ترسيم الحدود مع إسرائيل "ويلات" لبنان.. اتفاق قد يكون بديلا لاتفاق سلام بين الجانبين

انطلقت المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية حول ترسيم الحدود البحرية، داخل مقر تابع لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في قرية الناقورة جنوبي البلاد، ليصبح لبنان ثالث دولة عربية تفتح محادثات عامة مع إسرائيل، في الأشهر الأخيرة، وذلك بوساطة أميركية أيضاً.


وتركز المحادثات على رقعة مساحتها 330 ميلاً مربعاً من البحر الأبيض المتوسط​​، حيث يوجد كمية كبيرة من احتياطيات الغاز الطبيعي ومطالب إقليمية لكل من الجانبين، ومن شأن الوصول إلى اتفاق يحل النزاع إلى تأثير واسع في المنطقة، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

والأهم من ذلك، هو أنّ إتمام هذه الصفقة بمثابة نعمة طويلة الأجل للاقتصاد اللبناني المنهك، فضلاً عن تعزيز تحالف الطاقة في شرق البحر المتوسط ​​المدعوم من الولايات المتحدة ، والذي تعتبر إسرائيل، مشاركة رئيسية فيه.

واعتبرت المجلة أنّه من غير المتوقع تحويل المحادثات إلى اتفاق تطبيع أو سلام، كالذي توصلت إليه الإمارات والبحرية الشهر الماضي، ولكنها تحمل إنجازاً آخراً لإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في سعيها لتحسين وضع إسرائيل في المنطقة.

من جهته، اعتبر  وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي العام، أنّ "هذه ليست مفاوضات من أجل السلام والتطبيع"، مشدداً على أنها "تركز على ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل دولة السماح باستغلال الموارد الطبيعية في البحر لصالح كلا الشعبين".

واقترح مسؤول كبير في وزارة الطاقة الإسرائيلية أنّ لبنان يمكن أن يستخرج غازاً طبيعياً بقيمة 6 مليارات دولار سنوياً من المنطقة المتنازع عليها، وهي منطقة بحرية رقيقة على شكل "شريحة بيتزا" ونقطتها عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية. 

ورجّح أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، هلال خشان، في حديث لوكالة "فرانس برس"، التوصل إلى حلّ، قائلاً "ليس أمام لبنان خيار أفضل من هذا ليتمكن من العمل في البلوك رقم 9، الذي يحتوي على كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط".

ويشكل بلوك رقم 9 نقطة خلافية في عمليات تنقيب الغاز والنفط بين الجانبين، إذ يؤكّد لبنان انه يقع ضمن مياه الإقليمية والاقتصادية، في الوقت الذي تشدد فيه إسرائيل على حقها في هذه الرقعة.

 

التوقيت والظروف الجانبية
ويبدو أنّ الظروف التي عصفت في لبنان، الذي يشهد على أسوأ أزمة مالية في تاريخه، لاسيما انفجار مرفأ بيروت، أغسطس الماضي، وعدم وصول المبادرة الفرنسية لنتائج جدية في تشكيل حكومة جديدة، أدت إلى موافقة السلطات اللبنانية، التي تعوّل على عمليات استخراج الغاز في رسم مستقبل اقتصادي جديد للبلاد، بحسب صحف محلية لبنانية.

ومن الملفت إعلان التوصل إلى إتفاق من قبل رئيس مجلس النواب، نبيه بري، (رئيس حركة أمل، الحليف الشيعي لحزب الله)، بعدما فرضت الولايات المتحدة مجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية طالت شخصيات في الحركة نفسها.

يذكر أن أزمة ترسيم الحدود ليست بالجديدة، ولطالما تمسك لبنان بضرورة مناقشة البرية منها والبحرية في ذات الوقت، إلا أنّه تراجع عن مطلبه لحل هذه الأزمة العالقة منذ أنّ سحبت إسرائيل جيشها من جنوب لبنان عام 2000.

وبالنسبة للحدود البحرية، يمكن حصر الخلاف في الزاوية التي تمتد فيها الحدود من الأرض إلى البحر، وفقاً لمتابعين.