وكالات الأنباء والصحف تجدد نفسها من أجل البقاء
دور الهواة الإعلاميين كان أساسيا في تغطية الأحداث الدموية الأخيرة التي تعرضت لها لندن، منذ اللحظات الأولى، عندما قام المهاجم خالد مسعود بدهس المارة على جسر وستمنستر القريب من مبنى البرلمان بوسط لندن. وحتى محطات البث المرئي والمسموع لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي تتمتع بجيش من المراسلين كانت تستجدي في بداية نشراتها الإخبارية من عامة الناس ممن كانوا في المكان، تزويدها بما تم التقاطه من صور وتسجيلات صوتية لكل ما دار لحظة وقوع الحادث، والتي شكلت معظم مادتها الإعلامية الأساسية، وليس ما قام به فقط مراسلوها لاحقا حول القصة.
الصحف التي كانت تتنافس على القصص الاستقصائية، بدأت هي أيضا ترى «في الاتحاد قوة» للوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء، وإضفاء المصداقية أيضا على التغطية، وأحيانا التهرب من القضاء. التعاون بدأ يأخذ مكان التنافس ويقدمه بثوب تنافسي جديد. وهذا ما قامت به صحف مثل «الغارديان» البريطانية، و«نيويورك تايمز» الأميركية، و«ديرشبيغل» الألمانية، و«اللوموند» الفرنسية، و«الباييس» الإسبانية، بخصوص وثائق «ويكيليكس»، ولاحقا بخصوص الوثائق الأميركية التي سربها إدوارد سنودون.
هذا التعاون زاد من مصداقية ما قُدم من مادة إعلامية لهذه الصحف العريقة. كما قامت هذه الصحف بنفس العمل، عندما تعاونت أيضا في نشر «أوراق بنما» حول غسل الأموال والتهرب من الضرائب، مما ساعد بعض الصحف في التلاعب على القضاء، وأعطاها فرصة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء بعيدا عن الرقابة والعقاب القضائي.
وقالت «الغارديان» عندما قررت التعاون مع «نيويورك تايمز» في نشر وثائق سنودون، إن هذا «يتيح لنا نشر ما تم تسريبه بخصوص مركز التنصت البريطاني، دون أن يشكل ذلك لنا مشكلة قانونية».
كما يعمل حاليا كثير من وكالات الأنباء على تعاون مماثل فيما بينها. وقبل أيام أعلنت وكالات «الصحافة الفرنسية»، والإيطالية «أنسا»، والألمانية «د.ب.أ»، عن عزمها في يونيو (حزيران) إطلاق خدمة إخبارية جديدة حول الاتحاد الأوروبي، تحت اسم موقع «يوروبيان داتا نيوز هاب» الإلكتروني للبيانات الصحافية، الذي يؤمّن محتوى مجانيا حول الاتحاد الأوروبي.
وقالت «الصحافة الفرنسية» في بيان، إن «الموقع الذي يتمحور حول الوقائع والأرقام، ويتضمن خصوصا تحقيقات تعتمد على أبحاث إحصائية، سيؤمّن نصوصا بخمس لغات (الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية والإيطالية)، ورسوما بيانية ثابتة وتفاعلية، وفيديو وصورا».
وسيكون هدف الموقع «الاطلاع على القضايا اليومية حول أوروبا وإثارة نقاش حولها»، كما سيقدم استمارات متعلقة بموضوعات محددة يرد عليها مستخدمو الإنترنت. وستوزع «أ.ف.ب» و«أنسا» و«د.ب.أ» مضمونه على خدماتها، بينما يمكن للجمهور ووسائل الإعلام على حد سواء تحميله. كما سيؤمّن الموقع أدوات لاستطلاع ومراقبة القضايا الأوروبية الرئيسية التي يتابعها الموقع، ويمكن أن تستخدمها كل وسائل الإعلام المعنية.
وأوضحت الصحافة الفرنسية أن «الموقع سيتلقى دعما ماليا من المفوضية الأوروبية، لكنه سيتمتع باستقلالية تامة في التحرير». وقال هذا التكتل الإعلامي إنه وبعد إطلاق الموقع، سيدعى خبراء آخرون في المعطيات الصحافية ووكالات أنباء من كل أوروبا، للمشاركة في الموقع والمساهمة فيه.
وسرعان ما أعلنت وكالة «رويترز» للأنباء أواخر الأسبوع، عن إطلاق خاصية لنشر بعض الأخبار والتقارير باسم «باك ستوري» تشرح فيها للقارئ كيف حصل الصحافي على الخبر، وآلية العمل على القصة، إما في صورة شرح للمنهجية، أو سؤال وجواب مع الصحافي.
وقال رئيس تحرير وكالة «رويترز» في بيان، موجها حديثه للقارئ، إن «مبادئ الثقة في ميثاق (رويترز) ووضوحها ومعاييرها التي لا هوادة فيها، أثبتت قيمة لا تقدر بثمن في توجيه صحافيينا على مدى السنوات الـ75 الماضية، وأنها لا تزال تساعدنا على الإبلاغ بصدق ونزاهة في بيئة اليوم الصعبة».
ونشرت «رويترز» تقريرا بعنوان «دونالد ترمب أول 100 يوم»، ونشرت «الباك ستوري» الخاصة به، في تجربتها الأولى لمواكبة موجة التغيير.