نيويورك تايمز: المواجهة الإيرانية الإسرائيلية في سوريا تقترب
قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إن المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية في سوريا تقترب، خاصة في أعقاب الضربة العسكرية التي نفذتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، واستهدفت مواقع تابعة للنظام السوري، وتعِد روسيا بالرد على تلك الغارة، التي تعتبر ثاني كبرى المواجهات خطورة في هذا البلد.
فريدمان، ومن على هضبة الجولان السورية المحتلة، كتب في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، قائلاً إن المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية في سوريا باتت شبه مؤكدة، خاصة في ظل مساعي إيران لتحويل سوريا لقاعدة جوية أمامية ضد إسرائيل، وهو أمر تتعهد إسرائيل بعدم حصوله.
ومن ثم، فإن المواجهة بينهما لم تعد مجرد تكهنات؛ ففي الأسابيع القليلة الماضية، وللمرة الأولى، بدأت إسرائيل وإيران بضربات متبادلة مباشرة وليس من قِبل وكلائهما في سوريا.
ويضيف فريدمان: "أحدثُ هجوم وقع بسوريا تمثل في الضربات التي شنتها أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وهي عملية سيتم احتواء تأثيراتها سريعاً؛ فروسيا لا يبدو أنها مهتمة بالمبالغة في الحديث عن تأثير تلك الغارات، فهي تدرك جيداً أن القوى الغربية غير معنيَّة بالانخراط أكثر في الصراع السوري".
واستطرد: "بالنسبة لإسرائيل وإيران، فإن الأمر مختلف؛ فقد وقع أول تبادل مباشر لإطلاق النار في العاشر من نوفمبر الماضي، عندما أُسقطت طائرة إيرانية من دون طيار أطلقتها وحدة تابعة لـ(فيلق القدس) من الأراضي السورية، حيث تتبعت طائرة إسرائيلية من نوع أباتشي الطائرة بعد أن دخلت المجال الجوي الإسرائيلي، ليتم إسقاطها".
وأوضح أن "التقارير الأولية أشارت إلى أن الطائرة الإيرانية كانت في مهمة استطلاعية بحتة، لكن المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، الجنرال رونين مانليس، قال إن الطائرة وبعد تحليل مكوناتها التي سقطت، تبين أنها كانت تحمل متفجرات، وأن مهمتها كانت عملاً تخريبياً داخل الأراضي الإسرائيلية".
يقول فريدمان: "ليس لدي القدرة على التحقق من تلك الادعاءات، ولكن الحقيقة أن الإسرائيليين بإخراجهم تلك القصة يحاولون أن يدقوا جرس الإنذار، وإذا كانت تلك الادعاءات صحيحة؛ فمعنى ذلك أن (فيلق القدس)، الذي يقوده الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ربما يسعى فعلاً لإطلاق عملية عسكرية ضد إسرائيل من قاعدة جوية سوريا".
ويرى أن "هذا الأمر قد يساعد في تفسير السبب الذي يقف وراء الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل فجر الاثنين الماضي على مطار التيفور، وهي قاعدة تضم مرابض طائرات إيرانية من دون طيار، حيث أدت الغارة الإسرائيلية إلى مقتل 7 إيرانيين من عناصر (فيلق القدس)، بينهم العقيد مهدي دهقان، الذي يعتبر قائد سرب الطائرات من دون طيار".
وأشار إلى أنه "كان يمكن لهذه الغارة أن تأخذ مداها في التغطية والاهتمام لولا أنها جاءت متزامنة مع عملية القصف الكيماوي ضد دوما".
وأضاف: "يقول مصدر عسكري إسرائيلي: كانت هذه هي المرة الأولى التي نهاجم فيها أهدافاً إيرانية حية، مرافق أو أشخاصاً. إيران لم تُعلن صراحةً خسائرها المحرجة، ثم عادت بعد ذلك للاعتراف بخسائرها من خلال وكالتها الرسمية، ولكن بعد تأكيدها أنها سوف تنتقم".
علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، قال خلال زيارة له إلى سوريا، إن الجرائم لن تبقى دون ردّ، وذلك في إشارة إلى الغارة الإسرائيلية على موقع إيراني بدمشق.
يقول فريدمان: "منذ ذلك الحين وإسرائيل تستعد لضربة الرد الإيرانية، وهي ترى أن تلك الضربة إن وقعت، فإنها ستكون فرصة ومناسبة لرد إسرائيلي ضخم عليها، يستهدف البنية التحتية العسكرية الإيرانية بشكل كامل في سوريا؛ حيث تحاول طهران إقامة قاعدة جوية أمامية، بالإضافة إلى مصنع للصواريخ الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي والتي يمكن أن تضرب أهدافاً داخل إسرائيل بدقةٍ أكبر داخل دائرةٍ قطرها 50 متراً".
في ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن الوضع خطير، بحسب فريدمان، مبيناً: "ففي ظل عدم وجود رغبة دولية في معاقبة الأسد على استخدامه الأسلحة الكيماوية، فإن لدى إسرائيل الكثير من الأسباب التي تدفعها لمهاجمة إيران داخل سوريا".
ويجد أن "إيران، وبعد أن ساعدت الأسد على سحق معارضيه، معنيَّة اليوم ببناء شبكة من القواعد ومصانع الصواريخ؛ في إطار سعيها للتوسع والتمدد داخل الجسد العربي".
ولفت النظر إلى أن "فيلق القدس الإيراني يسيطر بشكل أو بآخر، على أربع عواصم عربية؛ دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء، وقد أصبحت إيران بالفعل أكبر قوة احتلال في العالم العربي اليوم".
واستدرك يقول: "ولكن ذلك يمكن أن يتغير إذا وجد سليماني نفسه في مواجهة مباشرة مع إسرائيل بسوريا، خاصة أن تلك المواجهة ستكون بعيدة عن إيران ومن دون غطاء جوي إيراني".
ونبه إلى أن "على سليماني أن يتجنب التفكير في شن حرب ضد إسرائيل، لأسباب أخرى لا يبدو أن الكثير يلاحظونها؛ فالعملة الإيرانية تنهار سريعاً وتراجعت إلى مستويات قياسية وسط عدم اليقين بالمستويَين الاقتصادي والسياسي للبلاد".
وأضاف: "علاوة على ذلك، يعتقد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن الرئيس فلاديمير بوتين وسليماني لم يعودا حليفين طبيعيَّين؛ فبوتين يريد سوريا مستقرة حتى يتمكن دميتُه، الأسد، من استعادة السيطرة على سوريا، وأن تحافظ روسيا على وجودها البحري والجوي في سوريا وتبدو قوةً عظمى؛ ومن ثم فإنه غير معنيٍّ بمطامح إيران".
وختم فريدمان بالقول: "لكن، يبدو أن سليماني يتطلع إلى مزيد من الهيمنة على العالم العربي، ومزيد من الضغط على إسرائيل، وإذا لم يتراجع سليماني، فعلينا أن نربط الأحزمة، ونكون على استعداد لمواجهة إيرانية-إسرائيلية في سوريا".