودان؟! بالتأكيد لم تكن تصريحات الشقيق العزيز سوى فقاعات إعلامية لجذب الانتباه وإلا ما كان ليخرج علينا بتصريح آخر طريف خفيف الظل، ومفاده أن فرعون موسى ليس مصرياً وإنما سودانى، والدليل كما ساقه الشقيق العزيز هو قول فرعون الذى جاء بالقرآن الكريم..

«.... وهذه الأنهار تجرى من تحتى»، وبما أن مصر بها نهر واحد أما السودان فبها النيل الأزرق والنيل الأبيض وفروعهما العديدة، وبالتالى فإن فرعون موسى سودانى ابن سودانى وليس مصريا كما تعتقد كل الكرة الأرضية فيما عدا وزير إعلام السودان الشقيق!! وكما ترى عزيزى القارئ فهذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق أو تعقيب ولو سأل الوزير مرة أخرى طالباً فى المرحلة الابتدائية بأى مدرسة سودانية لأخبره بأن عاصمة مصر فى زمن فرعون موسى كانت بالدلتا والتى كان النيل يجرى فيها من خلال سبعة أفرع لم يبق منها الآن سوى فرعى دمياط ورشيد.

وبالتالى فحديث الفرعون عن الأنهار التى تجرى من تحته يتوافق مع جغرافية المكان الذى كان يعيش به، ونحن المصريين لن نضن على أشقائنا فى السودان بفرعون من فراعنة مصر.. وإنما هو التاريخ الذى لا يمكن التلاعب به. وكل من حاول تزييف التاريخ من قبل لقى نفس المصير وذهب زيفه إلى سلة مهملات التاريخ.