رغم إنفاقها المليارات .. السعودية تتذيّل تصنيف التعليم والصحة

رغم إنفاقها المليارات .. السعودية تتذيّل تصنيف التعليم والصحة
رغم إنفاقها المليارات .. السعودية تتذيّل تصنيف التعليم والصحة

تواصل السعودية نهج الإنفاق الهائل على قطاعي التعليم والصحة، ليحصلا على نحو ثلث موازناتها، على الرغم من استمرار النتائج الضعيفة للقطاعين واحتلالهما مراكز متأخّرة ضمن قوائم التصنيفات العالمية.


وخصّصت المملكة 339 مليار ريال (90.54 مليار دولار) لقطاعي التعليم والصحة في العام 2018، وهو ما يعادل 35% من إجمالي نفقات موازنتها، في ظل عدم وجود خطط إصلاحية وسياسات تطويرية واضحة للقطاعين.

ويضاف إلى النفقات المتوقّعة للعام 2018 نحو 750 مليار دولار أنفقتها المملكة على التعليم والصحة خلال السنوات العشر الأخيرة (2007-2017)، دون أن تمتلك القدرة على تأسيس نظم صحية وتعليمية قوية تملك القدرة على منافسة نظيرتها العالمية.

- نفقات التعليم
وفي تفاصيل تلك الأرقام؛ فقد أنفقت السعودية على قطاع التعليم والقوى العاملة عام 2007، 96.5 مليار ريال، و105 مليارات ريال عام 2008، و122 مليار في 2009، و137.6 ملياراً سنة 2010، وارتفعت النفقات إلى 150 ملياراً في 2011.

وسنة 2012، أنفقت المملكة على قطاع التعليم والقوى العاملة 168 مليار ريال، و204 مليارات عام 2013، و210 مليارات سنة 2014، ليرتفع الرقم عام 2015 ويصل إلى 217 ملياراً، قبل أن ينخفض لـ 200 مليار ريال في 2016، ويعاود الارتفاع بشكل متسارع في عام 2017 ويبلغ 228 مليار ريال.

وبذلك يبلغ مجموع ما أُنفق خلال السنوات العشر الماضية تريليوناً و800 مليار ريال (ما يعادل 500 مليار دولار).

ويُظهر البحث في وجهات إنفاق هذه المبالغ الضخمة أن جزءاً كبيراً منها أُنفق على البعثات الطلابية الخارجية في أمريكا وأوروبا.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة الرياض السعودية، عام 2015، فإن عدد المبتعثين الدارسين في خارج البلاد يبلغ نحو 147 ألف طالب وطالبة.

وفي تقرير لصحيفة الاقتصادية السعودية في ذات العام، قدّرت النفقات السنوية لـ 120 ألف مبتعث بنحو 21.6 مليار ريال (5.76 مليارات دولار).

وفي العام 2011، أعلن وزير المالية السعودي، آنذاك، إبراهيم العساف، أن المملكة أنفقت 6 مليارات دولار في عام واحد على برنامج الابتعاث، مشيراً إلى أن متوسّط تكلفة المبتعث الواحد تُقدّر بـ 25 ألف دولار.

وفي أحدث بيانات تتعلّق بالابتعاث، كشفت هيئة الإحصاء بالسعودية، في تقرير لها نشرته نهاية الشهر الماضي، أن عدد الطلاب المبتعثين إلى الخارج بلغ 170 ألف طالب وطالبة، يبلغ حجم الإنفاق عليهم نحو 15 مليار ريال سنوياً (4 مليارات دولار).

واستناداً إلى أحدث بيانات، فإن المملكة السعودية أنفقت خلال الأعوام العشرة الماضية فقط نحو 40 مليار دولار على برنامج الابتعاث الخارجي.

