في غزة المحاصرة .. المسيحيون يحتفلون بأعياد الميلاد وهنية يزور الكنيسة
تتوسط المنطقة القديمة في قلب مدينة غزة كنيسة "القديس برفيريوس" في حي سكني جميع قاطنيه من المسلمين، إذ يتجمع مسيحيو القطاع نهاية كل عام للاحتفال بأعياد الميلاد داخل أقدم كنائس جنوب فلسطين.
وكأي منطقة في العالم يقيم المسيحيون قداس العيد المجيد في الكنيسة الموجودة بغزة، والتي يزيد عمرها على 1600 عام، ولكن أجواء الصلوات بها تكون مختلفة تماماً عن جميع كنائس العالم، لما تعيشه المدينة المحاصرة من أزمات حياتية متواصلة منذ 12 عاماً.
وتعد كنيسة "القديس برفيريوس"، من أهم المعالم التاريخية القديمة في غزة، وهي مبنية من حجارة صخرية قديمة، وتتوسطها ساحة كبيرة، ويوجد بها قبر القديس "برفيريوس" الذي توفي عام 420 من الميلاد، وتضم كذلك أقدم جدارية للسيدة مريم والمسيح.
ويحرص المسيحيون الموجودون في غزة على أداء الصلوات وشعائرهم الدينية، والاحتفال بأعياد الميلاد في كنيسة "القديس برفيريوس"، المجاورة تماماً لمسجد "كاتب ولاية".
وتمتلئ الكنيسة عند أعياد الميلاد بالعائلات المسيحية وأطفالهم، حيث لم يسجل أي اعتداء عليهم، رغم وجودها في منطقة سكنية مزدحمة بغزة، حيث يحظى المسيحيون باحترام غالبية السكان.
وانتشرت المسيحية في فلسطين خلال الحُكم الروماني مع ميلاد المسيح، وكانت البشارة بمدينة الناصرة، بحسب كتاب "حياة القديس برفيريوس أسقف غزة" لشماسة مرقس، ترجمة هبة الله صروف.
وكحال آلاف الفلسطينيين يتشارك المسيحيون المقيمون في غزة المعاناة والحصار وآثار الحروب الإسرائيلية على أهالي القطاع، وكذلك تمنع سلطات الاحتلال العشرات منهم من الحصول على تصاريح أمنية للوصول إلى بيت لحم للمشاركة في أعياد الميلاد هناك.
ويوجد عدة مؤسسات تخدم وجود المسيحيين في غزة، كجمعية اتحاد الكنائس المسيحية، التي تقدّم جملة كبيرة من الخدمات، كالتعليم المهني وبرامج مساعدة الأسر الفقيرة والدعم الصحي لأفراد المجتمع.
كما تقدم جمعية الشبان المسيحية، التي أُسّست عام 1952، العديد من الأنشطة الثقافية والتربوية، بجانب برامج الخدمات الاجتماعية والدعم النفسي، ويوجد مستشفى الهلال العربي الذي يجاور كنيسة المعمدانية القديمة، وكذلك يوجد أربع كنائس.
- مضايقات إسرائيلية
وديع أبونصار، مستشار مجلس الأساقفة في الأرض المقدسة، يؤكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنغص على المسيحيين الموجودين في غزة خلال أعياد الميلاد من خلال رفض منحهم تصاريح لدخول القدس وبيت لحم.
ويقول أبو نصار، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "الاحتلال يضع شروطاً صارمة على إعطاء المسيحيين تصاريح للخروج للضفة الغربية، ويسمح بالغالب لكبار السن".
ويضيف أبو نصار : "المسيحيون يحتفلون في أعياد الميلاد في قطاع غزة والضفة الغربية في ظل وضع اقتصادي صعب يتمثل في الاحتلال، وغياب الآفق والآمال في الحياة ، ورغم ذلك نتفاءل بوجود فرج قريب".
وحول عدد المسيحيين الموجودين في قطاع غزة، بيّن أبو نصار أن عددهم تقلص إلى 700 شخص فقط من 3000، أما في القدس فيوجد 9 آلاف.
ويحتفل المسيحيون من أبناء الطوائف الغربية بأعياد الميلاد يوم 24 ديسمبر، في حين تحتفل الطوائف المسيحية "الشرقية" بالعيد في 7 يناير.
ويتبع نحو 70% من مسيحيي قطاع غزة، طائفة الروم الأرثوذكس، في حين يتبع البقية طائفة اللاتين الكاثوليك.
- هنية يزور الكنيسة
وفي قطاع غزة أيضاً، يحرص القادة الفلسطينيون، بدءاً من السلطة الفلسطينية في التسعينات، على مشاركة المسيحيين وتهنئتهم بأعياد الميلاد، إذ شارك الرئيس الراحل ياسر عرفات بتلك الطقوس في كل عام، وصولاً إلى إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس".
وزار هنية، يوم السبت (29 ديسمبر 2018)، ووفد رفيع من قادة حركة "حماس"، كنيسة دير اللاتين بغزة، حيث قدم التهاني للطائفة المسيحية بمناسبة الأعياد، مشدداً على العلاقة المتينة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين باعتبارهم أبناء شعب واحد ووطن واحد وقضية واحدة.
وأكّد هنية خلال الزيارة تضامنه الكامل مع المسيحيين في مواجهة السياسات والمشاريع الإسرائيلية الهادفة لطمس الهوية المسيحية والحقائق الدينية داخل القدس والناصرة وبيت لحم.
وقال هنية: "إن محاولات استصدار قانون من الكنيست الإسرائيلي لوضع اليد على الأوقاف المسيحية في مناطق عديدة من فلسطين أمر مرفوض ولا يمكن أن نسلّم به".
وأدان هنية، خلال زيارته، الاعتداءات الإسرائيلية على الأوقاف المسيحية والإسلامية في القدس وغيرها، معرباً عن رفضه القاطع لهذه الاعتداءات.
وشدّد على عمق العلاقة التاريخية المتجذرة بين الفلسطينيين والمسيحيين، معبراً عن اعتزازه بطبيعة التعايش القائم بين أبناء الشعب الواحد.