الموصل ما بعد "داعش" .. قصص مروعة وأكثر من 15 ألف طفل مفقود

 الموصل ما بعد "داعش" .. قصص مروعة وأكثر من 15 ألف طفل مفقود
الموصل ما بعد "داعش" .. قصص مروعة وأكثر من 15 ألف طفل مفقود

بعد استعادة مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش وعودة الآلاف من سكانها، بقيت القصص المروعة التي مرت بها نساء وأطفال الموصل محفورةً في أذهانهم، وشاهداً على ما عاشه أهالي تلك المدينة من قصص مروعة وآلام طيلة سنوات ثلاث.


أطفال بعمر الزهور ومن تحت ركام المنازل الذي خلفه القصف العشوائي وأزيز الرصاص، وقوانين تنظيم داعش، فتحوا أعينهم على الدنيا ليُكتب لهم عمر جديد أيتاماً لا يعرفون عن ذويهم شيئاً.

- قصص مؤلمة
(أم محمد) مواطِنة من حي الشفاء في جانب الموصل الأيمن، تروي قصة فقدها ابنها، ثم العثور عليه في دار الأيتام بعد مرور 3 أشهر من استعادة المدينة.

وتقول، إن منزلها تم تدميره بالكامل نتيجة القصف المدفعي المتبادل بين القوات العراقية وتنظيم داعش، وأجْلت أطفالها الثلاثة، ولم تستطع إجلاء طفلها الرابع من تحت الأنقاض؛ من شدة القصف، فتركته حرصاً على حياة الباقين.

وأضافت أن لحظاتِ تركِها طفلها الصغير الذي لم يتجاوز الشهرين وهي تسمع بكاءه، أصبحت كابوساً يلاحقها في كل وقت، مبيِّنةً أنه وعقب مرور 3 أشهر من رحلة البحث، عثرت على طفلها في إحدى دور رعاية الأيتام بعد فحص "DNA".

ريام حسن، البالغة من العمر 5 أعوام، هي الأخرى واحدة من بين مئات الأطفال الذين انفصلوا عن ذويهم، حيث يقول والدها في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": "ريام وخلال موجة النزوح المروعة التي شهدها الجانب الأيمن من الموصل، من خلال نهر دجلة بواسطة زوارق بحرية صغيرة باتجاه الجانب الأيسر، ومن شدة هول المعارك، أصيبت ريام بحالة هستيريا ورمت نفسها في نهر دجلة".

وأضاف: "لم يكن باستطاعتي العودة لإنقاذ الطفلة، حيث كان الزورق مزدحماً بالنازحين الفارِّين من جحيم المعارك، كما أني لا أجيد السباحة، فضلاً عن استهدافنا من قِبل عناصر تنظيم داعش".

وأشار حسن إلى أنه "وبعد مرور أكثر من شهرين على استعادة مدينة الموصل، تلقيت اتصالاً هاتفياً من أحد الأصدقاء يُعْلمني خلاله بوجود أطفال مجهولي الهوية في إحدى دور الرعاية. حينها، قررت الذهاب إلى ذلك المكان رغم أني كنت فاقداً الأمل. وفي أثناء تجولي داخل الدار، إذا بريام جالسة في إحدى زوايا الغرفة مع عدد من الأطفال المفقودين؛ فإذا بها تصرخ بأعلى صوتها (بابا.. بابا)، بعد ذلك خررت ساجداً لله شكراً، كما تبنّيت أحد الأطفال استجابةً لرغبة ريام؛ بسبب حبها وتعلّقها بها".

وبيّن أن جنوداً من الشرطة النهرية استطاعوا إنقاذ الطفلة، في اللحظات الأخيرة وإحضارها إلى دار الرعاية.

- دور رعاية ومفقودون بالآلاف
من جهتها، قالت رئيسة قسم المرأة والطفل بديوان محافظة نينوى، سكينة محمد علي، في حديث لمراسل "الخليج أونلاين"، إن دور الأيتام في محافظة نينوى، وبالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة المحلية، تسلّمت منذ انطلاق عمليات استعادة الموصل ولغاية اللحظة، نحو 500 طفل مجهولي الهوية، وتم توزيعهم على عدد من دور الأيتام التابعة للمحافظة والتي أنشئت حديثاً.

وأضافت: "معظم الأطفال لا تتجاوز أعمارهم 6 أعوام، كما أن بينهم أطفالاً حديثي الولادة لا تتجاوز أعمارهم الشهرين، عُثر عليهم في مناطق مختلفة من مدينة الموصل، سُلّم بعضهم إلى ذويهم، في حين لا يزال العشرات منهم مجهولي الهوية، لا أحد يعرف عن ذويهم شيئاً؛ هل هم على قيد الحياة أم قُتلوا خلال المعارك".

وأشارت إلى أن عدد الأطفال المفقودين خلال السنوات الثلاث الماضية، تجاوز 15 ألف مفقود، تتراوح أعمارهم بين شهر و17 عاماً من مختلف مكونات مدينة الموصل؛ سُنةً وشيعةً وشبكاً ومسيحيين وأيزيديين.

بدوره، قال المقدم في جهاز مكافحة الإرهاب عقيل الساعدي، في حديث لمراسل "الخليج أونلاين"، إن الجهاز استطاع انتشال وإنقاذ المئات من الأطفال وتسليمهم إلى الجهات المختصة، ومن بعد ذلك تسليمهم إلى ذويهم.

وأضاف: "إن أغلب الأطفال عُثر عليهم تائهين في الصحاري والطرقات وتحت ركام المنازل، وتم إنقاذهم بمساعدة فرق الدفاع المدني، التي لم تدخر جهداً في إنقاذ حياة هؤلاء الأطفال الذين دفعوا حياتهم وبراءة طفولتهم ثمناً، لا لشيء سوى انتمائهم إلى هذا البلد".

ودعا الساعدي جميع ذوي الأطفال المفقودين وأقاربهم لمراجعة دور الأيتام المخصصة للأطفال مجهولي الهوية، من ضحايا الحرب؛ للتعرف على أبنائهم وتسلُّمهم.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت في العاشر من يوليو استعادة مدينة الموصل بالكامل من سيطرة تنظيم داعش بعملية عسكرية واسعة، بمشاركة الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وآلاف من مليشيا الحشد الشعبي، مسنودةً بغطاء جوي لطيران التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، تخللتها موجات نزوح بشرية مروعة ودمار هائل، حوَّل المدينة إلى مدينة منكوبة، بحسب ما يراه مراقبون.