"إسرائيل" تبدأ قرع الطبول .. هل اقتربت الحرب الرابعة من غزة؟

"هل اقتربت الحرب الرابعة؟"، تساؤل بات يُطرح بقوة في قطاع غزة ويشغل بال سكانه المحاصرين، بالتزامن مع التصريحات الموجهة والمقلقة التي تطلقها ماكينة الإعلام الإسرائيلية منذ أسابيع حول مصير القطاع والتكهن باقتراب موعد "حرب طاحنة"، في وقت ما زالت فيه غزة تلم أشلاءها من حرب سابقة.
بالنسبة لسكان غزة، فسيناريوهات الحرب هذه المرة تتشابه مع سابقاتها، فالعوامل المشتركة تتوافر بقوة، بدأت بقصف الاحتلال مواقع في غزة ومحاولات استفزاز المقاومة، والتحليق المكثف لكل أنواع الطائرات في سماء القطاع على مدار الساعة، إضافة للمناورات العسكرية الأكبر للجيش الإسرائيلي على الحدود، ورفع الدول العربية والمجتمع الدولي يده عن أزمات الفلسطينيين المتفاقمة، وآخرها الضوء الأخضر الأمريكي.
وسائل الإعلام العبرية لم تتوقف طوال الأسابيع الأخيرة عن بث سمومها حول غزة والتحريض عليها، وتهيئة الشارع الإسرائيلي والدول العربية والمجتمع الدولي، لحرب رابعة قادمة قد تكون الأعنف والأشد على سكان غزة، بذريعة "الخوف من الانفجار الكبير".
- الحرب الصادمة
ولعل أبرز التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الإسرائيليين حول غزة، التحذير الذي أطلقه رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي والرئيس السابق لجهاز "الشاباك" آفي ديختر، لحركة "حماس"، من أن الحرب القادمة ستكون "صادمة" وحرباً "لم تر لها مثيلاً" خلال العام الحالي.
وأضاف ديختر، وفق ما أوردته صحيفة "معاريف": "لا أعتقد أننا سنتصرف بشكل استباقي في غزة، ويجب على (حماس) أن تعلم أن الحرب المقبلة في غزة ستكون مختلفة جداً".
وسبق تصريحات ديختر، ما قاله غادي إيزنكوت، وزير أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، بأن "فرص الحرب في عام 2018 ترتفع يوماً بعد يوم؛ بسبب الأزمة الإنسانية التي يعانيها قطاع غزة".
وقال كذلك عضو اللجنة النيابية للدفاع في الكنيست عوفر شيلح: "إن الفشل الدبلوماسي والانهيار الإنساني في قطاع غزة يقرباننا من حرب جديدة".
وذهبت وسائل إعلام عبرية إلى أبعد من ذلك، حين ذكرت في تقارير مختلفة لها، أن الحرب على غزة قد تُشن تزامناً مع مناورات الجيش الإسرائيلي الحالية.
والأحد 4 فبراير، بدأ الجيش الإسرائيلي مناورات عسكرية "واسعة" في غلاف مستوطنات قطاع غزة.
وأوضح الجيش بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "المناورات مخطط لها مسبقاً، (وتأتي) لتحسين مدى الاستعداد والجاهزية لدى قوات الجيش في الجنوب (قرب قطاع غزة)".
كما كشفت صحيفة "الحياة" اللندنية-السعودية، الأحد الماضي، أن فصائل المقاومة بغزة، وعلى رأسها حركة "حماس"، تستعد لحرب إسرائيلية رابعة على قطاع غزة، خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة، مشيرةً إلى أن فصائل المقاومة تتوقع اندلاع حرب عسكرية إسرائيلية على القطاع بنسبة 95%.
وأضافت الصحيفة أن "مصادر فلسطينية موثوقة نقلت عن قيادات من فصائل فلسطينية، أبرزها يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، توقعها أن يستغل الاحتلال الإسرائيلي المناورات العسكرية التي بدأها الاثنين 5 فبراير، في الجنوب ويشن حرباً واسعة على القطاع".
وبحسب الصحيفة، فإن حركة حماس، ومعها الفصائل، أعلنت أعلى درجات الاستنفار وأخلت معظم مقارها، كما نشرت الحركة حواجز شرطية وأمنية على امتداد القطاع خلال الأيام القليلة الماضية؛ تحسباً لأي طارئ أمني أو عسكري.
