مع فوضى المشهد السوري .. هل تندلع حرب إسرائيلية إيرانية؟
وصلت التوترات بين "إسرائيل" وإيران إلى مستوى غير مسبوق بعدما رفعت الأحداث التي وقعت في سوريا، الأسبوع الماضي، حالة التوتر إلى حد جعل مراقبين يعتقدون أن الشرق الأوسط يتجه إلى حرب شاملة، غير أن هذه التوقعات المُقلقة تفترض أن كلا الطرفين مستعد للقتال، فهل هذا حقاً ما يجري؟
هذا التساؤل طرحته صحيفة الغارديان البريطانية، الأحد، في مقال كتبه سيمون تيسدال محرر الشؤون الدولية في الصحيفة، حيث يقول إن الولايات المتحدة والسعودية تصوّران إيران بوصفها الجانب المعتدي، وتقولان إنها وسّعت نفوذها في المنطقة عبر وجودها العسكري في سوريا الذي بدأ في 2011، عندما دعمت طهران نظام بشار الأسد، ونشرت المليشيات الأفغانية والباكسانية ومقاتلي "حزب الله" اللبناني بالإضافة الى الحرس الثوري.
الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد سبق له أن دعا في خطاب عام 2005 الى محو "إسرائيل" من الخريطة، وهي الكلمات التي يُعتقد أن كثيراً من الإيرانيين مقتنعون بها. ومن هنا فإن العديد من الإسرائيليين مقتنعون بأن إيران تشكّل خطراً وجودياً على دولتهم.
ويرى الكاتب أن قادة في "إسرائيل" يعتقدون أن شعور إيران بأن الأسد قد انتصر في معركته، شجعها على التفكير في توجيه بنادقها صوب إسرائيل، خاصة أنه تم تجاهل "الخطوط الحمراء" التي سبق أن وضعتها "تل أبيب" والتي تحظر الوجود العسكري الإيراني الدائم في سوريا، وأيضاً نقل الأسلحة إلى حزب الله.
ونقلت الغارديان عن قادة في إسرائيل قولهم إنهم على يقين بأن إيران تقوم ببناء مصنع تحت الأرض في لبنان، وأن إيران ما زالت تزود حزب الله بصواريخ بعيدة المدى.
ما شهده الأسبوع الماضي، برأي الكاتب، يمكن اعتباره مؤشراً على ارتفاع حدة التوتر بين إسرائيل وإيران، فلقد كانت المرة الأولى التي تقوم فيها إيران بإرسال طائرة مسيّرة فوق الأراضي الإسرائيلية (فلسطين المحتلة)، كما أنها المرة الأولى التي يجري فيها إسقاط طائرة إسرائيلية مقاتلة منذ العام 1982، وهي المرة الأولى أيضاً التي تستهدف فيها إسرائيل بشكل علني مواقع إيرانية في سوريا، شملت مركز قيادة بطارية صواريخ موجودة حول دمشق.
لكن رغم ذلك تبقى نيات إيران مبهمة، ففيلق القدس الذي يقوده قاسم سليماني، التابع للحرس الثوري الإيراني، والموجود في سوريا على صلة مباشرة بتيار المحافظين القوي والمتطرف داخل إيران، والذي يهدد بشكل روتيني بـ"محو الكيان الصهيوني".
ويسعى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ليكون بيضة القبان بين الفصائل الإيرانية المختلفة سواء كانت محافظة أو إصلاحية، خاصة أن مدناً إيرانية عدة شهدت تظاهرات واسعة للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية.
إن قادة إيران، المحافظون منهم والإصلاحيون، يعرفون أن الصراع المفتوح مع إسرائيل من شأنه أن يعطي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذريعة التي ينتظرها لتمزيق الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات وربما حتى التدخل العسكري.
أعضاء آخرون في التحالف الموالي لنظام بشار الأسد يعارضون أي حرب واسعة؛ فروسيا، الحليف الأهم والأقوى، تسعى للتخلص من ملف سوريا وتأمل في تسوية سياسية سلمية، ومن ثم فإنها لا تملك مصلحة لإثارة الأوضاع مع إسرائيل.
كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، إلى وقف الغارات على محيط دمشق حتى لا تصيب المقاتلين الروس هناك. فضلاً عن أن بشار الأسد يحاول هو الآخر التركيز على الفصائل المعارضة وبقية المقاومة المتبقية في إدلب، للشروع بعد ذلك بفتح ملف إعادة الإعمار وليس فتح جبهة جديدة.
أمام هذه المعطيات يبرز التساؤل الأهم، هل تريد إسرائيل حرباً أخرى؟ على الأرجح ستكون الإجابة: لا. فإسرائيل هي الأخرى لديها عدة اعتبارات تمنعها من شن حرب جديدة؛ فرئيس وزرائها يمر بأزمة سياسية ويواجه تهماً تتعلق بتلقي رِشا، ومع ذلك فإنه، وكما هو الحال في إيران، فإن هناك الصقور الذين يرغبون بشن مواجهة مع إيران في سوريا، ولا سيما أن "تل أبيب" شنّت قرابة 100 غارة جوية خلال الأشهر الـ18 الماضية.
من يسميهم الكاتب "الصقور في إسرائيل" يتحدثون عن القدرة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي؛ فرئيس المخابرات السابق الميجور جنرال عاموس يدلين، قال: إن "إسرائيل أظهرت قدرات ممتازة في الدفاع عن مجالها الجوي"، وذلك في معرض تعليقه على عملية إسقاط الطائرة الإيرانية من دون طيار من قبل الدفاعات الإسرائيلية