قصف إسرائيلي بطائرات "F-35".. هل يكون عنوان حرب جديدة على غزة؟
عاش سكان قطاع غزة، الليلة الماضية، حالة من الرعب والقلق الشديدين؛ نتيجة الأصوات القوية جداً التي نتجت عن قصف الطيران الإسرائيلي أهدافاً متفرقة من القطاع، بذريعة الرد على إطلاق صاروخ من غزة تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
قصف غزة من قِبل طائرات الاحتلال والتحليق المكثف لطائرات الاستطلاع، التي لا تكاد تفارق سماء القطاع منذ حرب 2014، اعتادهما أهل غزة حتى باتوا يطلقون عليهما اسم "الحفلة"؛ نتيجة تكرار هذه الأحداث. لكن ما جرى الليلة الماضية كان مخالفاً تماماً لأي قصف آخر عاشوه طوال الحروب الثلاث الأخيرة.
صوت قوي صاحبه ردات عالية واهتزاز كبير لمنازل المواطنين كزلزال وقع في المنطقة، هذا ما شعر به أهل غزة خلال الغارات المكثفة التي أدت إلى إصابة 7 فلسطينيين، بينهم حالة خطيرة.
- السلاح الجديد
صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، كشفت اللثام عن السلاح الجديد الذي استخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي، لأول مرة، في قصف غزة، ليل الثلاثاء، وأثار حالة من الذعر لسكانها، وهي أحدث الطائرات العسكرية التي وصلت إليه من الشركة الأمريكية "لوكهيد مارتن" وتعرف بـ"F35" المطورة.
حركة "حماس" وبعد دقائق من القصف الإسرائيلي، أصدرت بياناً شديد اللهجة تجاه التصعيد الإسرائيلي المتكرر ضد قطاع غزة، وأكد الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، رفض حركته القاطع لأن يكون القطاع حقل تجارب لأسلحة الجيش الإسرائيلي.
من جانبه، أكد يحيى موسى، القيادي في حركة "حماس" والنائب بالمجلس التشريعي، أن ما جرى بغزة، ليل الثلاثاء 8 أغسطس 2017، من قصف عنيف هو الأول من نوعه، "جاء محاولة من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للهروب من مأزق الفساد والتحقيقات التي تحيط به من كل جانب".
وأضاف موسى : "نتنياهو الآن في مأزق حقيقي، فقد تكلفه تهم الفساد النزول عن كرسي الحكومة؛ لذلك هو يلجأ إلى التصعيد العسكري أو إعلان حرب رابعة على قطاع غزة وسكانه؛ للهروب من تلك التهم ومحاولة لفت الأنظار عن قضيته وتغطية عورته".
وتابع: "التصعيد العسكري على الفلسطينيين هو لغة الاحتلال؛ للهروب من أزماته الداخلية، لكن المقاومة ستكون لها كلمة القوة والتصدي للمحتل، وإن استخدام أحدث الطائرات ضد شعب غزة الأعزل دليل فشل لنتنياهو وليس قوة".
بدوره، قال أبو خالد، أحد قادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لـ"الخليج أونلاين": إن "المعادلة العسكرية الجديدة التي ينوي الاحتلال فرضها على القطاع، باستخدام أحدث طائراته، سيكون لها رد قوي من قِبل المقاومة يتناسب مع حجم جريمة الاحتلال".
ويضيف: "المقاومة الفلسطينية شكلت غرفة عمليات مشتركة في قطاع غزة للأذرع العسكرية كافة؛ لمواجهة أي تصعيد عسكري إسرائيلي قادم، وهي الآن على أتمِّ الجهوزية والاستعداد للمواجهة، ولكن تنظر نقطة الصفر لإعلان ذلك".
ويلفت أبو خالد إلى أن الاحتلال يحاول دائماً استفزاز المقاومة من خلال قصفه المتكرر للقطاع، ولكن المقاومة "تملك من الحكمة والمقدرة على تجاوز جرّ أهل غزة لحرب جديدة"، مشدداً على أن الحرب والتصعيد القادم سيحملان المفاجآت الكبيرة التي لا يمكن للاحتلال أن يتوقعها.
ويتابع: "إسرائيل تعلم جيداً أن المقاومة في غزة على أهبة الاستعداد، وأنها تملك مفاجآت كبيرة وخطيرة على جيشها في حال فكر في شن حرب على القطاع، وسيكون عنوان المرحلة المقبلة الرد القوي والمزلزل للاحتلال وجيشه بكل مكان حتى وسط الداخل المحتل، فصواريخنا باتت تصل لكل مكان".
وجاءت الغارات على غزة بعد إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي، مساء الثلاثاء 8 أغسطس 2017، سقوط قذيفة أُطلقت من القطاع في منطقة مفتوحة بمدينة عسقلان المحاذية للقطاع، دون وقوع إصابات أو أضرار، في حين لم تعلن أي جهة فلسطينية مسؤوليتها عن إطلاق القذيفة.
