إسرائيل وحلف الأسد .. ماذا حدث بشأن "حق الرد"؟
لا يمر أسبوع أو أسبوعان إلا وتستهدف دولة الاحتلال الإسرائيلي مواقع نظام بشار الأسد، وإيران، وحزب الله اللبناني بغارات جوية، وتثير هذه الضربات الكثير من التساؤلات حول تصريحات النظام المستمرة منذ عام 1973 والتي اعتُمدت باعتبارها تهكماً عليه: "سنحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبَين".
ورغم كل التصعيد الدعائي الكبير والمستمر لما كان يطلق على نفسه محور المقاومة (إيران – نظام الأسد – حزب الله اللبناني)، يبدو أن الواقع يشي بغير ذلك، في ظل استمرار قصف المواقع الإيرانية بسوريا.
استهداف علني مستمر
فقد أعلن جيش الاحتلال فجر أمس الاثنين، أنه قصف مواقع تابعة لـ"فيلق القدس" الإيراني بسوريا، وهو ما تسبّب في سقوط أعداد من القتلى والجرحى.
وذكر الناطق باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، على "تويتر"، أنه جرى استهداف مواقع تابعة لإيران في سوريا.
وكشف جيش الاحتلال الإسرائيلي مواقع "فيلق القدس" الإيراني التي استهدفها في سوريا فجر الاثنين، ونشر صوراً قال إنها لمواقع تدريب، ومراكز استخبارات، ومخازن أسلحة كلها تابعة للفيلق الإيراني.
وحذّر الجيش في البيان نفسه النظام السوري من محاولة استهداف "إسرائيل"، رداً على هذا القصف، الذي يُعدّ الثاني من نوعه خلال أقل من 24 ساعة، مؤكداً أنه سيستمر في التصدي لمحاولات إيران زعزعة أمن "إسرائيل"، والتموضع الإيراني بسوريا.
كما نشر مقطع فيديو يُظهر استهداف بطاريات سورية تصدت للغارات الإسرائيلية، على الرغم من تحذير "إسرائيل" النظام السوري بعدم الرد، بحسب زعمه.
תיעוד מתוך תקיפת חלק מסוללות ההגנה האווירית הסוריות לאחר שביצעו ירי הלילה: pic.twitter.com/E6bhJ9bDw7
— צבא ההגנה לישראל (@idfonline) ٢١ يناير ٢٠١٩
وعن هذه المواقع التي قُصفت، وأبرز الخسائر، قالت مصادر: إن "الغارات استهدفت مواقع عسكرية بريف دمشق، من بينها منطقة الكسوة العسكرية، ومطار دمشق الدولي ومستودعات في حرمه ومحيطه، إضافةً إلى منطقة جمرايا، ومنطقة قطنا ومحيط صحنايا".
واستهدفت الغارات أربع مناطق في محافظة السويداء: "مطار الثعلة، ومرصد تل صحن العسكري، ومرصد تل قنية الواقع قرب قرية الكفر، وكتيبة الرادار الواقعة في ريف السويداء الغربي".
إسرائيل تحذر الأسد من الرد!
لم تكن "إسرائيل" من قبل تعترف بقصفها مواقع نظام الأسد، رغم أن الأمر كان متكرراً جداً، في حين لم يردَّ نظام الأسد علي أي منها، مستخدماً ذريعة احتفاظه بحق الرد، حيث استهدف جيش الاحتلال الكثير من المناطق الاستراتيجية لمواقع جيش الأسد، وكذلك المواقع الإيرانية والمليشيات الحليفة لها.
ودائماً ما يتركز القصف على مركز البحوث العلمية في جمرايا قرب دمشق، وكذلك القواعد العسكرية بجبل قاسيون المطل على العاصمة، وحيث تشير تقارير إلى أن الأسد يطور أسلحته الكيماوية هناك، بالإضافة إلى مطار المزة العسكري بدمشق، ومطار حماة العسكري، ومطار الشعيرات في ريف حمص، ومطار الضمير العسكري بريف دمشق.
وقال الكاتب والإعلامي السوري أحمد الهواس: إن "ثمة خداعاً استراتيجياً يمارَس على الشعب السوري، متمثلاً بأن ثمة صراعاً بين إيران وإسرائيل في الساحة السورية، وما يحصل من ضربات إسرائيلية لمرتزقة إيران بسوريا لا يتعدى غسل عقول الناس بأن إيران تمثل المقاومة وأنها في عداء مستحكم مع الصهاينة؛ وهذا غير صحيح".
وأضاف الهواس في حديث لـ"الخليج أونلاين": إن "نظام الأسد وإيران يحاولان، ومن خلفهم إسرائيل، أن يثبتا أنهما في عداء، ولكن الواقع يقول العكس".
وبيّن أن"نظام الأسد لا يرد ولن يرد، لأنه لا توجد معركة أساساً، وإنما الحالة توضح أنها لتغيير الرأي العام بعد انكشاف التحالف الاستراتيجي بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى".
بينما اعتبر مراقبون أن إسرائيل تحذر لأول مرة نظام الأسد من الرد على ضربتها، وتعلن عن الضربات في أثناء شنها، وهو ما يعني أنه ممكن أن نكون هناك صفقة مع الروس لإخراج إيران أو إبعادها.
الدب الروسي ينسق اللعبة
وبعد ساعات من إعلان قصف جيش الاحتلال، خرج وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، مهدداً النظام السوري ورئيسه، بشار الأسد، قائلاً: إنه "في حال واصل النظام السوري تمكين إيران من التموضع في سوريا، فإن من شأن إسرائيل استهداف نظام الأسد".
وأوضح الوزير الإسرائيلي في الوقت نفسه، أن التنسيق والتعاون الإسرائيلي مع روسيا "جيدان للغاية".
وذكر موقع "واللا" الإسرائيلي، الأحد الماضي، أن المضادات الجوية الروسية تصدت لهجوم نفذته 4 مقاتلات إسرائيلية، واعترضت صواريخ أطلقتها باتجاه بناية قريبة من المطار، لكنه أكّد في الوقت نفسه، أن الجيش الإسرائيلي "أبلغ القوات الروسية في سوريا عن الهجوم بشكل مسبق".
ولفت الموقع العبري إلى أن حديث وسائل الإعلام الروسية عن عدم وقوع خسائر يمنح الروس المجال لنفي أية تقارير من شأنها أن تتسبب في إهانة الجانب الروسي.
وأشار إلى أنه من غير المستبعد أن يكون الاجتماع بين الوفدين الإسرائيلي والروسي، قبل أيام، قد ناقش السماح لإسرائيل بضرب أهداف تابعة لإيران وحزب الله في سوريا، ومكافحة الوجود الإيراني هناك، من دون تدخل روسيا في إمكانية أن يرد جيش الأسد، ليس عن طريق توجيه نيرانه للمقاتلات الإسرائيلية نفسها، ولكن بإسقاط الصواريخ التي تطلقها المقاتلات.