وفي جانب آخر للإنفاق على قطاع التعليم، قالت الهيئة العامة للإحصاء بالسعودية، في مسحٍ أصدرته يوم 29 يناير الماضي، إن إنفاق الأسر السعودية خلال العام 2017، على التعليم والتدريب يبلغ 21.8 مليار ريال (5.81 مليارات دولار)، بينها 752 مليون ريال (200.53 مليون دولار) للدروس الخصوصية.

وأوضحت الهيئة أن الإنفاق على الرسوم الدراسية بلغ 7.6 مليارات ريال (2.03 مليار دولار)، وملياري ريال (530 مليون دولار) على النقل المدرسي.

وفي موازنتها للعام الحالي، خصّصت السعودية مبلغ 192 مليار ريال (51.20 مليار دولار) لقطاع التعليم.

وتوظّف المملكة أكثر من 500 ألف شخص في قطاع التعليم، يحصلون على رواتب سنوية تبلغ 25.6 مليار دولار.

- مستوى متدنٍّ
وعلى الرغم من كل تلك المليارات التي أنفقتها السعودية على قطاع التعليم، خلال العقد الماضي، فقد صنّفها البنك الدولي في تقريره المتعلّق بجودة التعليم للعام 2018، في المركز الـ 52 عالمياً من بين 140 دولة.

وسبق أن احتلّ طلاب السعودية عام 2007 المركز 43 من أصل 45 دولة، في تصنيف "ماكينزي" الأمريكي، وهو أحد أهم التقارير الدولية التي تُعنى بجودة التعليم ومستوى الطلاب عالمياً في العلوم والرياضيات.

دراسة أخرى نُشرت عام 2016، أعدّتها الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التعليمي (إيا) (تشمل تقييماً دولياً لتعليم الرياضيات والعلوم في العالم)، أظهرت أن طلاب السعودية من الفئة العمرية (9-10 سنوات) حصلوا على الترتيب الـ 45 من أصل 48 دولة، في مادة الرياضيات، والترتيب 46 من أصل 48 دولة في العلوم.

والدراسة الأخيرة نشرتها صحيفة "تليغراف" البريطانية، وصدرت بعد إجراء امتحانات بالعلوم والرياضيات لأكثر من 600 ألف طالب على مستوى العالم.

ولا يقتصر الأمر على مستويات الطلبة السعوديين، فالبحث العلمي في السعودية يحتل أيضاً مراتب متأخّرة بين دول العالم.

وقد حصلت المملكة على المرتبة 55 عالمياً من أصل 100 دولة، في مؤشّر الابتكار العلمي للعام 2017.

وهذا المؤشّر تشارك في إعداده جامعة كورنيل (في ولاية نيويورك الأمريكية)، والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (الإنسياد)، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، وهي إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة.

ومن أصل 40 دولة، احتلّت السعودية المرتبة الـ 32 عالمياً في دعمها للبحوث العلمية، بحسب تصنيف مجلة البحث والتطوير العلمي العالمية، للعام 2016.

وفي تصنيف معهد التعليم العالي التابع لجامعة شنغهاي لجامعات العالم لسنة 2014، الذي يعتمد بشكل رئيسي على أداء البحث العلمي، جاءت جامعة الملك عبد العزيز السعودية في المركز 156 من أصل 500 جامعة، وجامعة الملك سعود في المركز 157، ثم حلّت جامعة العلوم والتكنولوجيا في الرياض في المركز 426، متبوعة مباشرة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، التي حصلت على الترتيب 427.

- الصحة أيضاً
التعليم ليس الوحيد الذي يحظى بنفقات عالية دون نتائج مجدية على الأرض، فالسعودية أنفقت منذ العام 2007 وحتى 2017، نحو 250 مليار دولار على قطاع الصحة، إلا أن ترتيبها العالمي المتعلّق بجودة الصحة ما يزال متأخراً.

وتُظهر بيانات الموازنات الرسمية السعودية للسنوات العشر الماضية، أن المملكة أنفقت على قطاع الصحة عام 2007، 39.5 مليار ريال، وفي 2008 دفعت 44.4 مليار ريال، ووصل الرقم إلى 52.3 مليار عام 2009.

