التناقض في مقر آبل “Apple” الجديد بين روعة التصميم والتحيز ضد النساء
خاص سياسي - جهاد السقا
كشفت شركة آبل “Apple” عن مقرها الجديد ، وهو مكان ضخم ومدهش يقع في "كوبرتينو" بكاليفورنيا، ويبدو المقر كمنتزه عملاق حيث تكلف حوالي 5 مليار دولار لبنائه.. وعلق "تيم كوك" المدير التنفيذي لشركة آبل “Apple” قائلًا: "إن المقر الجديد هو تطبيق واقعي لقرار تم اتخاذه من 100 عام ويعتبر أساسًا لبناء مستقبل الشركة".
وعند رؤية المكان نجد أنه يعكس كل الإنجازات التي قدمتها آبل “Apple” للناس على مر السنين لجعل حياتهم أفضل، وقد يتبادر إلى الذهن أنه مكان مثالي لأنه سيكون مقرًا لواحدة من أهم شركات تكنولوجيا الاتصالات في العالم؛ وذلك لما لها من تأثير قوي على الإنسانية عمومًا.. ولكن الأمر مختلف؛ فالمقر الجديد للشركة لا يحتوي على مكان لاستضافة الأطفال.. والمثير للدهشة أنه يوفر للموظفات الإناث إمكانية تجميد بويضاتهن للإنجاب لاحقًا.
ويتحدث ستيفن ليفي الكاتب الصحفي لصحفية وايرد “Wired”، وهو الصحفي الوحيد الذي أتيحت له الفرصة لإلقاء نظرة داخل المكان حيث يقول: "إن المكان أشبه بالسفينة الأم فهو يحتوي على 9000 شجرة مقاومة للجفاف، وصالة للألعاب الرياضية بمساحة 100000 قدم مربع"
ويستأنف (ستيفن) حديثه مقتبسًا كلام تيم كوك قائلا: "ماذا كان سيحدث لو قطعنا أشجارا من هنا أو هناك؟ لكان ذلك أمرًا غريبا فليس ذلك من شيم آبل “Apple” وكان ليضر بالرسالة التي تود آبل“Apple” إيصالها للعاملين لديها وهو أن الاهتمام بالتفاصيل وتقديم أفضل الرعاية أمر يهمنا."
ومن المثير للسخرية أن هذا المقر المسمى بالسفينة الأم لا يوفر الرعاية المناسبة للعاملين الأمهات.. ولم ترد آبل “Apple”على الشكاوى التي تلقتها بهذا الشأن، وفي العموم نجد أن غياب مكان لرعاية الأطفال داخل المقر يعطي انطباعًا سيئا عن المكان عمومَا.
كما علق أحد المستثمرين والمدير التنفيذي لتطبيق ميموري بوكس Memorybox على هذا الشأن قائلًا: "هذه المسائلة تعكس طبيعة المكان التي يطغى عليه طابع التمييز الجنسي ضد النساء."، وأضاف: "إذا تحدثنا مع الشركات التي توفر مكانًا لرعاية الأطفال نجد أن ذلك يعتبر عاملًا مهمًا لجذب الموظفين الأكفاء والاحتفاظ بهم لوقت طويل."
فعلى الرغم من كلام الشركة المعسول عن حرصها على تطبيق سياسة التنوع والاحتواء داخل الشركة نجد أن الواقع مغاير لذلك، فـ 70 بالمائة من العاملين من الذكور البيض.
كما علقت إحدى الموظفات التي وظفتها آبل “Apple” لتشغل منصب إداري في الشركة أن الأمر لا يدهشها على الإطلاق قائلة: "آبل عبارة عن نادي للرجال وطالما كان كذلك." كما أضافت قائلة: "ولا تهتم أبدًا بالأمهات أو الآباء الذين لديهم أطفال."
وعامة ليس كل العاملين هناك بحاجة لمكان لرعاية أطفالهم، فتقول إحدى العاملات هناك وهي أم عزباء تعيش في كونيكتيكت: "معظم الآباء يفضلون ترك أطفالهم في المنزل إذا استطاعوا تحمل التكلفة."، وتضيف: "لا أرغب أبدًا في جلب أطفالي معي لمكان العمل."
وعند سؤالها عن ظروف هؤلاء الآباء قالت إنهم النخبة فهم يعملون لدى آبل “Apple” وإحضار أطفالهم معهم لمكان العمل يعني أنه سيكون من المستحيل التنزه بعد العمل مع الزملاء.. ويبدو أن هذا هو الحل للغز فآبل “Apple” دائمًا تهتم بخلق بيئة عمل ودية وتشجع العاملين على الحفاظ على روح الود والتعاون بينهم.
وصرحت إحدى الموظفات السابقات لدي آبل “Apple” قائلة: "إن المدراء يرغبون في السيطرة على الموظفين وهذا ما حدث معي فلم يكن يروق لهم فكرة كوني أم.. ولم أفهم أبدًا تقييمهم لي.. لقد كان الأمر بمثابة تمييز محض ضدي".
وتشير البيانات المتاحة على موقع آبل “Apple” أن الإناث تشكل 37% فقط من الموظفين الجدد و 32% من نسبة العاملين عمومًا، ويبدو أن المقر الجديد يعكس عدم اهتمام الشركة بمبادئ المساواة.. ومما يزيد الأمر سوءًا وجود امرأة واحدة فقط بين أهم 11 مديرا تنفيذيا للشركة.
ومن الناحية الأخرى نجد أن آبل تقدم بدائل للنساء التي ترغب في الإنجاب فالشركة تتحمل مصاريف تجميد بويضات العاملات وحفظها، مما يثير السخرية لأن ذلك معناه أن آبل تشجع العاملات على تأجيل فكرة الإنجاب للتفرغ للعمل.