بالفيديو .. "هآرتس": الاستخبارات .. أخطر أسلحة داعش في سيناء!
نشرت صحيفة "هآرتس" مقالًا للمحلل العسكري عاموس هاريل، يشرح فيه خطورة عملية تنظيم ولاية سيناء الأخيرة، الذي يصفه بأخطر فروع «الدولة الإسلامية» وأشدها تأثيرًا في الوقت الحالي. وينبه أيضًا إلى مهارات التنظيم الاستخباراتية والعسكرية، والتي قد يستخدمها ضد إسرائيل في وقت لاحق.
يشير التقرير في البداية إلى مقطع الفيديو الأخير الذي نشره التنظيم الأسبوع الماضي، ويظهر عمليته الأخيرة التي فجّر فيها مروحية عسكرية تابعة للجيش المصري بصاروخ كورنيت، في مطار العريش الحربي. تسبب التفجير في مقتل ثلاثة هم: أحد الطيارين، وأحد الحراس، ومدير مكتب وزير الدفاع.
يوضح الكاتب أن التفجير لم يكن هجومًا إرهابيًّا؛ بل محاولة اغتيال لوزيري الدفاع والداخلية أثناء زيارتهما المطار، وهي زيارة لم تُعلن قبل حدوثها، ما يوحي بأن «ولاية سيناء» قد حصل على معلومات استخباراتية قبل الهجوم. كما أشار أنها ليست المرة الأولى التي ينجح فيها التنظيم في الهجوم على هدف مؤمن جيدًا، فقد نجح التنظيم -منذ عامين- في تفجير طائرة ركاب روسية تحمل على متنها 224 شخصًا بعد أن أقلعت من مطار شرم الشيخ بوقت قصير، وقتل جميع الركاب.
اتضح بعدها أن أعضاء التنظيم قد تمكنوا من وضع قنبلة ضمن أمتعة الركاب المشحونة على الطائرة، وكان هذا التفجير كافيًا لتدمير السياحة في سيناء، والتي كانت تعتمد اعتمادًا كبيرًا على رحلات الوفود السياحية الروسية.
يظهر الفيديو تصريح المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، والمقطع الذي نشره التنظيم، ومشهد عودة وزيري الدفاع والداخلية للقاهرة بعد استهدافهما.
حقق تنظيم ولاية سيناء سلسلة من النجاحات الدامية مؤخرًا، بحسب الكاتب. ففي كل سنة من السنوات الثلاثة الأخيرة، قتل التنظيم نحو 500 من أفراد الأمن والمدنيين. أما هذا العام، فقد يكون الرقم أعلى بكثير، بعد أن قتل 311 من المصلين في الهجوم على مسجد الروضة الصوفي في شمال سيناء، أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني).
يظهر تحليل هذا الهجوم التخطيط الدقيق له، إذ هاجم عدد كبير -نسبيًّا- من الإرهابيين المسلحين نوافذ وأبواب المسجد، وأطلقوا النار على المصلين من مسافة قريبة. تباهت الحكومة المصرية بعدد الضحايا الكبير بين صفوف الإرهابيين، لكن عدد خسائر التنظيم الحقيقي يبقى غير معروف.
أما أكثر الهجمات لفتًا للانتباه فكانت تلك التي نفذها تنظيم «ولاية سيناء» في السابع من يوليو (تموز)، حين هجم على وحدة عسكرية على بعد 10 كيلومترات من معبر «نيتسانا» الإسرائيلي. تضم الوحدة العسكرية كتيبة مقاتلة، وتقع بالقرب من قرية بدوية. نشر التنظيم مقطع فيديو مفصلًا يوثق الهجوم، وظهرت أجزاء منه في فيديو دعائي أصدره تنظيم الدولة الإسلامية مؤخرًا، يجمع فيه هجماته الإرهابية في بلدان مختلفة خلال عام 2017.
يقول الكاتب إن هذا الهجوم ظهر فيه أسلوب عسكري قوي ومحسوب. بدأ الإرهابيون بوضع عوائق على الطرق المؤدية للوحدة، لتمنع الإمدادات من الوصول إلى المنطقة، ثم فجروا سيارة على بوابة الوحدة، فقتل التفجير عدة أفراد، وأثار ارتباكًا شديدًا، وما إن اختل النظام، حتى هجم العشرات من المسلحين المدججين بالأسلحة الثقيلة على سيارات الدفع الرباعي، ليدخلوا الوحدة ويقتلوا كل من تبقى من الجنود. قتلوا أكثر من 30 جنديًا، منهم قائد الكتيبة.