وواصل الإنفاق الصحي في السعودية الارتفاع في 2010 ليصل إلى 61.2، و68.7 في العام 2011، و86.5 في سنة 2012، ليبلغ 100 مليار ريال في 2013، و108 مليارات في العام 2014.

وبعد أن ارتفع حجم الإنفاق على الصحة في 2015، ليصل إلى 160 مليار ريال، انخفض بشكل مفاجئ بـ 2016 إلى 104 مليارات ريال، وعاود الارتفاع بشكل طفيف في 2017، ليصل إلى 120 مليار ريال.

ووفقاً لتقرير أصدرته في مارس الماضي شركة "أردنت أدفايسوري آند أكاونتنغ" الاستشارية (مقرّها الإمارات)، فإن السعودية تستحوذ على نحو 48% من إجمالي إنفاق الحكومات الخليجية على الرعاية الصحية.

وأوضحت الشركة أن القطاع الصحي في السعودية يأتي في المركز الثاني بعد القطاع التعليمي من حيث حجم الإنفاق بالميزانية العامة.

وخصّصت السعودية نحو 13% من إنفاق ميزانياتها العامة لتطوير القطاع الصحي سنوياً، منذ عام 2010 بشكل عام، لكن ذروة ما خصّصته المملكة للإنفاق على القطاع الصحي خلال السنوات الـ 8 الماضية، جاءت في ميزانية 2015 عند 160 مليار ريال ( 42.73 مليار دولار)، أي أكثر من 18% من الإنفاق المتوقّع.

وبحسب تقرير شركة "أدرينت"، فقد نما عدد المستشفيات في السعودية بنحو 15% بين عامي 2008 و2014، ليبلغ بنهاية عام 2014، 312 مستشفى، في حين بلغ عدد المستشفيات الخاصة 141 مستشفى.

كما تضاعف حجم الإنفاق على قطاع الرعاية الصحية لكل فرد بالمملكة من 1400 ريال (نحو 373 دولاراً) في عام 2000، إلى 2.800 ريال (نحو 747.82 دولاراً) في عام 2013، بمعدل نموّ سنوي قدره 6.4%.

- نتائج غير مرضية
وعند مقارنة نتائج تلك النفقات والإمكانيات الكبيرة بمستويات الصحة على مستوى العالم يظهر أنها لم تحقّق الجدوى المطلوبة؛ فالسعودية احتلّت في العام 2017 المركز الـ 45 عالمياً من أصل 150 دولة، في المؤشّر الفرعي لأفضل الأنظمة الصحية في العالم، الصادر عن معهد "لجاتوم" الدولي.

كما أن المملكة، بحسب ذات المؤشر، جاءت في المركز الأخير بين الدول الخليجية رغم أنها تستحوذ على 48% من إجمالي الإنفاق على القطاع الصحي لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة.

وفي مؤشر آخر صدر نهاية العام 2015، لم يكن وضع السعودية أفضل حالاً، فقد أظهر تصنيف وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية للدول الأكثر صحة في العالم احتلال المملكة للمركز الـ 72 على مستوى العالم من بين 145 دولة، وسبقتها في ذات التصنيف مصر بالمرتبة الـ 63، والمغرب بالمركز الـ 65، والأردن الذي احتلّ التصنيف الـ 66.

واعتمدت "بلومبيرغ" في تصنيفها على معطیات من البنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمیة، والأمم المتحدة.

وتعكس هذه التصنيفات الدولية، سواء المتعلقة بالصحة أو التعليم، واقعاً سيّئاً تعيشه السعودية؛ فمئات المليارات من الدولارات تُنفق بلا جدوى حقيقية، ما يطرح احتمالات حول وجود فساد يتسبّب بإهدار كل هذه الأموال.