احتجاجات متصاعدة وسط تعنّت حكومي .. إلى أين يتجه الأردن؟

احتجاجات متصاعدة وسط تعنّت حكومي .. إلى أين يتجه الأردن؟
احتجاجات متصاعدة وسط تعنّت حكومي .. إلى أين يتجه الأردن؟

ككرة الثلج المتدحرجة، يواصل الأردنيون احتجاجاتهم الميدانية في العاصمة عمان، ومختلف محافظات المملكة، دون أن يعلم أحد على وجه الدقة إلى أين تتجه الأمور في البلاد.


وتماماً كما هي التظاهرات، فإن المطالب الجماهيرية أخذت منحنى تصاعدياً آخر، فمن الدعوة للتراجع عن قانون الضريبة الجديد، إلى المطالبة بإقالة حكومة هاني الملقي، وحل البرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وسط هتافاتٍ طالت النظام نفسه.

- الملك هو الحل
وخلال لقائه مؤخراً عدداً من النقابيين والنواب، قال الملقي: إن "الكلفة الاقتصادية لسحب مشروع قانون الضريبة ستكون كبيرة على الأردن، وبالتالي لن يتم سحب القانون".

ومع حديث الملقي هذا فإن الرهان بات معقوداً على تدخل الملك شخصياً لإقالة الحكومة والإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برؤية اقتصادية جديدة، وهو ما طالبت الجماهير بتطبيقه في هتافاتها قرب الديوان الملكي في وسط عمّان.

وفيما حاول البعض الآخر مخاطبة الملك عبر حسابه في "تويتر"، ودعوته لوقف التدهور الحاصل في البلاد نتيجة القرارات الحكومية الأخيرة، حذر آخرون "من الرهان على فتور الموقف الشعبي، والوصول بالجماهير نحو الحائط".

وكان لافتاً أن "الأمر الملكي" للحكومة بالتراجع عن الرفع الأخير لأسعار المحروقات، أعقبه مباشرةً بيانات عشائرية جددت تأكيد دعواتها السابقة لمواصلة مسيرات الاحتجاج.

وهذا يعني أن العشائر الأردنية القريبة من النظام باتت هي الأخرى ترى تغولاً من قبل الحكومة على المواطن، ومن ثم أصبحت تعيش حالة استدارة كاملة نحو المواطن والوطن، وبصورة واضحة.

- المواطن متهم عند الحكومة
بحسب متابعين سياسيين واقتصاديين، فإن "قواعد اللعبة" في الأردن تغيرت، محلياً وإقليمياً، خاصة بعد أن أصبح الرهان على المواطن الأردني، بعدما اعتمدت الدولة على الدعم الخارجي، الذي لم يعد مطروحاً ولا ممكناً.

فالحكومة التي كانت قادرة على توظيف علاقاتها الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمات الداخلية، تجد اليوم صعوبة حقيقية في مواجهة استحقاقات الأزمة وفي احتواء تفاعلاتها السياسية والاجتماعية.

وهناك من رأى أن "قانون ضريبة الدخل يمثل حالة عرفية جديدة في التعامل مع المواطن، ونوعاً من الإجبار بالقوة للوفاء بالالتزامات المالية، على نحو أشعر المواطن أنه يشكل عبئاً على الدولة، ما استدعى الاحتجاج بهذه القوة وهذا الإصرار".

- النزول من على الشجرة
الكاتب السياسي الساخر أحمد حسن الزعبي أشاد بالهبة الاحتجاجية التي تشهدها البلاد، كما أثنى، في تصريحٍ لـ"الخليج أونلاين"، على "الدور الحقيقي الذي بدأت النقابات المهنية تمارسه مجدداً، من خلال قيادتها الشارع للاحتجاج".

وقال: "النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني بدأت تأخذ دورها من جديد، ومن ثم فمن المهم أن يستيقظ الجميع حين نشعر أن الوطن أصبح مهدداً، وبات في حالة الخطر".

