بقلم عماد الدين حسين: هل كان مطلوبا ألا نحضر قمة الرياض؟

ظنى الشخصى ــ وأرجو أن أكون مخطئا ــ أن النتيجة النهائية لزيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للمنطقة سوف تكون ضد المصالح العليا لمصر بل وللأمة العربية.


كتبت فى هذا المكان، ان البيان الختامى للاجتماع أو القمة التى جمعت الرئيس الأمريكى بقادة الدول العربية والإسلامية يوم الأحد الماضى فى العاصمة السعودية الرياض، قد انتهى إلى مجموعة من التوجهات الأساسية أهمها تكريس أن إيران هى عدو العرب وليس إسرائيل، وبالتالى فإن الصراع الرئيسى خلال الفترة المقبلة سوف يكون بين السنة والشيعة، وليس بين العرب وإسرائيل، وان أمريكا عادت لممارسة دورها التقليدى فى المنطقة أى «حلب المنطقة» حتى اخر قطرة دم وليس «حليب»!

إذا صح هذا الاستنتاج ــ وأرجو أن أكون مخطئا مرة أخرى ــ فإن المواجهة الفعلية للإرهاب الذى تعانى منه المنطقة لن تحدث، بصورة فعالة، بل سوف نسمع شعارات رنانة دون تطبيق، مقابل تصعيد الصراع مع إيران وهو ما يمكن أن يتطور إلى حرب فعلية لا قدر الله. فى هذه الحالة، لن يكون هناك أى اهتمام بحل حقيقى للقضية الفلسطينية، بل مجرد تسهيلات مثل تلك التى استقبل بها بنيامين نتنياهو ترامب فى فلسطين المحتلة يوم الإثنين الماضى. وسوف نسمع كثيرا من الاقتراحات بالتطبيع السافر بين العرب وإسرائيل.

سيقول قائل: «ألن نستفيد أى شىء مما حدث خلال الأيام الماضية؟!».

بالطبع هناك مزايا وفوائد لكنها قليلة جدا، ومنها عودة العلاقات المصرية الأمريكية إلى صيغتها الهادئة بعد مجىء ترامب وخروج أوباما، مع استئناف المعونة العسكرية بالكامل وخصم جزء بسيط من المساعدات الاقتصادية التى هى قليلة أصلا.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة ربما تكون لعبت دورا فى إقناع بعض بلدان الخليج بعدم وقف المساعدات لمصر.

لكن على المدى البعيد فإن إغفال حل جوهر الصراع العربى الإسرائيلى، والتركيز على إيران كعدو سيعنى أننا سوف نستمر كعرب فى هذه المصيدة الجهنمية.

ترامب وأركان إدارته قالوا بوضوح قبل الحملة الانتخابية إن الإخوان جماعة إرهابية وسيتم تصنيفها كذلك، بل إن وزير خارجيته ريكس تيلرسون قال إنه سيتم اقتلاعها من جذورها، لكن بعد أربعة أشهر فقط عادت الجماعة لتتجول فى الكونجرس مرة أخرى، وسمعنا من ترامب فى الرياض يمتدح قطر ودورها فى مقاومة الإرهاب. وبالصدفة البحتة حينما تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى بعده، فإنه طالب العالم بأن يسمى الأشياء بأسمائها ويقاوم الإرهاب فعلا، وأن يعرف الجميع من الذى يدعم الإرهاب ويتعامل معه ويدعمه ويتاجر معه بالمخدرات والبترول والسلاح والاموال؟

السؤال: هل كان يفترض أن تقاطع مصر هذه القمة؟! إجابتى هى نعم إذا كنا فى حالة طبيعية؟! لكن بوضوح وصراحة فإن الواقع على الأرض، لم يكن ليسمح بأن ندخل فى صراع مفتوح مع السعودية وأمريكا. البلدان كانت الخلافات معهما شديدة على كثير من الملفات، وبعد أن تحسنت الأمور إلى حد كبير، كان يصعب أن تحدث مواجهة جديدة.

وبالتالى ــ ومن واقع الكلمة المكتوبة بعناية وقوة التى تحدث بها السيسى فى القمة بالرياض ــ فإن مصر عليها أن تسير وسط حقول ألغام متنوعة وتجاهد ألا ينفجر أى من هذه الألغام. عليها أن ترضى السعودية لكن لا تشارك بأى جهد فى الصراع الطائفى، وعليها ألا تصطدم مع أمريكا رغم أننا نشاهدها رأى العين وهى تحلب الثروات العربية أو «الرز الحقيقى»، وعليها أن تصدق زورا أن هناك مقاومة حقيقية للإرهاب، رغم أن الواقع الحقيقى يشير إلى عكس ذلك.

والواضح أن الرؤية الأمريكية القديمة سوف تستمر بصورة أو بأخرى. وبالتالى فلم يعد أمام شعوب هذه المنطقة إلا أن ترفع شعار: «ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى أنت جميع أمرك»!!