مقال بقلم الدكتور ياسر حسان: ما حقيقة تأثير جائحة كورونا على الدين العام العالمي؟
12:00 ص - الثلاثاء 29 ديسمبر 2020
خاص سياسي
تقرير صندوق النقد الدولي يشير إلى أن الدين العام العالمي سيبلغ هذه السنة مستوىً تاريخيًا غير مسبوق يساوي 101,5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ أي أكثر مما بلغ عقب الحرب العالمية الثانية، لكن أولا لابد من إيضاح نقطتين هامتين وفاصلتين في تناول هذا المشكلة بشكل موضوعي.
النقطة الأولي وهي أن 70% من هذه الديون تتركز بشكل واضح في الدول المتقدمة، والولايات المتحدة تستحوذ بمفردها على %25 من المديونية العالمية مجتمعة، وأن الدول العشر الأولى من حيث حجم المديونية جميعها دول متقدمة وغنية، وتستحوذ هذه الدول على نحو 61 تريليون دولار من إجمالي الديون العالمية التي تناهز نحو 87 تريليون دولار.
أما النقطة الثانية فهي أن الدين العام لأي دولة ينقسم لدين داخلي ودين خارجي، ودين يسدد بالعملة المحلية ودين يسدد بالعملة الأجنبية. وطبعا تزداد خطورة الدين العام كلما كان خارجياً وبالعملة الآجنبية؛ لأن قدرة الدول علي سداد ديونها بالعملة المحلية سواء كانت داخلية أو خارجية غير محدودة لأنها ببساطة تملك قدرة طباعتها. هذه المعلومات هامة جدا لإيضاح خطورة المشكلة لأن معظم الدول المتقدمة تطرح أذونات سنداتها بعملتها المحلية.. مثلاً الولايات المتحدة تطرح بالدولار وإنجلترا بالجنيه الإسترليني، وهذا كان أحد أسباب رفض إنجلترا دخول منطقة اليورو في السابق.
وتكون المشكلة أقل خطورة أيضاً عندما يكون الدين العام داخلي أي لمؤسسات وأفراد وطنيين.. ومثال ذلك اليابان وهي أكبر دولة مدينة في العالم كله؛ إذ يبلغ حجم الدين العام %237 من حجم الناتج المحلي، ورغم ذلك يتسابق الكل على سنداتها رغم أنها تعطي فائدة بالسالب بمعني أن السند الذي قيمتة مثلا 1000 ين ياباني تسترده 990 يناً فقط، والسبب هو الثقة الكبيرة في الاقتصاد الياباني بالإضافة إلى أن %94 من هذه الديون هي ديون داخلية لمؤسسات وشركات يابانية، بالإضافة إلى أن سندات اليابان الخارجية تسددها بعملتها المحلية أيضاً.
المشكلة تكمن في نسبة الـ30% الباقية -وهي لدول فقيرة أو نامية ومنها بالطبع الدول العربية ومصر- لأن نسبة الديون الخارجية ليست صغيرة بالإضافة إلى ضرورة سدادها بالعملة الأجنبية الغير متوفرة بسهولة في معظم الأحوال. المشكلة الأكبر أن هذه الدول تحتاج لمزيد من القروض الآن لمواجهة الأزمات الحالية وستجد صعوبات في ذلك بسبب عدم قدرتها على سداد ديونها القديمة، بالإضافة إلى أن الدول الكبرى التي تمول صندوق النقد الدولي هي نفسها تعاني اقتصاديا.
مصر في حل مؤقت لهذه المشكلة قامت مؤخراً باستبدال قروضها قصيرة الأجل بسندات طويلة الأجل تمتد حتى 40 سنة من أجل تخفيف العبء على الموازنة الحالية ونقل أعباء الديون الخارجية المرتفعة بفوائدها للأجيال القادمة.
وأخيراً كان الله في عون الأجيال القادمة في العالم العربي والدول الفقيرة.