واشنطن بوست: الانسحاب من صفقة النووي نصر لإيران
اعتبر المستشار في معهد واشنطن للدراسات، دينيس روس، الذي سبق له أن شغل مناصب عليا في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، أن انسحاب الرئيس دونالد ترامب من صفقة النووي مع إيران سيعني بالضرورة نصراً لطهران وليس العكس.
وقال روس، في مقال له بصحيفة الواشنطن بوست، إنه لم يكن من مؤيّدي الاتفاق النووي مع إيران، مضيفاً: "صحيح أنه فرض قيوداً على برنامجها النووي، لكنه في الوقت نفسه شرّع لإيران بناء بنية تحتيّة نووية كبيرة، فبدلاً من إنهاء سعي طهران لامتلاك السلاح النووي فإنه عمل على تأجيل ذلك فقط".
لذا فإن الخطر يكمن في الأعوام الـ 12 المقبلة، بعد أن تنتهي بعض الأحكام الحقيقية المفروضة على إيران، ولكن هذا لا يعني أن على ترامب أن ينسحب من الصفقة في مايو المقبل، خاصة أنه في حال قرّر الانسحاب سينسحب وحده، بحسب الكاتب.
وتابع روس: "لن ينضمّ الحلفاء الأوروبيون لترامب، خاصة بعد أن أبدوا استعدادهم للتفاوض مع واشنطن بشأن إمكانية فرض عقوبات جديدة على اختبار الصواريخ الباليستية الإيرانية، والحدّ من أنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة، فحتى لو لم يرغب البريطانيون والفرنسيون والألمان إلى الحدّ الذي ترغب به إدارة ترامب، فإنهم أقرّوا بمشروعيّة قلق الإدارة بشأن الصفقة، وكانوا مستعدّين لمعالجتها على الأقل جزئياً".
ولكن إذا ما قرّر ترامب الانسحاب فإنه سيعزل أمريكا وليس إيران. لقد كان الضغط دائماً أكثر وسيلة وفاعلية ضد طهران، وخاصة عندما انضمّت أطراف أخرى إلى واشنطن لممارسة هذا الضغط، عندما قرّر الاتحاد الأوروبي فرض مقاطعة على النفط الإيراني شعرت إيران بضغط عليها، وبدأت تتفاوض بعد إعلانها أنها لن تفعل ذلك أبداً.
ويرى الكاتب أن الأوروبيين لن يلتزموا بالصفقة، وسوف يبذلون جهودهم من أجل إبقاء إيران داخلها، كما أن طهران تعرف كيف تلعب على مخاوف أوروبا، وهي تعلن أنها تستطيع التحرّك بسرعة لتركيب أجهزة الطرد المركزي ولن يكون هناك حدّ لسقف إنتاجها في حال تم إلغاء صفقة النووي، وهو أمر يثير مخاوف أوروبا، ومن ثم تقديم المزيد من الحوافز لإيران من أجل البقاء بالصفقة.
ولا يمكن الرهان أمريكياً على فرض عقوبات بحق الشركات الأوروبية التي تقرّر التعامل مع إيران، فطالما قاومت أوروبا مثل هذه العقوبات الثانوية، ونظراً لعدم شعبيّة ترامب لديها فإن قلّة من القادة هناك سوف يسلّمون بمثل هذه التهديدات الأمريكية.
إن الخطر الذي تشكّله إيران هو توسّعها في المنطقة، فهي تستخدم وكلاءها من المليشيات الشيعية لتحقيق ذلك.
كما أنها تدمج نفسها عسكرياً في سوريا، حتى من خلال التغيير الديموغرافي عن طريق جلب الشيعة ليحلّوا محلّ السنّة في المناطق التي يفرّون منها، والأسوأ من ذلك أن إيران تبدو غير متحفّظة على استخدام قوّتها المباشرة ضد "إسرائيل".
لقد أوضحت "إسرائيل" أنها لا تستطيع التعايش مع أي تواجد عسكري إيراني موسّع في سوريا، فهم يعتقدون أن إيران ستسعى لإيجاد شبكة صاروخية متقدّمة في كل من سوريا ولبنان، ومن ثم ستكون "إسرائيل" في مرمى تلك الصواريخ، من هنا لا يبدو أن تل أبيب لديها رفاهية الانتظار.
إن احتواء إيران ومنع انتشارها عبر وكلائها وعدم السماح لها بتنمية قدراتها العسكرية في سوريا يجب أن تكون هي النقطة المحورية التي تركّز عليها إدارة ترامب، وليس الانسحاب من سوريا وتركها للآخرين للاعتناء بها، كما أعلن مؤخراً.
ويؤكّد روس، أن الأولوية يجب أن تكون لتقليص التهديد الإيراني الحقيقي في الشرق الأوسط، وهذا يتطلّب تعبئة لدعم هذا الغرض وليس القول إن الأمر متروك للآخرين.
ويختم الكاتب مقاله بالتذكير بأن الإيرانيين يعرفون أن قرار الانسحاب من الصفقة سيكون أُحادياً، وأن أمريكا وحدها، ومن ثمّ فليس هناك ضغط حقيقي على إيران، وبالمجمل فإن الصفقة الإيرانية اشترت وقتاً ليس أكثر، وكان من المؤكّد أن هذا الوقت ليس الوقت المناسب لإلغائها.