ويشهد قطاع غزة توتراً ميدانياً متقطعاً منذ توسط مصر في إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار نهاية أغسطس عام 2014؛ لإنهاء هجوم شنته دولة الاحتلال على القطاع استمر 51 يوماً، وأسفر عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني.
- رسائل قصف غزة
محمد مصلح، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أكد أن القصف الأخير على قطاع غزة باستخدام جيش الاحتلال أحدث الطائرات العسكرية التي يملكها "يحمل رسائل هامة للفلسطينيين والإسرائيليين والمجتمع الدولي".
وأضاف مصلح : "جيش الاحتلال أراد من استخدام القوة في القصف، التأكيد لأهل غزة والمقاومة بشكل خاص، أنه قادر على فرض معادلة القوة من جديد، وأن أي اعتداء أو خرق أمني أو إطلاق صواريخ من غزة سيقابَل بردٍّ عنيف وقوي للغاية، قد تكون طائرة الـ"F35" عنواناً للمرحلة الجديدة".
وتابع: "الرسالة الثانية كانت موجهة للشعب الإسرائيلي، بأن الجيش ما زال يملك زمام المبادرة وعنده نقطة القوة في الصراع والمواجهة العسكرية مع الفلسطينيين، ورغم ما يجري لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من محاولات لإسقاطه عن الحكومة بتهم الفساد، فإنه لا يزال قوياً ومفتاح الحرب بيده".
وعن الرسالة الثالثة، تحدث الخبير في الشأن الإسرائيلي، قائلاً إنها كانت موجهة للمجتمع الدولي بأن "غزة قابلة للتصعيد والحرب في أي وقت، وأن الجيش سيتعامل بيد من حديد ونار ضد المقاومة في المرحلة المقبلة، وقد يستخدم كل الأسلحة التي يملكها لصد المقاومة الفلسطينية ومواجهتها".
وذكر مصلح أن قطاع غزة بالنسبة للاحتلال هو "حقل تجارب" لأسلحته العسكرية وطائراته التي يشتريها، وما جرى ليل الثلاثاء بغزة "خطير وينذر بتطورات قد تكون أخطر، وقد تؤدي إلى مواجهة مفتوحة في حال تصاعدت".
وكان الاحتلال قد تسلَّم خمس طائرات من نوع (F-35) المتطورة، التي تصنعها الشركة الأمريكية "لوكهيد مارتن"، من أصل 50 طائرة، اشتراها مؤخراً من الولايات المتحدة الأمريكية، وبحلول عام 2021، سيحصل الاحتلال على جميع الطائرات الـ50 المشمولة في الصفقة.
ويبرر الاحتلال الحاجة إلى تلك الطائرات بدعوى "مواجهة التهديد الإيراني المحتمل".
ودولة الاحتلال الإسرائيلي، باستثناء الولايات المتحدة، أول من حصل على هذا النوع من المقاتلات في إطار صفقة لشراء 50 مقاتلة، من شأنها أن تحافظ على تفوقها العسكري في الشرق الأوسط. كما تحصل "إسرائيل" على مساعدات عسكرية أمريكية، تبلغ قيمتها أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً.
- ما هي طائرات F-35؟
تعتبر طائرات (F-35) نوعاً جديداً من الهيمنة الجوية في القرن الواحد والعشرين؛ حيث تُعدّ الأكثر تطوراً في العالم، وتقاتل على ارتفاعات عالية، ويصفها الخبراء العسكريون بأنها "طائرة المستقبل"، التي تتفوق على جميع طائرات الجيل الرابع.
ويبلغ طول الطائرة 15.7 متراً، وارتفاعها 4.33 أمتار، وتبلغ سرعتها 1900 كم في الساعة، وتعتبر الطائرة أقل تكلفة من غيرها، ويمكن استعمالها في جيش المشاة والبحرية والجو. وبإمكان هذا الطراز من الطائرات تفادي الرادارات والتحليق مسافاتٍ طويلةً دون الحاجة للتزود بالوقود.
ويبلغ ثمن كل طائرة من هذا الطراز 90 مليون دولار، وهي قادرة على حمل 16 طناً من الصواريخ.
ومن مواصفات طائرة (F-35)، أنها مقاتلة متعددة المهام، أحادية المقعد والمحرك، بالإضافة إلى القدرة على التخفي، وثاني مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية، وثمرة برنامج مقاتلة الغارة المشتركة، التي ستحيل عدداً من المقاتلات إلى التقاعد.
ومن أهم مميزات طائرة (F-35)، استعمالها كاشف مسح إلكتروني وتقنية التخفي، ولكنها عكس الطائرات الأخرى، التي تمتلك قدرة التخفي ولا تمتلك قدرة جيدة على المناورة، مثل طائرة (ألب 2) و(F-117)، إلا أن (F-35) تمتلك قدرة كبيرة على المناورة.