«برايتبارت» رأس شبكة إعلامية عنكبوتية حول ترمب
في الأسبوع الماضي، ذهب مراسل صحيفة «برايتبارت» (يمينية متطرفة، كان يرأس تحريرها ستيف بانون، الذي صار «مستشاراً استراتيجياً» للرئيس دونالد ترمب) إلى الكونغرس للحصول على بطاقة تغطية الكونغرس. أثناء الأسئلة والأجوبة مع المسؤولين عن إصدار البطاقات، قال المراسل إنه لا يقدر على أن يجيب على بعض الأسئلة. واقترح الاتصال مع لاري سولوف، رئيس مؤسسة «برايتبارت» الإعلامية.
أثار ذلك اهتمام زملاء المراسل. وسارعوا، وحققوا مع سولوف. وكشف هذا وجود شبكة إعلامية يمينية عنكبوتية، رافقت ترمب منذ بداية حملته الانتخابية. وتؤثر الآن على نشاطات إعلامية لترمب، وتتطلع لعقد صفقات تجارية للاستفادة من مكانتها هذه.
كشفت التحقيقات الصحافية الآتي:
أولاً: تصدر صحيفة «برايتبارت» شركة «برايتبارت الإخبارية». ويدير هذه سولوف وسوزانا برايتبارت، أرملة أندرو برايتبارت، مؤسس الشركة.
ثانياً: تمول هذه مؤسسة يمينية أخرى: «رينيسانس تكنولوجي»، التي تملكها عائلة روبرت ميرسر (ملياردير شركات كومبيوتر). في عام 2011، قدمت لها 11 مليون دولار. وفي العام الماضي، قدمت 3 ملايين دولار إلى حملة ترمب الانتخابية.
ثالثاً: تعاونت هذه مع مؤسسة علاقات عامة وتبرعات يمينية كانت ترأسها كيلي إن كونواي، التي كانت مديرة حملة ترمب الانتخابية، والآن كبيرة مستشاري ترمب.
رابعاً: تملك مؤسسة «رينيسانس تكنولوجي» شركة أفلام ومسلسلات تلفزيونية يمينية. وهي التي أصدرت فيلم «كلينتون كاش» (عن فساد الرئيس السابق بيل كلينتون، وزوجته هيلاري، التي ترشحت لرئاسة الجمهورية ضد ترمب، وفاز عليها).
خامساً: تقف وراء هذه الشبكة العنكبوتية ريبيكا ميرسر، بنت الملياردير روبرت ميرسر. وصفته صحيفة «واشنطن بوست»، التي قادت هذه التحقيقات الصحافية، بأنه «أقوى ملياردير يؤثر على السياسة الأميركية».
ووصفت صحيفة «بوليتيكو»، التي اشتركت في هذه التحقيقات الصحافية، ابنته بأنها «أقوى امرأة تؤثر على الحزب الجمهوري».
من هي ريبيكا ميرسر؟
عمرها 44 عاماً، وولدت في يوركتاون هايتز (ولاية نيويورك)، ودرست في جامعة ستانفورد (ولاية كاليفورنيا). وتدير «مؤسسة ميرسر» اليمينية. وزوجها هو سليفان ميروشنكوف، من كبار المستثمرين في بنك «مورغان ستانلى» في نيويورك. وتربطه علاقة تجارية قديمة مع ترمب.
وتمول ريبيكا شركة «كمبردج أناليتيكا»، المتخصصة في الاستراتيجيات السياسية، والتي ساعدت حملة ترمب الانتخابية. (وساعدت، أيضاً، الحملة في بريطانيا للانسحاب من المجموعة الأوروبية، «بريكست»).
وتربط ريبيكا علاقة قوية مع ستيف بانون: مولت صحيفة «برايتبارت»، ورشحته ليكون مستشاراً لترمب خلال الحملة الانتخابية. ورشحته ليكون، الآن، «مستشاراً استراتيجياً» في البيت الأبيض.
حسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، لعبت ريبيكا دوراً رئيسياً في إقصاء الزعيم الجمهوري ميت رومني من قائمة مرشحي وزير الخارجية. وفي تعيين السناتور جيف سيشون وزيراً للعدل.
في العام الماضي، خلال حملة ترمب الانتخابية، استغرب كثير من الأميركيين (وخصوصاً الصحافيين) عندما اختار ترمب بانون مديراً لحملته الانتخابية. وذلك لأن الصحيفة ربما أكثر صحف أميركا المشهورة يمينية. في ذلك الوقت، لم يدم الاستغراب طويلاً لأن كثيراً من الأميركيين (وخصوصاً الصحافيين) ما كانوا يتوقعون أن يفوز ترمب.
لكن، لم يفز ترمب فقط، بل، أيضاً، اختار، أول ما اختار، بانون «مستشاراً استراتيجياً» في البيت الأبيض.
في ذلك الوقت، سألت صحيفة «واشنطن بوست»، في غمز واستهزاء: «هل ستكون صحيفة «برايتبارت نيوز» أول صحيفة حكومية في تاريخ الولايات المتحدة؟»
في عام 2007، أسس الصحيفة أندرو برايتبارت، من عائلة يهودية ألمانية (تعنى كلمة «برايتبارت» الألمانية: «صاحب الذقن الكثيفة).
في البداية، كانت الصحيفة مجرد موقع في الإنترنت لنشر الأخبار. لكن، في وقت لاحق، ومع تطور تكنولوجيا الإنترنت، أضاف مؤسسها أخباراً بالصور والفيديو. وحولها بصورة واضحة نحو اليمين، بل اليمين المناكف. وكرر، دون تردد: «موقع هافنغتون بوست ليبرالي مناكف، وموقع برايتبارت يميني مناكف».
أثناء نقاش مؤخراً عن علاقة ترمب مع الإعلام اليميني، ربط الكسندر ستيل، أستاذ في كلية الصحافة في جامعة كولومبيا (في نيويورك)، بين ترمب وإعلام الأميركي، وبين ما حدث في إيطاليا في عهد رئيس الوزراء برلسكوني، إمبراطور الإعلام الإيطالي.
وقال ستيل: «في البلدين، وبسبب حرية الصحافة دون حدود، وحرية امتلاك وسائل الإعلام دون حدود، تسلق ترمب وبرلسكوني إلى قمة الحكم».
وكما كشفت التحقيقات الصحافية في الأسبوع الماضي، تقف خلف ترمب (وبانون، وغيره) ريبيكا ميرسر، «أقوى امرأة تؤثر على الحزب الجمهوري»، ووالدها، «أقوى ملياردير يؤثر على السياسة الأميركية».