بعد شهداء وجرحى غزة .. لماذا رفضت السعودية عقد قمة عربية طارئة؟
رغم ارتكاب الاحتلال "الإسرائيلي" مجزرة جديدة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، أسفرت حتى اللحظة عن استشهاد 15 وإصابة أكثر من 1400 آخرين، خلال يوم واحد فقط من المواجهات الساخنة والمستمرة على حدود القطاع، فإن الدول العربية لم تقرر بعد عقد قمة طارئة تناقش ما يجري بفلسطين، لتقف بجانب شعبها وتتصدى لجرائم المحتل.
وبحسب عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن قيادة السلطة قد وجهت خلال الساعات الماضية دعوة للدول العربية، وخاصة السعودية التي تترأس أعمال الدورة الـ29 للقمة العربية، لعقد قمة تناقش ما يجري بالأراضي الفلسطينية واتخاذ الرد الحازم والمناسب.
وفي أكد قيادي فلسطيني، مفضلاً عدم كشف اسمه، أن اتصالات على مستوى رسمي وعالٍ جرت مع العديد من الدول العربية والإسلامية، للتشاور في عقد قمة عربية طارئة بسبب الأحداث الساخنة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية، وأعداد الشهداء والإصابات المرتفعة برصاص قوات الاحتلال.
- رفض سعودي
وأضاف: "كل اتصالاتنا وصلت لطريق مسدود ودون أي نتيجة، ولم نجد من رد الدول العربية إلا الفتور وعدم الاهتمام لما يجري داخل فلسطين، وعدم التفاعل مع خطورة الأحداث في ظل مجازر الاحتلال المستمرة بحق شعبنا، وخاصة في قطاع غزة الذي فقد 15 شهيداً حتى اللحظة في يوم واحد".
وكشف أن بعض المسؤولين السعوديين أكدوا أن هناك قمة عربية مقبلة ستعقد، بعد أسابيع قليلة، برئاسة السعودية في مدينة "الدمام" بمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، ولا حاجة لعقد قمة طارئة بسبب أحداث فلسطين الجارية.
ولفت القيادي الفلسطيني إلى أن السعودية كان يجب عليها أن تسارع في الدعوة لعقد قمة عربية طارئة للوقوف بجانب فلسطين وشعبها، "لكن يبدو أن هناك قضايا أخرى تهتم بها الرياض أكثر من فلسطين وشعبها وما يتعرضون له"، على حد قوله.
وهذه ليست المرة الأولى التي ترفض الدول العربية عقد قمة طارئة لمناقشة القضايا الفلسطينية الساخنة وتطوراتها، فقد صرح محمد اشتيه، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، في الـ19 من ديسمبر الماضي، أن الدول العربية رفضت عقد قمة عربية بعد قرار الإدارة الأمريكية باعتبار القدس عاصمةً لـ"إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها.
من جهته، فشل مجلس الأمن الدولي في الجلسة الطارئة التي عقدها (الجمعة)، في إصدار قرار توافقي يدين "إسرائيل" على مجزرتها الأخيرة بحق الفلسطينيين بغزة، وكذلك الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية لم تستجب للدعوة الفلسطينية التي وجهت لها لعقد قمة عربية عاجلة.
- بيع القضية
القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، نايف الرجوب، انتقد الموقف العربي والإسلامي تجاه ما يجري داخل الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن موقفهم كان بمنزلة ضوء أخضر للاحتلال "الإسرائيلي" لممارسة عدوانه وتصعيده.
واتهم الرجوب الدول العربية الكبيرة ببيع القضية الفلسطينية لحساب مصالحها وعلاقتها مع البيت الأبيض و"تل أبيب"، قائلاً: "تهميش قضية فلسطين بات سياسة تتبع من تلك الدول لتودد للاحتلال الإسرائيلي والأمريكان".
واعتبر عدم دعوة السعودية التي تترأس القمة العربية المقبلة لاجتماع طارئ، ورفض كل الدعوات والتوجهات الفلسطينية لموقف عربي وإسلامي حازم "دليلاً كافياً على مدى خطورة المرحلة التي يمر بها الفلسطينيون، ومشاركة الدول العربية في تصفية القضية الفلسطينية وبيعها بأي ثمن".
من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي، أشرف العجرمي، أنه في حال سقط المئات وليس العشرات من الشهداء الفلسطينيين برصاص الاحتلال خلال مسيرة العودة، فإن الدول العربية لن تتحرك لنصرتهم أو حتى اتخاذ موقف جاد ضد الاحتلال الإسرائيلي لإيقاف جرائمه.
ويقول العجرمي: "ارتقاء العدد الكبير من الشهداء الفلسطينيين في غزة دافع أكثر من اللازم لعقد قمة عربية، واتخاذ قرارات صارمة ضد إسرائيل والضغط على المجتمع الدولي لمعاقبة المحتل، وكذلك لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات لتأمين الحماية للفلسطينيين، ووضع ضغوط دولية كبيرة على إسرائيل من أجل استئناف عملية سياسية تفضي إلى انسحاب إسرائيلي شامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضمان كل حقوق الشعب الفلسطيني وفق القرارات الدولية".
ويضيف المحلل السياسي: "لا يوجد أي أمل في تحرك عربي فاعل وموحد لنصرة الفلسطينيين ودعمهم"، لافتاً إلى أن "دولاً عربية منشغلة بمشكلاتها وأخرى منشغلة بتطوير علاقاتها مع إسرائيل"، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية.
ولا تزال الأحداث والمواجهات مستمرة داخل الأراضي الفلسطينية مع قوات الاحتلال بعد انطلاق مسيرات العودة الكبرى، الجمعة، في حين اكتفت بعض الدول العربية بإصدار بيانات "شجب واستنكار" لما يجري داخل فلسطين والمجازر التي ترتكب، في حين لم يصدر عن باقي الدول أي ردود أفعال.
وقال مندوب فلسطين في مجلس الأمن الدولي، السفير رياض منصور: إن "القوات الإسرائيلية ارتكبت مذبحة بشعة بحق الفلسطينيين"، مطالباً بمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، داعياً مجلس الأمن إلى تحمّل مسؤولياته والتحرّك فوراً لحماية الشعب الفلسطيني.
هذا ومن المقرر أن تترأس السعودية أعمال القمة العربية في دورتها الـ29، والمقرر إقامتها في "الدمام"، خلال منتصف شهر أبريل المقبل، بحسب الموقع الرسمي السعودي الذي تم تدشينه قبل أيام على شبكة الإنترنت ليتناول كل المعلومات حول القمة العربية المقبلة.