ونشر الجيش المصري تسجيلًا من شبكة الاتصالات العسكرية، يُسمع فيه صوت قائد الكتيبة وهو يقول إنه لن يستسلم. كان هذا الهجوم يعتمد على معلومات استخباراتية مهمة، كما أظهر أن قادة التنظيم قادرون على السيطرة على قواتهم. عملت المجموعة أيضًا على إنقاذ مصابيها ونقلهم، ما يظهر أنها لم تكن عملية انتحارية. واستمرت هذه العملية ساعتين قبل أن تصل طائرات الجيش المصري ليهرب الإرهابيون.
نُفّذ هذا الهجوم كما يجب، ولم يختلف كثيرًا عن الأساليب العسكرية للجيوش الغربية، من عزل للهدف، ونشر الجنود وتوجيههم، وجمع الاستخبارات، والعملية القتالية المنظمة، وحتى المفاجأة التامة. كان الهجوم كله موثقًا كالعادة، بكاميرات بعيدة وأخرى مثبتة على خوذات الإرهابيين.
يكمل الكاتب بأن تنظيم ولاية سيناء لا يملك عددًا كبيرًا من المقاتلين، إذ تقدر أجهزة استخبارات غربية عددهم بأكثر من الألف قليلًا، ويعتقدون أنهم زادوا بضع مئات خلال العام الماضي بسبب هجرة الهاربين من معارك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق، بعد أن انهارت خلافات داعش في هذه البلدان، وعلى ما يبدو فإن سيناء قد تحولت إلى إحدى الوجهات الرئيسية لمقاتلي داعش المخضرمين. بجانب هؤلاء، هناك بضع مئات من البدو السيناويين، والعشرات من الفلسطينيين الذين انتقلوا من غزة إلى سيناء، وبعض المقاتلين من دول القوقاز. في خضم كل هذا، تشير علامات إلى ظهور جماعة جند الإسلام -فرع القاعدة في سيناء- مجددًا.
هذه السلسلة من الهجمات ستتطلب من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن يركز جهود قواته الانتقامية تجاه معاقل التنظيم، كما يرى الكاتب. سبق وأن أقال السيسي بعض كبار الضباط، كما استبدل رئيس الأركان منذ بضعة أشهر بسبب إخفاقات سابقة، لكن مشكلة النظام المصري ليست في سيناء فقط، فقد ألهم نجاح الجهاديين في سيناء تنظيمات داخل مصر. كما أن حدود مصر مع ليبيا والسودان يسهل اختراقها بدرجة كبيرة، وتهرب منها كميات ضخمة من الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية في مصر.
يشير الكاتب إلى أن إسرائيل أيضًا قد تعاني من مخاطر محتملة، ووفقًا لوسائل إعلام عربية، فإنها تساعد مصر في توفير المعلومات الاستخباراتية، وهجمات الطائرات الزنانة ضد «ولاية سيناء». وقد سمحت إسرائيل بدخول كتائب ذات تسليح كبير، وهو انتهاك -اتفق عليه الطرفان- للملحق الأمني لاتفاقية السلام بين البلدين.
لكن حتى يومنا هذا، لم تبد الجماعات المتطرفة في سيناء أي اهتمام بالأهداف الإسرائيلية، باستثناء الهجوم «الخطير» على عين نتافيم في 2011، ومحاولة فاشلة جنوب كرم شالوم بعدها بعام. أطلقت بعض الصواريخ على إيلات وجنوب النقب من حين إلى آخر، لكن لم يكن هناك أي محاولات لهجوم أكثر قوة. وفي كل الأحول، فإن الدولة الإسرائيلية تستعد لاحتمالية أن تعبر الهجمات -مثل الهجوم على المسجد أو الوحدة العسكرية- الحدود، وقد تكون هناك محاولة تسلل وهجوم على مستوطنة قريبة، مع الاستفادة من المعرفة والخبرة التي كونها تنظيم «ولاية سيناء» في السنوات الأخيرة.