وأضاف الزغبي: "المواطن اليوم بات هو من يحمل همومه وينزل بها إلى الشارع بنفسه ليعبر عن مكنوناته، بالطريقة التي يريد ويراها مناسبة".

واتهم الحكومة بأنها "باتت متغطرسة، ويجب عليها التراجع فوراً عن قراراتها بشأن الضريبة؛ لأن المواطن المكلوم والمهموم بمشاكله الاقتصادية لن يتراجع أبداً".

ودعا الكاتب الأردني السياسي المشهور بأسلوبه الساخر، الجماهير إلى الإصرار على موقفها الشعبي والميداني "بنفسٍ طويل"، حتى تحقيق مطالبها كافة.

أما النائب في البرلمان الأردني أحمد الرقب، فقد طالب بإقالة حكومة الملقي، داعياً إلى "لقاء عاجل بالملك عبد الله الثاني للتباحث معه ووضعه في صورة الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشها الناس، نتيجة القرارات التي وصفها بالخاطئة والمدمرة".

ودعا الرقب، في تصريحٍ لـ "الخليج أونلاين"، الملك إلى التدخل للتراجع عن قرارات رفع الأسعار التي اتخذتها الحكومة مؤخراً، وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل من جديد؛ لتخفيف الاحتقان الحاصل في البلاد.

وتساءل عن "أموال الفاسدين والمتنفذين والمنتفعين الذين يتهربون من الضرائب"، موضحاً أن على "الدولة أن تتصرف بسرعة قبل أن تستفحل الأمور في البلاد أكثر فأكثر؛ فالحديث هنا عن تجويع الناس وأخذ أموالهم بغير حق".

- الأردن .. السيناريو الأصعب
وفيما يتعلق بالسيناريو المرتقب إزاء حالة الغليان التي يشهدها الأردن، قال الخبير الاقتصادي ماهر الهرش لـ "الخليج أونلاين" إنه من الممكن أن يقوم "الملك، ومن خلال تصاعد حدة الاحتجاجات، بإقالة الحكومة بالفعل".

وأضاف: "هنا فقط سيعود الناس إلى منازلهم، لكن ما أود الإشارة إليه أنه وبالنظر إلى المسألة في بعدها الاستراتيجي، فإن صانع القرار في البلاد لن يستطيع على الإطلاق مواجهة قرارات صندوق النقد الدولي".

وأوضح الهرش حديثه قائلاً: "الحكومة اتفقت من حيث المبدأ مع مبعوثي الصندوق الذين يزورون الأردن حالياً على قانون ضريبة الدخل، ومن ثم ومن خلال الاشتراطات المعروفة بين المملكة والبنك الدولي، فإننا إزاء تمرير كامل للقانون ولن يستطيع أحد إيقاف ذلك".

ومنذ الأربعاء الماضي، تشهد محافظات أردنية سلسلة احتجاجات مطالبة بإسقاط الحكومة وحل البرلمان، بعد إضراب متواصل دعت إليه 33 نقابة ومؤسسة محلية، احتجاجاً على إقرار قانون الضريبة المعدل.

وعلى الرغم من استمرار الاحتجاجات فإن الملقي أكد، السبت، تمسكه بقانون الضريبة الذي أثار غضب الشارع الأردني، وخرجت على إثره العديد من المظاهرات في أرجاء البلاد.

ويخشى مراقبون من استمرار التصعيد في الشارع الأردني على وقع إصرار رئيس الحكومة على القانون، لا سيما بعد أن تحققت بعض مطالب المحتجين من خلال إضرابهم واعتصامهم، الذي توج بقرار من الملك يجمد زيادة الأسعار لمدة شهر واحد.

يشار إلى أن العاهل الأردني أمر، الجمعة الماضية، بتجميد الزيادات التي أقرتها الحكومة في أسعار الوقود والكهرباء، بعد الإضرابات الغاضبة التي شهدتها البلاد.