بعد فتح السلطة باب التجنيد بغزة .. ماهو مصير حماس؟
بصورة مفاجئة، وقبل الإعلان رسمياً من قبل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة، بعد شهر كامل على قرار "حماس" حل اللجنة الإدارية التي شكّلتها بالقطاع، وتطوّرات ملف المصالحة، أعلنت السلطة الفلسطينية عن فتح باب التجنيد في غزة.
ووقّع الرئيس عباس، الاثنين 17 أكتوبر 2017، قراراً يقضي بفتح باب التجنيد في قطاع غزة، وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، إن "القرار يهدف لإعادة بناء الأجهزة الأمنية".
- لماذا الأمن؟
حسن يوسف، القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالضفة الغربية المحتلة، عبّر عن قلقه من حديث حركة "فتح" حول فتح باب التجنيد بغزة، في ظل عدم رفع العقوبات عن سكان القطاع، وتكدّس أعداد الموظفين في الأجهزة الأمنية بغزة.
وقال يوسف: إن "حديث فتح عن هذا الملف في ظل العقوبات التي لا تزال قائمة يثير الكثير من القلق، ويضع علامات استفهام حول الهدف من فتح هذا الملف في هذا الوقت، خاصة أن الملف الأمني له لجنة خاصة تم تشكيلها للتباحث فيه بصورة مشتركة مع حركة حماس".
وشدد القيادي في حركة حماس على أن حركته لن تسمح بالقفز على ملفات المصالحة بخلاف ما جرى التوصل له في اتفاق القاهرة الأخير الذي جرى توقيعه، الخميس 12 أكتوبر 2017.
وأضاف: "الأمن في غزة سيتم تطبيقه وفق التوافق الداخلي، ودون ذلك سيكون هناك شك كبير حول الأهداف المحيطة بفتح باب التجنيد للأجهزة الأمنية بغزة".
ولفت يوسف النظر إلى أن هناك قضايا أكثر أهمية على حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية حلها، وعلى رأسها رفع كل العقوبات عن قطاع غزة، خاصة بعد حل "حماس" اللجنة الإدارية، وتمكّن الحكومة من مهامها في القطاع، معتبراً أن هذه "المماطلة" قد تتسبّب بإفساد المصالحة، وتعيد الإحباط للفلسطينيين.
وتمنّى القيادي في حركة "حماس" ألا تكون لحركة "فتح" أي دوافع أخرى من الإعلان عن فتح ملف باب التجنيد في غزة بهذا التوقيت، قائلاً: "هذا الملف مثير للقلق بشكل كبير".
وشدد على أن الحركة لن تسمح لأحد بالمساس بالمقاومة في قطاع غزة، وأيضاً لن تسمح بفتح هذا الملف بهذا التوقيت أو تطرحه على طاوله النقاش، معتبراً أن هذا الملف "خط أحمر"، لا يمكن تجاوزه طالما وجد الاحتلال الإسرائيلي.
وكان الملف الأمني أبرز إشكاليات المصالحة، خاصة أن الحكومة ستتسلم القطاع وبه منظومة أمنية متكاملة، تقودها قيادات وعناصر محسوبة على حركة "حماس"، بعقيدة أمنية قد لا تتفق مع عقيدة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.
واعتبرت "حماس" تصريحات عدد من المسؤولين في السلطة "غير مبشّرة"، وقال موسى أبو مرزوق، الثلاثاء 17 أكتوبر 2017، في تغريدة له على موقع "تويتر"، إن تصريحات عدد من مسؤولي السلطة بشأن ملفات المصالحة المختلفة "لا تبشّر بالخير".
وتصرّ حركة "حماس" على ضرورة دمج جميع موظفيها في الجهازين المدني والعسكري، وفق رتبهم الحالية، الأمر الذي ترفضه "فتح".
- تبرير "فتحاوي"
أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كان له رأي آخر، فأكّد أن فتح باب التجنيد له علاقة بإعادة هيكلة تلك الأجهزة في القطاع، قائلاً: "بعد تمكين الحكومة من استلام كامل مهامها سيكون من الطبيعي أن تبادر لفتح باب التجنيد لإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وتغطية أي نقص حاصل فيها".
وأضاف: "حالياً يتم تقييم الأمور على الأرض بحصر ما هو موجود من عناصر، وكم تبلغ أعمارهم، والبناء على ذلك مرتبط بانتهاء التقييم الحاصل لتحديد أي أرقام أو توجهات معينة".
