"بلومبيرغ" تكشف عن غارات أمريكية قتلت 200 جندى روسي في سوريا
كشفت شبكة "بلومبيرغ" الإخبارية الأمريكية عن مقتل جنود روس بالغارات التي شنتها الطائرات الأمريكية، الأسبوع الماضي، على مواقع تابعة لقوات النظام السوري شرقي البلاد، دون أن يُعرف على وجه الدقة إن كان هؤلاء مقاتلين في القوات الروسية أم مرتزقة روساً استعان بهم النظام السوري.
وأوضحت الشبكة الأمريكية أن ثلاثة من المسؤولين الروس وآخر أمريكياً أكدوا تلك المعلومة، وأن نحو 200 جندي، معظمهم من الروس الذين يقاتلون إلى جانب القوات النظامية السورية، قُتلوا في تلك الغارات التي شنتها القوات الأمريكية في أعقاب هجوم فاشل على قاعدة للقوات الأمريكية والقوات الكردية بمنطقة دير الزور الغنية بالنفط.
ورفض المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف، التعليق على هذه المعلومات، قائلاً: إن "الكرملين لا يصدر بيانات بشأن العمليات العسكرية، التي هي من اختصاص القوات المسلحة".
وكان بوتين قد أجرى اتصالاً هاتفياً، امس الاثنين، بنظيره الأمريكي دونالد ترامب، لكنهما لم يتطرقا خلاله إلى العمل العسكري في سوريا.
الدبلوماسي الروسي السابق فلاديمير فرلوف، قال: إنها "فضيحة كبيرة، ويمكن أن تؤدي إلى أزمة دولية حادة، ولكن روسيا سوف تدَّعي أن شيئاً لم يحدث".
وكانت القوات الروسية، بالإضافة إلى القوات الإيرانية، قد نجحتا في تغيير كفة الحرب لصالح نظام بشار الأسد بعد سبع سنوات من الحرب وبعد أن كانت قوات الأسد محاصرة عام 2015، وقد أدى ذلك إلى تدخُّل العديد من القوى الإقليمية والدولية، خاصة بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من سوريا.
وكانت القوات الموالية للأسد قد شنت، الأسبوع الماضي، هجوماً على قاعدة للقوات الكردية التي تدعمها أمريكا وتقع على بُعد نحو 8 كم شرقي نهر الفرات، ويوجد في تلك القاعدة عناصر من مدربين ومستشارين أمريكيين، كما أنها تعد مخزناً لأنواع مختلفة من الأسلحة الأمريكية المتطورة.
وردَّت القوات الأمريكية على هذا الهجوم بواسطة نيران المدفعية والغارات الجوية. وعما إذا كان ذلك أدى إلى مقتل جنود روس، قال بومبيو مايك، مدير الـ"سي آي إيه"، في جلسة استماع، مساء الثلاثاء، أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إنه سيترك التفاصيل لـ"البنتاغون"، إلا أنه أكد أن مثل هذه العمليات سبق أن حصلت باستخدام المرتزقة.
ولم يُعرف على وجه التحديد، طبيعة المقاتلين الروس الذين يُعتقد أنهم قُتلوا في تلك الغارات، إلا أن معلومات أشارت إلى أنهم قد يكونون مقاتلين من منظمة "فاغنر" الروسية، وهي منظمة روسية غامضة تشبه منظمة "بلاك ووتر" الأمريكية، حيث يُعتقد أن الأسد قد تعاقد مع هذه المؤسسة العسكرية لإمداده بالمقاتلين، وخاصة في المناطق الغنية بالنفط في سوريا.
يقول فيتالي نومكين، أحد مستشاري الحكومة الروسية في سوريا، إنه لا أحد يريد أن تبدأ حرب عالمية، ولكن هناك روس قُتلوا أو أُصيبوا في غارة أمريكية، بغض النظر إن كانوا متطوعين أو مرتزقة.
من جهته، يرى يوري بارمين، محلل شؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الروسية الدولية، أن روسيا تؤيد جهود الأسد لاستعادة المنطقة الشرقية؛ لأنها منطقة غنية بالنفط، وهي ستسهم في تمويل إعادة الإعمار والمصالحة التي تعارضها الولايات المتحدة.
ولم تذكر وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، المرتزقة الروس، واكتفت بالقول إن الغارة الأمريكية أدت إلى إصابة 25 مقاتلاً سوريّاً، دون مزيد من التفاصيل، كما اتهمت الولاياتِ المتحدةَ باستخدام وجودها غير القانوني في سوريا للاستيلاء على المناطق الغنية بالنفط.
- المرتزقة يتعالجون بمستشفيات موسكو
وقال قائد لأحد فصائل "المرتزقة"، بالهاتف، لـ"بلومبيرغ"، إن عشرات الجرحى لا يزالون يعالَجون بالمستشفيات العسكرية في مدينة "سانت بطرسبورغ" الروسية، مشيراً إلى أن عدد القتلى أكثر بخَمس مرات مما ذكرته وزارة الدفاع الروسية في بيانها.
وذكر ألكسندر أيونوف، الذي يدير مليشيا بتمويل من الكرملين، قاتلت إلى جانب قوات الأسد والانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا، للشبكة الأمريكية، أن معظم القتلى والجرحى كانوا من الروس والأوكرانيين، وكثير منهم من قدامى المحاربين الانفصاليين المنحدرين من شرقي أوكرانيا.
غريغوري يافلينسكي، وهو سياسي روسي معارض منذ فترة طويلة، ساعد في "الإصلاحات الديمقراطية" داخل الاتحاد الروسي، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، دعا السلطات إلى أن "تحقق فيما حدث".
وقال يافلينسكي: "إذا وقعت وفيات جماعية للمواطنين الروس في سوريا، فإن على السلطات المختصة، ومن ضمنها موظفو القوات المسلحة الروسية، إعلان ذلك وتحديد من يتحمَّل المسؤولية".
الخارجية الروسية تنفي
نفت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الأربعاء 14 شباط/فبراير، التقارير الإعلامية حول مقتل مئات الروس نتيجة ضربة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في سوريا.
وقال مصدر بوزارة الخارجية الروسية للصحفيين: "إن المعلومات حول مقتل مئات الروس ليست إلا معلومات تضليلية".
وذكرت قناة "سي بي إس"، الأسبوع الماضي، أن مواطنين روس كانوا ضمن وحدات القوات الموالية للحكومة السورية في دير الزور، التي تعرضت لهجوم قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في وقت سابق، أن قوات التحالف هاجمت قوات موالية للجيش السوري في محافظة دير الزور يوم 7 شباط/فبراير، بسبب عدم التنسيق مع القوات الروسية. وأسفر الهجوم عن إصابة 25 مقاتلا. وأكدت الدفاع الروسية عدم وجود جنود روس في تلك المنطقة.