"نيويورك تايمز": تحقيق السلام في ليبيا ما يزال مهمة شاقة

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن مهمة تحقيق السلام في ليبيا "ما زالت شاقة وطويلة"، وإن الاتفاق الذي تم توقيعه في باريس أمس والقاضي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر المقبل، كان متفائلاً أكثر من اللازم في ظل الانقسامات العميقة التي تضرب ليبيا والانتشار الكبير للمليشيات المسلحة.
وكان زعماء الفصائل اللليبية قد اتفقوا الثلاثاء (29 مايو) في باريس على وضع إطار قانوني لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر المقبل، وذلك في إطار صفقة رعاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتحقيق الاستقرار في ليبيا، ووقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا من شواطئها.
وبحسب محللين فإن الإطار الزمني الذي تم الاتفاق عليه "متفائل للغاية، خاصة أن التجارب السابقة لتحقيق اتفاق سلام في ليبيا فشلت بسبب معارضة الجماعات المسلحة على الأرض لها".
وبموجب الاتفاق سيحدد القادة الليبيون، بحلول منتصف سبتمبر المقبل، قواعد الانتخابات التي ستجرى في العاشر من ديسمبر، والتي من أهم شروطها توفير الأمن للناخب الليبي. كما وافق القادة الليبيون على دمج قواتهم المسلحة وغيرها ضمن الكيانات الأمنية.
وتنقسم السلطة في ليبيا بين حكومتين متنافستين، في شرق البلاد وغربها، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الجماعات المسلحة التي يوالي بعضها هذه الحكومة أو تلك.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف الاتفاق بأنه "تاريخي وضروري لأمن الشعب الليبي واستقراره"، حيث سعى ماكرون لأداء دور الوسيط في الشرق الأوسط، وكان مجرد جمع الفرقاء الليبيين في غرفة تفاوض واحدة يمثل نجاحاً للرئيس الفرنسي.
لكن كانت الصعوبات المنتظرة واضحة، بحسب الصحيفة. فلقد رفض قادة الفصائل الليبية التوقيع على ما تم الاتفاق عليه، وعندما سئل ماكرون عن سبب ذلك قال إن قادة الفصائل يرغبون في مناقشات مستفيضة مع أنصارهم في داخل الوطن.
ومن بين قادة الفصائل الليبية التي حضرت اجتماع باريس، فايز السراج رئيس حكومة الوحدة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس، والجنرال خليفة حفتر الذي تسيطر قواته على جزء كبير من شرقي البلاد، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى المنتخب حديثاً، وهو هيئة استشارية لحكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج، وأيضاً عقيلة صالح رئيس مجلس النواب في طبرق.
كما شارك في لقاء باريس أمس مسؤولون من الأمم المتحدة، عملوا على وضع خطة لاعتماد دستور جديد للبلاد، وأيضاً سيسهمون في إجراء انتخابات وتحقيق الاستقرار، بالإضافة إلى ممثلي 20 بلداً، بما في ذلك جيران ليبيا والقوى الإقليمية والغربية.
"مجموعة الأزمات الدولية"، وهي منظمة بحثية مقرها بروكسل، قالت في تقرير لها صدر مؤخراً: "إن هناك الكثير من الصعوبات التي تواجه الفصائل الليبية. ليبيا ما زالت دولة مجزأة وينتشر فيها الفساد، وقادة الفصائل السياسية والعسكرية فيها يعمقون من حدة الانقسامات المجتمعية".
تقول كلوديا غازيي، المختصة بالشؤون الليبية ضمن مجموعة الأزمات الدولية، إن الدستور الليبي لم يتضمن منصب الرئيس، وإن دستوراً جديداً لم يطرح بعد للاستفتاء، لذا فإن تحديد موعد 10 ديسمبر للانتخابات أمر مثير للجدل.
تسعى فرنسا ودول أوروبية أخرى لتحقيق الاستقرار في ليبيا، في محاولة لوقف تدفق اللاجئين الذين يغادرون شواطئ ليبيا لأوروبا، حيث تقع الموانئ الليبية في طرابلس على بعد 180 ميلاً فقط من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وعلى الرغم من الإجراءات التي أدت إلى تباطؤ تدفق اللاجئين، فإن الآلاف ما زالوا يتجهون إلى أوروبا من خلال شبكات التهريب.
أمريكا، بحسب نيويورك تايمز، أدت دوراً خفياً في الأزمة الليبية، فلم تكن تتصدر المشهد، واكتفت بمحاربة تنظيم داعش في ليبيا وخاصة في العام 2016، حيث نفذت المقاتلات الأمريكية قرابة 500 طلعة جوية على مواقع تابعة لتنظيم داعش في سرت الساحلية، كجزء من حملة عسكرية دولية.