ويبلغ عدد موظفي السلطة 156 ألف موظف؛ مدني وعسكري، منهم 62 ألفاً من غزة (26 ألف مدني، 36 ألف عسكري)، يتقاضون قرابة 54 مليون دولار شهرياً، وتبلغ نسبة غزة 40% من إجمالي الموظفين، بحسب بيانات صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.
وكان لجنة ثلاثية؛ برئاسة جمهورية مصر العربية، ومشاركة وفدين من حركتي "فتح" و"حماس"، ستتولى المهمة الأمنية في قطاع غزة، وتوزيع المهام بين عناصر من "حماس" والسلطة للسيطرة على القطاع وإدارة مرافقه ومؤسساته الحكومية.
وفي ذات السياق، علم "الخليج أونلاين" أن وفداً أمنياً مصرياً رفيع المستوى من جهاز المخابرات سيزور غزة، نهاية شهر نوفمبر المقبل؛ للبدء في تنفيذ خطوات تفعيل عمل اللجنة الأمنية الثلاثية المشتركة، التي تم الاتفاق عليها في لقاءات القاهرة الأخيرة.
وبحسب مصادر مطلعة خاصة، فإن الوفد المصري سيقيم بصفة "شبه دائمة" في قطاع غزة؛ لمتابعة عمل اللجنة الأمنية عن قرب، ومحاولة تجاوز أي عقبات تعترض طريق تنفيذ الخطة الأمنية الموضوعة لإعادة الحكم والسيطرة على القطاع.
ومن المقرر أن تتسلم الحكومة الفلسطينية إدارة معابر القطاع بشكل كامل، مطلع نوفمبر، وأعلن رئيس الحكومة، رامي الحمد الله، قبل أيام، عن تشكيل لجنة خاصة للتباحث في ملف "الأمن" في غزة، وإعادة سيطرة السلطة عليه بشكل رسمي.
- حماس وقعت في الفخ
الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أكد أن حركة "حماس" وقعت في "الفخ" الذي نُصب لها من قبل الرئيس عباس؛ بالدخول في مصالحة "غير واقعية"، حتى اللحظة لم يُنفَّذ منها شيء على أرض الواقع.
وقال المصري: إن "الرئيس عباس يهدف لإعادة سيطرة سلطته على أمن قطاع غزة عبر ملف المصالحة، وما سيترتب عليه من اتفاق على نشر قوات أمنية تابعة للسلطة على المعابر والحدود، وفتح باب التجنيد لعناصر أمنية جديدة تحت سلطته وهيمنته".
وأضاف الكاتب الفلسطيني: "إصرار السلطة على تنفيذ ملف الأمن، من خلال فتح باب التجنيد ونشر عناصر أمنية على المرافق الأساسية والحيوية في القطاع، محاولة لاستمرار الهيمنة وعدم إدراك أهمية الشراكة الوطنية مع حركة حماس".
وتابع المصري حديثه قائلاً: "يمكن أن نشهد مرحلة اقتتال جديدة بين السلطة وحماس؛ لأبعاد خارجية"، موضحاً أن السلطة لا تريد "أن تعتمد على الأجهزة الأمنية الحالية الموجودة بغزة، لذلك فتحت باب التجنيد".
ولفت الانتباه إلى أن السلطة الفلسطينية ترفض أي عمليات لدمج العناصر في أجهزتها الأمنية، مضيفاً: "حماس دخلت إلى الفخ مجبرة عبر بوابة المصالحة الداخلية، التي فُتحت مؤخراً برعاية جمهورية مصر العربية، وعلى ذلك ستسدد الحركة الفاتورة كاملة الآن".
وحول الدور المصري بالجانب الأمني في قطاع غزة والإشراف عليه، ذكر المحلل السياسي أن ما يهم مصر في المقام الأول هو أمنها، لذلك ركزت على تسلّم السلطة الفلسطينية الأمن والحدود والمعابر في قطاع غزة، ضمن لقاءات المصالحة التي جرت على أراضيها.
وذكر أن مصر كذلك تسعى من خلال المصالحة الفلسطينية لاستعادة دورها الإقليمي، لذلك ستكون حريصة أكثر على تنفيذ الملف الأمني بما يتوافق مع أمنها أولاً وأخيراً، ووجدت في السلطة وأجهزتها الأمنية الحل لذلك، وليس في سيطرة "حماس" على أمن وحدود غزة.