التسول في رمضان .. ما بين التعاطف والاستغلال

 التسول في رمضان .. ما بين التعاطف والاستغلال
التسول في رمضان .. ما بين التعاطف والاستغلال

بملابس رثّة، ووجوه متعبة، ومظهر يوحي بالبؤس والفقر، يحشد المتسولون، الكبار منهم والأطفال، أنفسهم لاستقبال شهر رمضان، من خلال انتشارهم في شوارع المُدن وأزقتها.


وفي الموسم المنتظر لهؤلاء المتسولين، وهو موسم المال الوفير لهم، يستعد بعض الأشخاص لاستعطاف المواطنين وطلب المعونة، مُستغلين رقة القلوب في شهر الخير، الذي اعتاد الناس أن يجودوا فيه بسخاء؛ لإدراكهم لعظيم أجر الصدقة.

وتدفع بعض الأسر أطفالها إلى الشوارع للتسول والحصول على الغنائم في نهاية اليوم، ولكن هل كل من يبكي في الأزقة مُحتاج؟

في الوقت الذي تتعفف أسر بأكملها أن تسأل الناس، يلاحظ وجود ما يشبه "عصابات" تستغل هذا الشهر الكريم من أجل نشر عناصرها وتوزيعهم على الأماكن "الاستراتيجية"، التي تمكنهم من جمع أكبر مبلغ من المال.

فقد روى محمد سالم، وهو مواطن يسكن في إحدى المناطق الراقية في عمّان، قيام سيارة بتوزيع المتسولين في منطقة جغرافية صغيرة، كباراً وصغاراً ونساء، وبعد مدة تجدهم عند هذا المسجد أو هذا السوق أو عند تلك الإشارة الضوئية.

محمد الأحمد، شاب أردني، رأى ذات يوم متسوّلاً ثلاثينياً جالساً ويسند ظهره على حائط، وبين يديه شيء يلتهي به، أثاره الفضول ليقترب منه أكثر، ويحاول أن يعرف ما الذي يُشغل المتسوّل به نفسه طوال نهار رمضان وتحت حرّ الشمس.

يقول الأحمد: "حين اقتربت قليلاً لمحت طرف هاتف ثمين، ذي شاشة كبيرة، يتجاوز سعره الـ300 دينار أردني (422 دولاراً أمريكياً)"، ويتابع: "نظرت إلى هاتفي القديم، وضحكت كيف يستطيع هؤلاء الناس أن يُشعرونا بالحزن عليهم، ويظهروا فقرهم وهم ليسوا كذلك!".

تتفاوت الآراء حول مدى حاجة هؤلاء المتسولين للمال، وحول انتشارهم في شوارع المدن، فالبعض يتعاطف معهم، وآخرون لا يفضلون ذلك.

عمر الطراونة يؤمن أن المحتاج فعلياً يسعى للرزق، ويرى أن "التسول مرحلة متدنية جداً"، وذلك بطلب الإنسان المال من الناس، إذ "يُنزل نفسه لمنزله دنيئة ليأخذ قوت يومه".

البعض لا يريدون أن يبذلوا أدنى جهد من أجل حصولهم على الرزق، وآخرون يكدحون طوال النهار ليكسبوا المال، وهم من لهم الأولوية في أن نحزن عليهم، وفق الطراونة.

ويؤكد الطراونة أنه رأى العديد من المتسولين لا يرغبون بالعمل، لأنهم رفضوه حين عُرض عليهم.

ويلاحظ كثيرون ازدياد "التسول" في رمضان، الطروانة يقول لـ"الخليج أونلاين": "إن البعض يفكر أن الخير فقط في رمضان، ما يجعله ينفق الكثير من ماله، والمتسولون يستغلون هذا الشيء؛ إذ إن الصائم يشفق عليهم، ويتعاطف معهم".

نور السنتريسي توافقه على هذا الرأي، وتقول: "لا أعطي المتسولين المال حتى لا أشجعهم على هذه المهنة، والتي تزداد برمضان لأن الناس تحب الخير".

أما عائشة جمال فتقول: لا "أقدم لهم المال وإنما الطعام"، وتؤكد لـ"الخليج أونلاين" أن "الشخص لو كان محتاجاً فعلاً فسيقبل كل ما يقدم له".

وتوافقها في الرأي مريم العتيبي، التي تقول إن بعض المتسولين حين نعطيهم الطعام لا يقبلون أخذه، وهذا ما يؤكد عدم حاجتهم له. وتضيف العتيبي لـ"الخليج أونلاين": إن "الطعام الذي أقدمه للمتسولين يكون أرزاً أو سكراً أو بطاطا أو أي شيء يمكن الاحتفاظ به مدة طويلة عندهم، وأراعي أن يكون ممّا لا يفسد بحيث إن لم يكن لديهم ثلاجة فسيستطيعون حفظه بأي مكان".

الشيماء حسني تعطي أحياناً المتسولين، وأحياناً لا، وتقول لـ"الخليج أونلاين"، شهر رمضان هو للتسابق للخيرات، ما شجع المتسولين أكثر.

وتكافح كثير من البلدان ظاهرة التسوّل لديها، وتلاحق السلطات الأمنية المتسولين، ويشكل التسول خطورة على الأطفال، إذ إن انتشارهم في الشوارع يعرض حياتهم للخطر، كما يُنمّي لديهم جانب الاتكال على الآخرين في كسب الرزق.