ويشهد قطاع غزة الذي عاش ثلاث حروب طاحنة خلال السنوات التسع الماضية، توتراً ميدانياً متقطعاً منذ توسط مصر في إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار نهاية أغسطس عام 2014؛ لإنهاء هجوم شنه الاحتلال على القطاع استمر 51 يوماً، وأسفر عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني، وتدمير البنية التحتية في القطاع بالكامل.
- السيناريو الأقرب
وفي ضوء التهديدات الإسرائيلية والتكهنات القائمة حول اندلاع الحرب الجديدة على غزة من عدمها، وضع محللون وخبراء في الشأن الإسرائيلي عدة سيناريوهات للمرحلة المقبلة على قطاع غزة، ستكون الحرب والتصعيد العسكري عنوانها الأبرز.
الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد، يؤكد أن "رائحة الحرب الرابعة تقترب كثيراً من قطاع غزة، بعد أن بدأت المؤسسات العسكرية والإعلامية لدولة الاحتلال بقرع طبول المواجهة القادمة".
ويقول العقاد: "السيناريوهات كافة للحروب الثلاث الماضية على قطاع غزة، تتكرر الآن، في مشهد أعادنا للخلف قليلاً قبل نشوب الحرب الأخيرة صيف 2014، والأسباب المباشرة وغير المباشرة التي اندلعت بسببها".
ويضيف المحلل السياسي: "إسرائيل بدأت فعلياً بتسخين جبهتها الداخلية وهيّأت الرأي العام المحلي والعربي والدولي للحرب القادمة التي اتُّخذ قرارها بشكل رسمي، بعد أن حصلت على ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالقضاء على المقاومة و(حماس) في غزة".
ويشير العقاد إلى أن "قضية الحرب على غزة باتت مسألة وقت لا أكثر، ويبدو أن إسرائيل تنتظر فقط نقطة الصفر لإشعالها من جديد، وقد تستمر أسابيع طويلة حتى تحقيق الهدف، بشكل كامل، لرسم الخارطة السياسية والجغرافية والأمنية الجديدة"، لافتاً إلى أن كل الظروف المحيطة، محلياً وعربياً ودولياً، تشجع الاحتلال على الحرب.
- تهديد لحكومة نتنياهو
لكن الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد مصلح، وضع سيناريو آخر للمرحلة المقبلة، مؤكداً أن إسرائيل لن تنجر لحرب كبيرة بقدر حرصها على "تصعيد عسكري مؤقت" مع "حماس" والمقاومة بغزة.
وذكر أن اتخاذ قرار الحرب ليس بالأمر السهل بالنسبة لحكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، وأن أي تقدير أمني خاطئ قد يكلفه منصبه وانهيار ائتلافه الحكومي بشكل كامل والدخول بانتخابات جديدة، سيكون نتنياهو الفاشل والخاسر الأكبر فيها.
ورجح الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن يلجأ نتنياهو إلى سياسة "التصعيد العسكري المؤقت"، دون فتح جبهة حرب كبيرة مع غزة، خاصة في ظل التهديد الذي يواجهه مع الحدود اللبنانية، مضيفاً: "العام الحالي سيكون مليئاً بالمفاجآت، وأعتقد أن المقاومة و(حماس) لن يقفا مكتوفتَي الأيدي وسيكون لهما رد على خروقات وتصعيد الجيش الإسرائيلي؛ لذلك فإن قرار الحرب الرابعة بيد المقاومة وليس إسرائيل".
ووفقاً للمحلل السياسي هاني حبيب، فإن "كلا الطرفين (حماس وإسرائيل) يستعد للحرب الجديدة كما لو أنها سوف تندلع غداً، على الرغم من أنهما يؤكدان مجدداً أنهما لا يريدان ذلك".
وقال حبيب: "الوضع الحالي يتحدث عن الحرب أكثر بكثير من الحديث عن هدنة أو تهدئة"، مضيفاً أن "كلا الطرفين يدعو لتجنب التصعيد، ولكن في الوقت نفسه، هما على استعداد، ولا تزال آلة الحرب تعمل حتى في جو من الهدوء المصطنع".
ويرى حبيب أيضاً أن الحرب القادمة لن تكون الأخيرة؛ لأنها لن تشكل تهديداً وجودياً لأي من الطرفين، لافتاً إلى أن "الحرب الرابعة هي مجرد بداية لحروب أخرى قادمة".
وفي ضوء تلك التحليلات والتطورات، يبقى سؤال "متى ستبدأ الحرب على غزة؟ وكيف سيكون شكلها وتأثيرها؟" هو العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة والذي ستحدد جوابَه المتغيرات السياسية والاقتصادية معاً.