واشنطن بوست: أمريكا لا تملك سياسة واقعية بشأن سوريا وإيران
قرع جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، جرس الإنذار في الكونغرس؛ عندما أعلن مؤخراً أن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا ما دامت إيران تفعل ذلك، وقال: "لن نغادر طالما أن القوات الإيرانية خارج حدود بلادها، وهذا يشمل وكلاء إيران ومليشياتها".
التصريح رأت فيه صحيفة "واشنطن بوست" تغيّراً كبيراً في سياسة الإدارة الأمريكية، التي نشرت 2000 جندي بشرق سوريا، ولكنها سبق أن أعلنت أن مهمة قواتها هناك هي محاربة تنظيم الدولة، وهو ما اعتبرته الصحيفة في افتتاحيتها تعبيراً عن عدم امتلاك أمريكا لأي سياسة واقعية بشأن سوريا وإيران.
بعض الديمقراطيين في الكونغرس أكّدوا في ردهم على تصريحات بولتون أنه ليس هناك أي تفويض قانوني باستهداف القوات الإيرانية في سوريا أو بأي مكان آخر.
جيمس جيفري، ممثّل واشنطن الخاص في سوريا، وبإطار تفسيره لتصريحات بولتون، قال: إن "البقاء لا يعني بالضرورة بقاء قوات أمريكية"، وأضاف: "لن نجبر الإيرانيين على الخروج من سوريا، فالقوة لا تعني بالضرورة العمل العسكري، هناك ضغوط سياسية يمكن أن تُمارس".
الخبر السارّ، كما تقول "واشنطن بوست"، هو أن الرئيس دونالد ترامب لا يعتزم شنّ حرب ضد إيران في سوريا دون أن يحصل على تفويض من الكونغرس، غير أن الأخبار السيئة هي تلك التي تدلّل من جديد على أن إدارته لا تملك أي سياسة واقعية لإنهاء الصراع هناك، بالإضافة للتهديد الذي يشكّله الوجود الإيراني لمصالح الولايات المتحدة الحيوية.
وكما أشار جيفير، تقول الصحيفة، فإن هدف إيران في سوريا ليس فقط دعم نظام بشار الأسد، بل تعزيز شبكته الخاصة من الصواريخ بعيدة المدى، وأنظمة صواريخ مضادّة للطائرات، وغيرها من الأسلحة التي من شأنها أن تمنح رئيس النظام السوري القوة بالمنطقة.
وقالت الصحيفة إن أكثر من 200 غارة جوية شنّتها "إسرائيل" فشلت في إيقاف إيران عن مواصلة بناء منظومتها العسكرية في سوريا.
بالمقابل فإن استراتيجية أمريكا هناك تتلخّص في محاولتها دفع عملية السلام المتعثّرة بالأمم المتحدة، والتي رفضها نظام الأسد، حيث ترى واشنطن أنه في حال كانت هناك إمكانية للتوصّل إلى اتفاقية سلام مقبولة لدى روسيا وإيران فإن الإيرانيين يمكن لهم أن ينسحبوا من بعد ذلك.
جيفري أشار إلى السيناريو الذي كان متوقّعاً أمريكياً من قبل روسيا ونظام الأسد، في العام 2018؛ وهو أن تستعيد قواتهم المناطق المتبقّية التي ما زالت خاضعة للمعارك المسلّحة، وتنسحب الولايات المتحدة من شرق سوريا، لتبدأ بعدها عملية إعادة إعمار البلاد.
غير أن ذلك لم يحصل، وفشل هذا السيناريو، ثم جاء ترامب ليعلن بعدها نيّته سحب القوات الأمريكية من سوريا، ولكنه اليوم على استعداد لتركهم هناك، في ذات الوقت انضمّت أمريكا إلى أوروبا برفض تقديم مساعدات إنسانية لإعادة الإعمار قبل أن يُتوصَّل إلى تسوية سياسية.
وفي ظل الحملة العسكرية التي كان يُتوقّع لها أن تنطلق باتجاه إدلب، حيث يعيش أكثر من 3 ملايين شخص، ومعهم فصائل بالمعارضة المسلّحة، توافق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على إقامة منطقة عازلة يمكن إخلاؤها من المسلّحين.
ومن الناحية النظرية تقول "واشنطن بوست": "يمكن أن تُخلق مساحة لدبلوماسية جيفري، لكن الولايات المتحدة ما زالت تفتقر لنفوذ ذي معنى على نظام الأسد".
وتابعت: "ومن ثمّ فإنه لا يسعنا إلا أن نأمل أن تتجه جهات فاعلة أخرى؛ مثل تركيا أو إسرائيل أو روسيا، لتحقيق شروط للسلام وتحقّق الانسحاب الإيراني بطريقة ما، وبخلاف ذلك فإن واشنطن ستكون عالقة في سوريا وغير قادرة على السيطرة على الأحداث أو حتى المغادرة".