ما حقيقة صفقة تبادل الأسرى الجديدة بين حماس و"إسرائيل"؟
فور وصول السفير القطري محمد العمادي، قبل أيام، إلى قطاع غزة من خلال معبر بيت حانون، أُثيرت أنباء حول مبادرة جديدة يحملها الرجل إلى حركة "حماس"، تُركز على رفع حصار غزة، وإعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة.
واللافت للنظر أن معظم التقارير التي تحدثت عن "مبادرة العمادي" كان مصدرها الإعلام العبري، الذي أفرط في تحليل زيارة السفير القطري لغزة، حتى وصلت إلى نشر بنود لمبادرات، نفتها "حماس" قطعاً.
ووصل العمادي إلى غزة، الجمعة (27 يونيو)، وبدأ جولته الاقتصادية بتمويل مشاريع تشرف عليها اللجنة القطرية بغزة، إضافة إلى تقديم مِنح مالية لطلبة الجامعات، قُدِّرت بـ5 ملايين دولار، دون إجراء أي لقاءات سرية أو علنية مع الحركة.
وتداولت وسائل الإعلام، خلال اليومين الماضيَين، أنباء عن أن السفير العمادي عرض على "حماس"، خلال زيارته الأخيرة لغزة، صفقة مقابل الجنود المفقودين في قطاع غزة منذ العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014.
ووفق الإشاعات، فإن "الصفقة" التي حملها العمادي شملت تغطية رواتب موظفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وإغلاق الذمم المالية كافة في المحاكم، والإفراج عن محرَّري صفقة "شاليط" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم، بضمانات دولية بعدم اعتقالهم مرة أخرى.
وزعمت تلك الوسائل أن الصفقة تنص على البدء بمفاوضات على ممر مائي لغزة؛ مقابل تسجيل مصوَّر مدته 30 ثانية يوضح حالة الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة وإذا ما كانوا أحياء أو قتلى.
الصفقة مجمّدة
أحد قادة المقاومة الفلسطينية بمدينة غزة، ويدعى "أبو البراء"، نفى" بشكل قاطع، أن يكون العمادي قد حمل لهم خلال زيارته الأخيرة للقطاع، أي مبادرة جديدة تتعلق بهذا الملف.
وأكد "أبو البراء" أن المقاومة الفلسطينية لم تتلقَّ حتى اللحظة أية عروض رسمية، سواء من أطراف عربية أو دولية، تتعلق بصفقة التبادل والبحث في مصير الجنود الأسرى منذ الحرب الأخيرة على غزة، صيف 2014.
وأضاف: "ما يدور الحديث عنه على وسائل الإعلام كان حول تسليم الطرح القطري رسمياً إلى المقاومة، وبدء الأخيرة بدراستها للرد عليها، مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة".
واعتبر أن "الاحتلال هو من يدفع بتلك التسريبات الصحفية؛ بهدف الحصول على معلومات من قِبل المقاومة عن مواقفها الرسمية (بهذا الملف)"، مؤكداً أن الحديث عن ذلك يضر كثيراً بالأسرى وذويهم.
وشدد على أن "الصفقة لا تزال مجمَّدة دون أي حراك رسمي، وهناك شروط يجب على إسرائيل أن تلتزم بها مقابل إعادة فتح هذا الملف، وعلى رأسها الإفراج عن أسرى (صفقة) شاليط".
وفي الملف ذاته، كشف القيادي البارز في "حماس" محمود الزهار، في تصريح سابق لـ"الخليج أونلاين"، أن حركته وضعت شروطاً أساسية لن تحيد عنها مقابل إتمام أي صفقة للتبادل مع الاحتلال، من خلال الوسيط المصري.
وهذه الشروط، بحسب الزهار، تتمثل في إطلاق محرَّري صفقة "وفاء الأحرار" (شاليط)، والتعهد بعدم اعتقالهم مرة أخرى، مشدداً على أن "المقاومة لن تدفع الثمن مرتين للاحتلال الإسرائيلي".
وأعاد الاحتلال اعتقال عدد من محرَّري صفقة "الوفاء للأحرار" التي تمت عام 2011، وأُفرج بموجبها عن 1027 أسيراً من ذوي الأحكام العالية وقدامى الأسرى، مقابل إطلاق سراح الجندي شاليط، الذي أُسِر من على حدود قطاع غزة صيف 2006.
وكانت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، أعلنت في الثاني من أبريل 2016، أنها أسرت أربعة جنود في حرب 2014، ونشرت أسماءهم وصُورهم، دون إعطاء مزيد من المعلومات.
وشدّدت على أن أي معلومات عنهم لن يحصل عليها الاحتلال إلا بدفع استحقاقات وأثمان واضحة قبل المفاوضات وبعدها، في حين تقول "إسرائيل" إن اثنين من الجنود قتيلان، والآخرَين مدنيان دخلا قطاع غزة بـ"الخطأ".
الدور الإنساني
وفي السياق ذاته، أكد القيادي في الحركة يحيى موسى، أن "حماس لا تمانع فتح ملف صفقة التبادل، عبر أي وسيط خارجي (لم يحدده)"، مؤكداً أن "إسرائيل" هي العقبة الأساسية في هذا الملف.
وأضاف: "الاحتلال يماطل بالاستجابة لشروط المقاومة وحركة حماس، وهو يحاول من خلال تحركاته السرية المشبوهة وتقاريره المسمومة، الضغط على الحركة لتقديم معلومات مجانية أو إعادة تفعيل الملف دون تلبية شروطها الرئيسية".
وأشاد بالدور الذي تلعبه دولة قطر في التخفيف من وطأة وأزمات الحصار، مؤكداً أنها تواصل دورها الإنساني في خدمة ومساعدة الفلسطينيين "بعد أن رفع الجميع يده عن غزة وأهلها وتركهم يعانون".
وكان السفير القطري أعلن تقديم الدوحة، السبت (30 يونيو)، منحة مالية بقيمة 5 ملايين ريال قطري لطلبة جامعات قطاع غزة، ضمن زيارته التي جاءت للاطلاع على آخر تطورات المشاريع القطرية في غزة.
وأسهمت قطر، منذ قرابة عقد، في تمويل مشاريع لدعم سكان قطاع غزة، ومجالات مختلفة أخرى؛ منها التعليم والصحة والبنى التحتية والزراعة ومشاريع الإعمار والإغاثة والبنية التحتية والإسكان، تبلغ تكلفتها أكثر من 400 مليون دولار.