ترامب .. أسوأ من الفاشية

نشرت الجارديان أن الروائي البريطاني المعروف "جون لو كاريه" وصف رئاسة ترامب بكلماته التالية "هناك أمر سيئ جدًا يحدث الآن ويجب أن ننتبه ذلك." ومما يثير الدهشة أنه وصف رئاسة ترامب بأنها أمر مماثل للفاشية التي ظهرت في الثلاثينيات. قد يكون كاريه يبالغ بشأن خطورة الفاشية ولكنه حتمًا لا يبالغ في خطورة رئاسة ترامب على الديموقراطية في العالم.


فالدلائل على ذلك كثيرة ومنها تصريح "ترامب" بأن وسائل الإعلام هي عدو الناس وأن الأخبار التي لا تعجبه يعتبرها أخبارًا مزيفة وأن هناك أشخاص جيدون كانوا ضمن المتظاهرين المساندين للنازية الجديدة الذين تواجدوا في تشارلوتسفيل وأن على مجلس الشيوخ تغيير قواعده بشأن إلغاء شروط الـ 60 صوت لتمرير قانون ما وبذلك يقضي على الشيء الوحيد الذي يحمي حقوق الأقلية في نظام الحكومة الأمريكية. هذا بالإضافة إلى تأثيره المدمر على وكالات الأمن القومي الذي يمكن شرحه في نقطتين:

أولًا، سياسته الخارجية المسماة "أمريكا أولًا" جعلت أمريكا تبدوا كأنها لا تهتم بحلفائها والشأن الدولي العام وتعارض التقاليد التي ضمنت الحماية والرخاء لأمريكا لمدة 70 عامًا. ومن الناحية الأخرى يعمل "ترامب" على تقييد حرية المؤسسات الأمريكية والأفراد الذين من شأنهم تطبيق سياسته تلك.

ثانيًا، بعض من تصرفات "ترامب" وتصريحاته كانت خارجة عن الإطار المقبول والمألوف من رئيس الولايات المتحدة مما جعل العديد من المسؤولين الذين يعملون في وكالات الأمن القومي يفقدون ثقتهم به كقائد للبلاد.

فمثل تلك السياسة من شأنها أن تحدث أضرارًا جسيمة بالشأن الأمريكي وخاصة أن العالم يعج بالعديد من القضايا الدولية مثل الحروب والنزاعات العرقية وعدم الاستقرار والتغيرات المناخية والأزمات الاقتصادية. فالنظام العالمي الحر الذي أسسته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ينهار. ويساهم "ترامب" في ذلك فهو لا يهتم بالتعاون الدولي ويبدوا أنه يؤمن بأن أمريكا إذا امتلكت القوة العسكرية الكافية فإن كل ما تفعله صحيحًا، ولكن الحقيقة خلاف ذلك.

فقوة أمريكا تكمن في المبادئ التي تتبناها لحماية الأقلية واحترام القوانين داخل وخارج البلاد مما يميزها عن البلاد الأخرى مثل إيران وسوريا وكوريا الشمالية. فكما صرح الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش "عندما نفقد التركيز على مبادئنا عندها لن تكون الديموقراطية هي التي فشلت بل الأفراد المسؤولين هم الذين فشلوا في الحفاظ على الديموقراطية وحمايتها."

ولكي تستمر الولايات المتحدة في قيادة العالم يجب عليها المحافظة على حلفاءها، على عكس ما يفعله "ترامب" الذي يبدوا كأنه لا يقدر أبدًا قيمة الدبلوماسية الخارجية أو المساعدة الأجنبية.

فمن الواضح أن إدارة "ترامب" تعمل على تقييد وزارة الخارجية الأمريكية فمثلًا نشر "ترامب" تغريدة يقول فيها أن "وزير الخارجية الأمريكي "تيليرسون" يضيع وقته بإجراء مفاوضات مع "رجل الصواريخ الصغير". يشير بذلك إلى زعيم كوريا الشمالية هذا الوصف المهين من شأنه القضاء على أي أمل للوصول إلى اتفاق مع كوريا الشمالية. كما قرر "ترامب" خفض ميزانية وزارة الخارجية بنسبة 30% وطرد 2300 موظف.

وفيما يخص الشأن الخارجي، فقد تراجع عن اتفاقية باريس بشأن المناخ كما أنهى اتفاقية التجارة بين دول الأطلسي المسماة ترانس باسيفين. مما تسبب في سعادة الصين لأن ذلك يفسح المجال لهم.

تلك أمثلة بسيطة أن الأضرار التي يسببها "ترامب" لأمريكا حاليًا والقادم بالتأكيد أسوأ.